جحدونا.. أنكرونا.. وأصبحوا «خناجر» في يد خصومنا !
لطالما تساءل كثيرون.. بقدر كبير من الحيرة.. لماذا عندما يغادرنا «بعض» إخواننا العرب بعد سنوات من العمل في بلادنا، وخصوصا من كان يعمل منهم في مؤسساتنا الإعلامية، يتحولون إلى أعداء لنا، وينشطون في وسائل الإعلام بالتعريض بالسعودية، كل السعودية، أرضا وقيادة وشعبا، وتصبح الإساءة لنا والتهجم علينا، وتشويهنا، قضيتهم الأولى وشغلهم الشاغل، ويستحيلون إلى أبواق بيد كل خصومنا.
لم يكن الفلسطيني عبدالباري عطوان أولهم، ولن يكون العراقي نجاح محمد آخرهم، وبينهم قائمة طويلة من الأسماء التي كان لهذه البلاد فضل كبير عليهم، لكنهم بقدرة «غادر» تنكروا لها، وجحدوا فضلها، وتحولوا إلى خناجر مغروسة في ظهرها.
واستطرادا في التساؤلات: هل المشكلة عندنا أم عندهم؟ وهل العلاقة والتعاطي معهم خلال فترة عملهم أو عند إنهاء العلاقة معهم سبب في أن يتحولوا إلى خصوم لنا وأدوات في يد أعدائنا؟
ومع عدم تبرئتهم، وعدم الدفاع عنهم، وعن جحودهم وقلة وفائهم، وعدم إغفال استرزاقهم، فإننا بلا شك نتحمل قدرا من المسؤولية، ففي حالات كثيرة فقدنا وخسرنا صداقة بعضهم بسبب أننا لم نهتم بهم بالقدر الذي يستحقونه، أو على الأقل هم يرون أنهم جديرون به، وكانت الأخطاء التي ارتكبتها بعض المؤسسات الإعلامية السعودية بحقهم عند إنهاء العلاقة معهم سببا في خروجهم ناقمين ليس على هذه المؤسسات الإعلامية فقط، بل وحتى على السعودية، وزرعت في نفوسهم حقدا مزمنا غير مبرر علينا.
أعلم جيدا أن بلادنا باتت تمتلك آلة إعلامية قوية ومؤثرة، وهي لا تحتاج إلى هؤلاء، ولا إلى دفاعهم عنا، كما أنها، وهي التي جربت على مدى عقود طويلة كل أشكال الحملات الإعلامية، منذ إعلام جمال عبدالناصر الضارب، مرورا بإعلام المهجر المستأجر من بعض الأنظمة العربية، وإعلام صدام حسين، والخميني، والقذافي وليس انتهاء بإعلام تنظيم الحمدين في قطر، بواسطة ذراعهم الإعلامية الجزيرة، لم تعد تتأثر بهذه الحملات، وجبهتها الداخلية أصبحت محصنة إلى حد بعيد ضدها، بل أصبح المواطن السعودي على وعي كامل بالأسباب والدوافع التي تقف وراء الحملات الإعلامية المستمرة ضد بلادنا، ولهذا تجده وبمبادرة شخصية، يقف في وسائل التواصل الاجتماعي بوجه هذه الحملات ومن يحركها، مدافعا ومنافحا بحماسة تثير الإعجاب عن بلاده وقيادتها ومواقفها وسياستها.
لكن هذا الواقع ليس مبررا لأن نخسر أحدا، خصوصا أن من نخسره من الإعلاميين والشخصيات المؤثرة، يتلقفه خصومنا، ويصبح ترسا مهما في آلتهم الإعلامية، كما هو الحال بالنسبة لعطوان وقرداحي ونجاح وغيرهم من الذين يقفون الآن كرأس حربة ضدنا في الآلة الإعلامية التابعة للمحور الإيراني المعادي.
وهذا يقودني إلى محور آخر من هذه القضية، وهي علاقتنا بأصدقائنا الإعلاميين العرب ممن يحبون بلادنا ويدافعون عنها بإخلاص وصدق، لكننا لا نقابلهم بما يستحقونه من اهتمام وعناية وتقدير، فعلى سبيل المثال «أيضا» ظهر أخيرا الكاتب الكويتي عايد المناع في برنامج الاتجاه المعاكس، ودافع بقوة عن بلادنا وقيادتها وسياساتها ومواقفها في وجه محاور لبناني شرس وحاقد، ونجح عايد المناع أن يكون الأكثر إقناعا للمشاهد بما طرحه من حجج وبراهين وأدلة بأسلوب غاية في البساطة والوضوح، وكانت له الغلبة، وعلى نحو لا يستطيع أكثر المفكرين والكتاب السعوديين أن يفعلوا، ومع هذا لا يجد المناع من المؤسسات الإعلامية والثقافية والرسمية الاهتمام الكافي الذي يعبر عن مدى تقديرنا له ولمواقفه، ونادرا ما يدعى للمناسبات التي تقام في بلادنا، في وقت تتهافت الدول الأخرى على اصطناع المناسبات فقط من أجل أن توجه الدعوات للمفكرين والإعلاميين والشخصيات المؤثرة بهدف كسب صداقاتهم أو الاحتفاظ بها وتعزيزها.
والمناع ليس وحده من أصدقاء المملكة العرب والأجانب الذي لا يجد ما يستحقه من اهتمام وعناية وتقدير، وأعتقد أن دور وزارة الثقافة والإعلام تعزيز العلاقة مع كل الشخصيات والمفكرين والكتاب والإعلاميين وتعميق قنوات التواصل معهم، فنحن بحاجة أن نجعلهم يشعرون بشكل واضح أن هذه البلاد وفية مع كل من يفي معها، وأنها تقابل كل مواقفهم بالتقدير والامتنان والعرفان، وهذا غير أنه واجب وضروري، فهو يساهم في الحفاظ على هؤلاء الأصدقاء في صفنا، ويمنع أعداءنا من استمالتهم إلى صفوفهم.
ومن المهم القول هنا، إن جزءا من المواجهة الحاصلة بالمنطقة، هو إعلامي، والمواجهة الإعلامية التي تدور رحاها في مختلف وسائل الإعلام بيننا وبين خصومنا وإعدائنا، لا تقل أهمية عن المواجهة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، ويجدر بنا أن نكسبها كلها.
salehalfahid@
لطالما تساءل كثيرون.. بقدر كبير من الحيرة.. لماذا عندما يغادرنا «بعض» إخواننا العرب بعد سنوات من العمل في بلادنا، وخصوصا من كان يعمل منهم في مؤسساتنا الإعلامية، يتحولون إلى أعداء لنا، وينشطون في وسائل الإعلام بالتعريض بالسعودية، كل السعودية، أرضا وقيادة وشعبا، وتصبح الإساءة لنا والتهجم علينا، وتشويهنا، قضيتهم الأولى وشغلهم الشاغل، ويستحيلون إلى أبواق بيد كل خصومنا.
لم يكن الفلسطيني عبدالباري عطوان أولهم، ولن يكون العراقي نجاح محمد آخرهم، وبينهم قائمة طويلة من الأسماء التي كان لهذه البلاد فضل كبير عليهم، لكنهم بقدرة «غادر» تنكروا لها، وجحدوا فضلها، وتحولوا إلى خناجر مغروسة في ظهرها.
واستطرادا في التساؤلات: هل المشكلة عندنا أم عندهم؟ وهل العلاقة والتعاطي معهم خلال فترة عملهم أو عند إنهاء العلاقة معهم سبب في أن يتحولوا إلى خصوم لنا وأدوات في يد أعدائنا؟
ومع عدم تبرئتهم، وعدم الدفاع عنهم، وعن جحودهم وقلة وفائهم، وعدم إغفال استرزاقهم، فإننا بلا شك نتحمل قدرا من المسؤولية، ففي حالات كثيرة فقدنا وخسرنا صداقة بعضهم بسبب أننا لم نهتم بهم بالقدر الذي يستحقونه، أو على الأقل هم يرون أنهم جديرون به، وكانت الأخطاء التي ارتكبتها بعض المؤسسات الإعلامية السعودية بحقهم عند إنهاء العلاقة معهم سببا في خروجهم ناقمين ليس على هذه المؤسسات الإعلامية فقط، بل وحتى على السعودية، وزرعت في نفوسهم حقدا مزمنا غير مبرر علينا.
أعلم جيدا أن بلادنا باتت تمتلك آلة إعلامية قوية ومؤثرة، وهي لا تحتاج إلى هؤلاء، ولا إلى دفاعهم عنا، كما أنها، وهي التي جربت على مدى عقود طويلة كل أشكال الحملات الإعلامية، منذ إعلام جمال عبدالناصر الضارب، مرورا بإعلام المهجر المستأجر من بعض الأنظمة العربية، وإعلام صدام حسين، والخميني، والقذافي وليس انتهاء بإعلام تنظيم الحمدين في قطر، بواسطة ذراعهم الإعلامية الجزيرة، لم تعد تتأثر بهذه الحملات، وجبهتها الداخلية أصبحت محصنة إلى حد بعيد ضدها، بل أصبح المواطن السعودي على وعي كامل بالأسباب والدوافع التي تقف وراء الحملات الإعلامية المستمرة ضد بلادنا، ولهذا تجده وبمبادرة شخصية، يقف في وسائل التواصل الاجتماعي بوجه هذه الحملات ومن يحركها، مدافعا ومنافحا بحماسة تثير الإعجاب عن بلاده وقيادتها ومواقفها وسياستها.
لكن هذا الواقع ليس مبررا لأن نخسر أحدا، خصوصا أن من نخسره من الإعلاميين والشخصيات المؤثرة، يتلقفه خصومنا، ويصبح ترسا مهما في آلتهم الإعلامية، كما هو الحال بالنسبة لعطوان وقرداحي ونجاح وغيرهم من الذين يقفون الآن كرأس حربة ضدنا في الآلة الإعلامية التابعة للمحور الإيراني المعادي.
وهذا يقودني إلى محور آخر من هذه القضية، وهي علاقتنا بأصدقائنا الإعلاميين العرب ممن يحبون بلادنا ويدافعون عنها بإخلاص وصدق، لكننا لا نقابلهم بما يستحقونه من اهتمام وعناية وتقدير، فعلى سبيل المثال «أيضا» ظهر أخيرا الكاتب الكويتي عايد المناع في برنامج الاتجاه المعاكس، ودافع بقوة عن بلادنا وقيادتها وسياساتها ومواقفها في وجه محاور لبناني شرس وحاقد، ونجح عايد المناع أن يكون الأكثر إقناعا للمشاهد بما طرحه من حجج وبراهين وأدلة بأسلوب غاية في البساطة والوضوح، وكانت له الغلبة، وعلى نحو لا يستطيع أكثر المفكرين والكتاب السعوديين أن يفعلوا، ومع هذا لا يجد المناع من المؤسسات الإعلامية والثقافية والرسمية الاهتمام الكافي الذي يعبر عن مدى تقديرنا له ولمواقفه، ونادرا ما يدعى للمناسبات التي تقام في بلادنا، في وقت تتهافت الدول الأخرى على اصطناع المناسبات فقط من أجل أن توجه الدعوات للمفكرين والإعلاميين والشخصيات المؤثرة بهدف كسب صداقاتهم أو الاحتفاظ بها وتعزيزها.
والمناع ليس وحده من أصدقاء المملكة العرب والأجانب الذي لا يجد ما يستحقه من اهتمام وعناية وتقدير، وأعتقد أن دور وزارة الثقافة والإعلام تعزيز العلاقة مع كل الشخصيات والمفكرين والكتاب والإعلاميين وتعميق قنوات التواصل معهم، فنحن بحاجة أن نجعلهم يشعرون بشكل واضح أن هذه البلاد وفية مع كل من يفي معها، وأنها تقابل كل مواقفهم بالتقدير والامتنان والعرفان، وهذا غير أنه واجب وضروري، فهو يساهم في الحفاظ على هؤلاء الأصدقاء في صفنا، ويمنع أعداءنا من استمالتهم إلى صفوفهم.
ومن المهم القول هنا، إن جزءا من المواجهة الحاصلة بالمنطقة، هو إعلامي، والمواجهة الإعلامية التي تدور رحاها في مختلف وسائل الإعلام بيننا وبين خصومنا وإعدائنا، لا تقل أهمية عن المواجهة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، ويجدر بنا أن نكسبها كلها.
salehalfahid@