.. فيما أذكر أن صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز، عندما عين أميراً على مكة المكرمة فوجئ عند تسلم منصبه في الإمارة بكثرة الدعاوى بين المواطنين، واكتشف بعد فترة لا تزيد على أيام معدودة أن كثيراً من هذه الدعاوى كيدية، المقصود منها إيذاء المدعى عليه وتعطيل مصالحه وإدخاله في دوامة من استدعاءات المحكمة أو الشرطة أو الجهات المعنية الأخرى. ووجد الأمير متعب أن هذه الدعاوى التمويهية لا تكدر حياة المدعى عليه فحسب بل إنها تضيع وقت المحاكم والشرطة والإمارة فيما لا طائل تحته، لأنها تنتهي في آخر المطاف بالحفظ في خزائن ودواليب هذه الجهات. فلا يستفيد المدعي شيئاً عدا الإضرار بخصمه الذي أنهكت قواه في التردد على الجهات المعنية.
فما كان من الأمير إلا أن أصدر أمره بأن أي قضية يثبت أنها كيدية وتحفظ في نهاية المطاف في الدواليب فإن مقدمها يعاقب بالزج في السجن نصف شهر تأديباً له على هذا المكر بإنسان بريء وتضييع أوقات المحاكم والقضاة وولاة الأمر.
وبعد أن صدر هذا الأمر من سموه تناقصت الدعاوى إلى النصف أو نحوه إذ وجد المدعون «الفاشوش» ما يردعهم عن الافتراء على الناس ومكايدتهم.
ترى هل يتم التدخل في القضية التي انتشرت قبل أسبوع عن المواطن الذي رفع دعوى على مقيم بحجة أنه دهس نملة؟ هل يجوز لكل من هب ودب أن يشغل المحاكم والقضاة بأمثال هذه القضية التي جعلت من الحبة قبة ؟.. هل انتهت قضايانا وهمومنا ومشاكلنا حتى يترافع عن النملة التي سحقها المقيم؟.. وحتى إذا حكم القاضي بصحة الدعوى فإن غاية الحكم ستكون بأن يتصدق المدعى عليه بريالين لأحد الفقراء، لكن القاضي في الحقيقة كان ماهراً ساخراً.. إذ طلب من المدعي أن يحضر وكالة شرعية من ذوي المتوفاة النملة يفوضونه فيها بالترافع نيابة عن أولياء الدم. وبالتالي خرج المدعي من عنده بخفي حنين.
روى الإمام أحمد بن حنبل عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وسأله رجل عن شيء، قال شعبة (أحد الرواة) وأحسبه عن المحرم يقتل الذباب؟ فقال عبدالله: أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هما ريحانتي من الدنيا». كما قال عنهما صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».
ونحن لا نستهين لا بالنملة ولا حتى بالبرغوث، لكننا نعجب لهذه العقليات التي تضخم الأمور جداً جداً فتجعل من الحبة قبة.. هدانا الله وإياهم.
السطر الأخير:
قال الله تعالى في سورة الكهف: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}
aokhayat@yahoo.com
فما كان من الأمير إلا أن أصدر أمره بأن أي قضية يثبت أنها كيدية وتحفظ في نهاية المطاف في الدواليب فإن مقدمها يعاقب بالزج في السجن نصف شهر تأديباً له على هذا المكر بإنسان بريء وتضييع أوقات المحاكم والقضاة وولاة الأمر.
وبعد أن صدر هذا الأمر من سموه تناقصت الدعاوى إلى النصف أو نحوه إذ وجد المدعون «الفاشوش» ما يردعهم عن الافتراء على الناس ومكايدتهم.
ترى هل يتم التدخل في القضية التي انتشرت قبل أسبوع عن المواطن الذي رفع دعوى على مقيم بحجة أنه دهس نملة؟ هل يجوز لكل من هب ودب أن يشغل المحاكم والقضاة بأمثال هذه القضية التي جعلت من الحبة قبة ؟.. هل انتهت قضايانا وهمومنا ومشاكلنا حتى يترافع عن النملة التي سحقها المقيم؟.. وحتى إذا حكم القاضي بصحة الدعوى فإن غاية الحكم ستكون بأن يتصدق المدعى عليه بريالين لأحد الفقراء، لكن القاضي في الحقيقة كان ماهراً ساخراً.. إذ طلب من المدعي أن يحضر وكالة شرعية من ذوي المتوفاة النملة يفوضونه فيها بالترافع نيابة عن أولياء الدم. وبالتالي خرج المدعي من عنده بخفي حنين.
روى الإمام أحمد بن حنبل عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وسأله رجل عن شيء، قال شعبة (أحد الرواة) وأحسبه عن المحرم يقتل الذباب؟ فقال عبدالله: أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هما ريحانتي من الدنيا». كما قال عنهما صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».
ونحن لا نستهين لا بالنملة ولا حتى بالبرغوث، لكننا نعجب لهذه العقليات التي تضخم الأمور جداً جداً فتجعل من الحبة قبة.. هدانا الله وإياهم.
السطر الأخير:
قال الله تعالى في سورة الكهف: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}
aokhayat@yahoo.com