هذا ليس مقالاً في الرياضة؛ إنه في فقه الرياضة، ثقافة الرياضة وكيف يمكن الخروج بها من مشهد اللعبة والحدث الرياضي إلى استثمار كل أبعادها وتحويلها إلى مشروع ثقافي اجتماعي متكامل.
(أخطر من التعليم) هكذا وصف أحدهم حجم التأثير الطاغي للرياضة في بناء الوعي والذوق العام.
لنتفق على أن ثمة معادلة اسمها العملية التعليمية ولها أطراف تتبادل عمليات التأثير والتأثر وترتبط بكل شرائح المجتمع، وتقوم بها مؤسسة تشرف على كل ذلك وتوجهه بما يثمر تنمية واستقرارا ومدنية.
في الرياضة كل أطراف المعادلة قائمة لكن فيما مضى لم تكن المؤسسة الرياضية مؤثرة في بناء الوعي الرياضي ولا في توجيهه بما يثمر كذلك تنمية وتطورا ومدنية.
ظلت المؤسسة الرياضية تركز على الجوانب التقنية الفنية كالملاعب وتنظيمات الدوري والتركيز على الألعاب الجماهيرية، والقضايا التي تنتج عن تفاعل الوسط الرياضي ولم تكن تركز على بناء الأطر والتنظيمات التي تدير ذلك التفاعل في الوسط الرياضي وتضبط أداءه، وبالتالي تضبط مخرجاته.
هنا كانت تكمن الإشكالية الكبرى؛ الوسط الرياضي يتفاعل دون إدارة من الجهة المعنية، وتفاعله ذلك ينتج قضايا تؤثر في الوعي العام وتجعله أحاديا إقصائيا وليس متعصبا وفق أشكال التعصب الرياضي المطلوبة والمهمة.
لقد ظلت مؤسسة الرياضة مشغولة بالكامل بالقضايا الناتجة عن تفاعل الوسط الرياضي دون تركيز على الجمهور (المستهلك) الذي يمثل العنصر الأهم في العملية الرياضية، وهو المعني بها، وهو الذي يمكن من خلاله استثمار الرياضة لتكون عامل بناء ووعي وتنمية.
اليوم في الرياضة السعودية تنظيمات جديدة تضبط الأداء الرياضي لجعله أكثر احترافية ومدنية أيضا، وأتصور أن الخطوة المهمة الأولى التي بدأتها هيئة الرياضة منذ أن تسلم إدارتها المستشار تركي آل الشيخ تلك المتعلقة بالإعلام الرياضي، لا بتقييده أو تقليص مساحته، بل بإعادة توجيهه نحو دور أكثر فاعلية، وإخراجه من حالة التراشق والتعليقات اللاذعة، التي ما تلبث أن تتسرب إلى الشارع وتصبح جزءا من قاموسه. جحفلة، طواقي، تسحيب، ضفادع، كلها مفردات انتقلت من الوسط الرياضي إلى الفضاء العام، وأصبحت جزءا من اللغة اليومية، أخذها الشارع المتأثر بذلك الوسط والمتعلق به وأعاد تدويرها في لغته اليومية.
أول مرة تشهد الرياضة السعودية إشراكا حقيقيا للجمهور وتحمله جزءا من المسؤولية التي ستسهم في تغيير سلوكه الرياضي من خلال حملة ادعم ناديك، التحول الكبير الذي تطرحه هذه المبادرة يكمن في تحويل المتابع والمشجع إلى شريك، وتجعل دوره متجاوزا للنقاشات في الاستراحات والمجالس عن أهمية ناديه وتميزه واتهام الحكام بالتحيز ضد فريقه في الدوري وغيرها من المواقف التي كان يرى بها تجسيدا لمحبته ومناصرته لفريقه؛ المناصرة والتشجيع باتت تحمل شكلا مختلفا اليوم، وحتى لو لم تنتج تلك المبادرة أموالا طائلة للأندية إلا أنها تحمل تحولا خطيرا في ثقافة التشجيع الكروي.
بينما ظلت الرياضة السعودية تدور قضاياها حول الأحداث اليومية للمباريات والنقاشات البسيطة والسخرية المتبادلة وغارقة في قضايا الماضي والأمجاد وتوثيق البطولات وغيرها من القضايا التي لا تطور الواقع، وفي حالة تناس للجمهور وتحويله لمجرد مستهلك، هي اليوم تستأنف واقعا جديدا حقا، يؤسس لرياضة تنموية حضارية، وما تابعناه على شاشة روتانا خليجية مساء الإثنين الماضي في برنامج كورة يجسد أدوات ذلك التحول وقيمه الفعلية، في لغة عالية وجديدة في الوسط الريعي تحدث الرئيس وتحدث اللاعبون والإعلاميون وانتهى اللقاء ليمثل تأسيسا لتلك اللغة الجديدة والوعي الجديد.
لم تعد الرياضة اليوم مباريات وأهدافاً ونقاشات إعلامية، إنها جزء محوري وأساسي من التنمية والوعي، وانعكاس للأداء العام ولثقافة الشارع وتحولاته، وهي أحد عوامل بناء ذلك التحول.
yameer33@hotmail.com
(أخطر من التعليم) هكذا وصف أحدهم حجم التأثير الطاغي للرياضة في بناء الوعي والذوق العام.
لنتفق على أن ثمة معادلة اسمها العملية التعليمية ولها أطراف تتبادل عمليات التأثير والتأثر وترتبط بكل شرائح المجتمع، وتقوم بها مؤسسة تشرف على كل ذلك وتوجهه بما يثمر تنمية واستقرارا ومدنية.
في الرياضة كل أطراف المعادلة قائمة لكن فيما مضى لم تكن المؤسسة الرياضية مؤثرة في بناء الوعي الرياضي ولا في توجيهه بما يثمر كذلك تنمية وتطورا ومدنية.
ظلت المؤسسة الرياضية تركز على الجوانب التقنية الفنية كالملاعب وتنظيمات الدوري والتركيز على الألعاب الجماهيرية، والقضايا التي تنتج عن تفاعل الوسط الرياضي ولم تكن تركز على بناء الأطر والتنظيمات التي تدير ذلك التفاعل في الوسط الرياضي وتضبط أداءه، وبالتالي تضبط مخرجاته.
هنا كانت تكمن الإشكالية الكبرى؛ الوسط الرياضي يتفاعل دون إدارة من الجهة المعنية، وتفاعله ذلك ينتج قضايا تؤثر في الوعي العام وتجعله أحاديا إقصائيا وليس متعصبا وفق أشكال التعصب الرياضي المطلوبة والمهمة.
لقد ظلت مؤسسة الرياضة مشغولة بالكامل بالقضايا الناتجة عن تفاعل الوسط الرياضي دون تركيز على الجمهور (المستهلك) الذي يمثل العنصر الأهم في العملية الرياضية، وهو المعني بها، وهو الذي يمكن من خلاله استثمار الرياضة لتكون عامل بناء ووعي وتنمية.
اليوم في الرياضة السعودية تنظيمات جديدة تضبط الأداء الرياضي لجعله أكثر احترافية ومدنية أيضا، وأتصور أن الخطوة المهمة الأولى التي بدأتها هيئة الرياضة منذ أن تسلم إدارتها المستشار تركي آل الشيخ تلك المتعلقة بالإعلام الرياضي، لا بتقييده أو تقليص مساحته، بل بإعادة توجيهه نحو دور أكثر فاعلية، وإخراجه من حالة التراشق والتعليقات اللاذعة، التي ما تلبث أن تتسرب إلى الشارع وتصبح جزءا من قاموسه. جحفلة، طواقي، تسحيب، ضفادع، كلها مفردات انتقلت من الوسط الرياضي إلى الفضاء العام، وأصبحت جزءا من اللغة اليومية، أخذها الشارع المتأثر بذلك الوسط والمتعلق به وأعاد تدويرها في لغته اليومية.
أول مرة تشهد الرياضة السعودية إشراكا حقيقيا للجمهور وتحمله جزءا من المسؤولية التي ستسهم في تغيير سلوكه الرياضي من خلال حملة ادعم ناديك، التحول الكبير الذي تطرحه هذه المبادرة يكمن في تحويل المتابع والمشجع إلى شريك، وتجعل دوره متجاوزا للنقاشات في الاستراحات والمجالس عن أهمية ناديه وتميزه واتهام الحكام بالتحيز ضد فريقه في الدوري وغيرها من المواقف التي كان يرى بها تجسيدا لمحبته ومناصرته لفريقه؛ المناصرة والتشجيع باتت تحمل شكلا مختلفا اليوم، وحتى لو لم تنتج تلك المبادرة أموالا طائلة للأندية إلا أنها تحمل تحولا خطيرا في ثقافة التشجيع الكروي.
بينما ظلت الرياضة السعودية تدور قضاياها حول الأحداث اليومية للمباريات والنقاشات البسيطة والسخرية المتبادلة وغارقة في قضايا الماضي والأمجاد وتوثيق البطولات وغيرها من القضايا التي لا تطور الواقع، وفي حالة تناس للجمهور وتحويله لمجرد مستهلك، هي اليوم تستأنف واقعا جديدا حقا، يؤسس لرياضة تنموية حضارية، وما تابعناه على شاشة روتانا خليجية مساء الإثنين الماضي في برنامج كورة يجسد أدوات ذلك التحول وقيمه الفعلية، في لغة عالية وجديدة في الوسط الريعي تحدث الرئيس وتحدث اللاعبون والإعلاميون وانتهى اللقاء ليمثل تأسيسا لتلك اللغة الجديدة والوعي الجديد.
لم تعد الرياضة اليوم مباريات وأهدافاً ونقاشات إعلامية، إنها جزء محوري وأساسي من التنمية والوعي، وانعكاس للأداء العام ولثقافة الشارع وتحولاته، وهي أحد عوامل بناء ذلك التحول.
yameer33@hotmail.com