-A +A
خالد السليمان
نجح الأمير محمد بن سلمان في بدء إصلاحات جريئة، ورسم خريطة طريق مستقبلية واثبة فشلت في تحقيقها دول عديدة في المنطقة بما فيها دول تملك تجارب برلمانية طويلة أتاحت فرصة المشاركة الشعبية في صناعة القرار، مما يؤكد أن نجاح المشاركة الانتخابية في صناعة القرار رهن بالوعي الديموقراطي للمجتمع! وبقدر ما أسعدني حراك التغيير والإصلاح الذي يقوده الأمير الشاب، بقدر ما أحزنني أن يرتبط هذا الحراك بالمبادرة الشخصية بدلا من أن يكون نتاج عمل مؤسسي وثقافة إصلاحية تنتج من المجتمع نفسه بشقيه المؤسسي والشعبي، فغياب المبادرة الشخصية الجادة ربما فسر فشل تجارب بعض الدول الخليجية والعربية في استثمار تجاربها الديموقراطية والبرلمانية في بناء العمل المؤسسي وتكوين الوعي الاجتماعي، لكنه لا يبرر أن يستسلم المجتمع لواقعه دون أن يسعى لإصلاح نفسه وتغيير ما بنفسه حتى يغير الله ما به منتظرا مبادرة شخصية من حاكم صالح ليصنع التغيير، فماذا لو لم يأت هذا الحاكم الصالح أو جاء وخلفه حاكم أقل صلاحا، فهل ستستسلم المجتمعات لواقع فسادها، وجهلها، وصراعها مع مشكلاتها، ومنح السلطة مهمة التفكير بالنيابة عنها وتقرير صالحها، حتى أصبحت الحكومة أحيانا تتقدم بخطوات على المجتمع في اتخاذ قرارات تنموية وتقدمية مصيرية يقاومها المجتمع قبل أن يدرك أهميتها ويستوعب حاجته لها؟! من هنا أؤكد على ما ذكرته في مقال الأمس أن الضمانة الحقيقية لديمومة الإصلاحات وتحقيق الإنجازات هو تحصين العمل المؤسسي وبناء الوعي المجتمعي به ليكون قلبه النابض وجسده الحامي، لذلك أعتبر أن أعظم إنجاز يمكن أن يخلده التاريخ لعهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ويحققه أمير الشباب محمد بن سلمان هو بناء دولة المؤسسات وتأهيل الإنسان الواعي الذي يحصن عملها ليتم التحول الفعلي وتتحق الرؤية الواضحة، هذا هو التحدي الحقيقي الذي نواجهه، والهدف الأسمى الذي نبلغه!

K_Alsuliman@


jehat5@yahoo.com