-A +A
عبده خال
علينا الاعتراف أن الفساد تمدد ليصل إلى الأفراد أنفسهم الذين تفانوا بإدخاله في مناحي الحياة ومناشطها..

فأينما تتجه ثمة فساد، ولأن تمدده شمل كل الاتجاهات كان من الحيلولة محاصرته بمرفق واحد ووحيد في وزارة التجارة (حماية المستهلك)؛ ولأن الفساد لا يحمل قيمة أخلاقية تردعه فقد وجد في وسيلة الدعاية منفذا وداعما لتكاثره.


ووسيلة الدعاية لم تكن عليها أي عين رقيبة (حتى لو كانت عين عمشا)، فتم تزيين كل السلع الزائفة والمزيفة، وأمتلأ السوق بكل أنواع الزيف، علمنا بهذا، واشتكينا، وكتبنا إلا أن الفساد كان سائلا يجري.. فأصابنا بالعطب.

يوم أمس نشرت جريدة الوطن لقاءً مع استشاري طب الأورام والعلاج الإشعاعي رئيس جمعية السرطان سابقا الدكتور عصام مرشد، ليكشف عن جحر جديد تتكاثر فيه دويبات الفساد من خلال ما تسببه الدعاية الترويجية للفحوصات والتحاليل الشاملة التي تقوم بها المختبرات الخاصة من خداع يمس الحياة الصحية للفرد، مدعية أنها قادرة على اكتشاف أمراض في طورها الأول، بينما هي تجري فحوصات كاذبة لا تحمل حقيقة ما تعلن عنه من تحاليل شاملة يمكنها كشف جميع الأمراض بدءا من الفحوصات الروتينية وصولا إلى إمكانية الكشف المبكر عن أمراض السرطان عن طريق الدم وهذا دجل وخداع (كما وصفه المرشد)؛ لأنه لا يوجد فحص للكشف عن السرطان سوى البروستات، وهو أيضا مثار جدل علمي حول جدواه.

الكارثة أن هناك جهة مشاركة في تعميم ذلك الفساد والغش، ويحدث ذلك حينما تقوم مختبرات الفساد بالتنسيق مع شركات الاتصالات التي تقوم بنشر الكذب والتدليس من خلال إرسال رسائل نصية لكل مستخدمي شبكاتها مقابل الحصول على نسبة مالية معينة تذهب إلى شركات الاتصال.

ويبدو أن هيئة الاتصالات نائمة على طول (كما وصفتها في إحدى المقالات السابقة)، فشركات الاتصالات تلعب (بحسبتنا) في كل شيء آمنة من أي عقوبة، والمضحك أن الهيئة تميل لمساندة الشركات في أي دعوى تقام ضدها، مضحية بالعميل، تاركة له الخيار في ذب الأذى عن نفسه كما يشاء.

هذا هو حال جهتين كل منهما (تزبط) الأخرى، والضحية أنا وأنت وهي وهو، ومن لديه الرغبة في التشكي أنصحه أن يذب الذباب عن وجهه وينسى.