-A +A
أريج الجهني
أعذب من الأُمنيات.. عالم مِن الأُغنيات.. يا أجملَ الشِعر البَديع.. مِن آخره لين أوله؛ عبدالرحمن بن مساعد في رائعته «مذهله» يرسم لوحة فنية ملهمة لمحبوبته، كذلك هي المرأة السعودية قد تكون من أكثر النساء حظا بالعاطفة والغزل من تاريخ الجاهلية حتى العصر الحالي، المرأة التي نقرأها في شعر ابن مساعد وبدر بن عبدالمحسن وخالد الفيصل هي التي نراها في حياتنا كل يوم، هي الأم الرؤوم والأخت الحنون والزوجة المضحية ذات العطاء الممتد.

في الجانب الآخر، هنالك الخطابات القاتمة ضدها والأيدي المجهولة الممتدة ضد مسيرتها، في حين أن الغرب لديهم مصطلح «ميسوجوني» وهو كراهية النساء، فنحن لم نضطر حتى الآن لأن نستخدمه ولا أتمنى ذلك، لكن لماذا تثار حفيظة الشارع السعودي في السوشيال ميديا عند ذكر مصطلح «النسوية» وتثور ثائرتهم من وصف «حقوقية» حتى أسموهم بالحكوكيات؟ وجواري كوهين؟، الأهم من ذلك هل ما يطرح هناك يمثل الرأي السعودي؟ الحقيقة تقول لا! فلا يخفى الآن وجود جيوش إلكترونية مدفوعة الثمن للحط من قيمة المجتمع السعودي المتحاب في حقيقته ولأهداف لا تخفى على عاقل.


النسوية كفكرة ليست عداء للرجل، والمرأة الحقوقية ليست كارهة لهم، البعض يقولون إن النسويات يدعون للتحرر والانحلال! وهذا الإسقاط ينافي فحوى خطاب الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز أيده الله، المستهل لأعمال مجلس الشورى والذي حذر فيه من وصف الاعتدال بالانحلال، فالنسوية كحركة عالمية ليست في أصلها مضادة للإسلام والأسرة كما ادعت بعض المراجع العربية ذلك للأسف! نعم قد تتنافى بعض أهداف أجنحتها السياسية مع قيمنا ونرفضها بالطبع رفضا قاطعا، لكن الحركة النسوية عبر التاريخ من عام 1960 ميلادية حتى الآن تضمنت عدة اتجاهات ومسارات ما بين الليبرالية والراديكالية ونسوية النساء السمر والطبقية، إذا فهي مدارس اختلفت في توجهاتها وأهدافها فليس من المنطق حصرها فقط في الدعوة إلى التحرر والانحلال!.

ثم هل من المعقول أن توصف التحركات المهتمة بالمرأة بأقذع الأوصاف، فقط لشبهة معرفية؟ ولو تكلفوا بالقراءة عنها من مراجع علمية لكفتهم، وكيف نهاجم هذه التحركات ومجتمعنا أساسه القيمي والديني يجعل المرأة ملكة متوجة، بل النصوص والممارسات التاريخية في صدر الإسلام وحتـى في عهد ملوكنا العظماء، تعطي المرأة «الصوت والرأي والتمكين»، نعم لقد حان الوقت لأن نتوقف عن تمرير كل من يتهجم على النساء، سواء لكينونتهن أو لمطالباتهن بالتمكين والاستقرار، وبالمناسبة فإن انتقاص المرأة قضية دخيلة على مجتمع الجزيرة العربية جاءت كانعكاس لمدرسة «حريم السلطان» وتشيء النساء وتحويلهن لمتاع ! يباع ويشترى وتطمس هويته ويلغى كيانه.

على غرار الحراك النسوي العالمي كانت المرأة السعودية تعمل بصمت وإخلاص وتفان وما زالت، ما نحتاجه الآن هو توثيق هذا الحراك النسوي السعودي المشرف، الذي يضع القيم والاعتدال على رأس أجندته، رغم كل الخطابات الشرسة التي تطال فتياته ونساءه والباحثات منهن، نعم نحن بحاجة لأن نعتذر لكل من تعرضت لسوء وتشكيك بسبب صمتنا وبسبب غياب تخصص «دراسات المرأة» في التعليم العالي ورصد واقعها الذي يحمل بشائر الخير والسعادة مع قيادة عادلة حكيمة، أزاحت بقوة القانون كل هذه الترهات من طريق المرأة السعودية «المذهلة» التي يحبها زوجها ويفتخر بها ولدها وتبرها ابنتها.

* أكاديمية في جامعة الملك سعود

amaljuhani@ksu.edu.sa