-A +A
سعيد السريحي
لا يتوقف الدور الذي من المتوخى أن يلعبه قرار منح تأشيرات سياحية للأجانب تمكنهم من زيارة المملكة عند حدود دعم الاقتصاد الوطني بما سوف تشكله تلك السياحة من دخل، كما لا يتوقف دورها عند حدود تعريف العالم بالمملكة ماضيا من خلال آثارها التاريخية، وحاضرا من خلال منجزاتها التنموية، بعد أن ظلت المملكة عقودا طويلة كوكبا مجهولا وبلدا يكاد يكون مغلقا على نفسه، لأسباب لم يكن بعضها مبررا ولأسباب أخرى لم تعد موجودة.

لا يتوقف دور السياحة عند هذا الأمر أو ذاك، بل من شأنها أن تلعب دورا مهما في تعريفنا بالعالم من حولنا، وتساهم في تصحيح تصورنا عنه، وإذا كنا لا ننكر ما كانت تقوم به سياحة السعوديين في الخارج وبرامج الابتعاث من دور تعريفي، فإن السياحة التي نتوخى منها أن تنفتح على أرجاء العالم وتفتح آفاق المملكة أمام العالم تمنح تعرفنا على العالم قنوات أكثر اتساعا وعمقا وإنسانية.


لقد بقينا عقودا طويلة المدى لا نعرف العالم إلا في هيئة من يصلون إلينا لأداء الحج والعمرة والزيارة، وعادة ما يكونون منشغلين بما جاءوا من أجله، كما أن مجال حركتهم واختلاطهم بالمجتمع لا يتجاوز محيط الحرمين الشريفين، وفئات من المجتمع تربطهم بهم مصالح الحج والعمرة والزيارة وطرائق أدائها، كما أن عقودا طويلة مرت علينا لا نكاد نعرف من الآخر غير الفئة العمالية التي تحتك بالمجتمع، ممثلة في العمال والسائقين والخادمات، ومع تأكيدنا على احترام العمل الذي يؤدونه واحترامنا لهم كذلك، إلا أنهم بحكم طبيعة عملهم ومستوى ثقافتهم لا يمثلون ثقافة مجتمعاتهم ولا حضارة الدول التي جاءوا منها، غير أنهم ساهموا ويساهمون في رسم الصورة النمطية المغلوطة لدى كثير منا حول تلك الدول، فهي لا تتجاوز لدينا أن تكون بلدانا فقيرة متخلفة، وقد أفضى ذلك، وهو أمر مؤسف، إلى بروز نظرة استعلائية لدى الكثيرين منا تجاه تلك الدول، بل وتجاه كثير من أقطار العالم.

السياحة من شأنها أن ترينا العالم في غناه وليس في فقره، وفي قوته وليس في ضعفه، ترينا من العالم ثقافته ووعيه وحضارته وتقدمه، وبمثل ذلك كله يتحقق تصحيح تصورنا للعالم من حولنا.

Suraihi@gmail.com