-A +A
إبراهيم عقيلي
كل يوم أزداد قناعة بأن مشروع السعودة لم يحقق نجاحا سوى على مداخل المولات، وعند بوابات المنشآت، فشركات الحراسات الأمنية هي الوحيدة التي ظلت صامدة أمام قرارات السعودة وهي التي أخلصت لنا ونفذت القرار بحذافيره، حتى لو بقي الأجنبي مستظلا بسقف محلات الماركات التجارية الكبرى ومتنعما بتكييفها المركزي. فمنذ أمد ونحن نسمع بسعودة المحلات التجارية ومحلات الملابس النسائية، ومعارض الذهب والصيدليات، لكن شيئا لم يتغير إلا عند «السكيورتي» فقد بقي المشهد كما هو، شاب سعودي ببدلة «الحراسة الأمنية» يفتح لك البوابة عابسا، ويسمح لك بالمغادرة عابسا، لكن ذلك العبوس قد يتكرر أيضا في الرياضة التي لم تبق هي الأخرى ولم تذر، فقد حرمت السعودي حتى من الحراسة، فقد سمحت للحارس الأجنبي ارتداء القفاز المحلي، قرار سبب لحراسنا المحليين ألف «دوخة»، فالأجنبي يغني عن ألف موهبة محلية وبأرخص الأثمان، ولانسأل إن كان ذلك سيقدم لنا حراس مرمى محليين بحجم الطموح أم لا.

طوينا صفحة الحراسة وقبل بها المحترف السعودي على مضض، ليصدم الحكم المحلي بقرار جديد لم يكن في الحسبان، وهو فتح عدد الحكام الأجانب في جميع الجولات «وما تدفعون ولا ريال»، فرحت الأندية بمجانية التحكيم من منطلق «البلاش كثر منه»، ولكنها للأسف تشبعت من أخطاء الحكم الأجنبي الذي أصاب رؤساء الأندية بالعمى والصمم، فالرئيس الذي كان يصرخ في كل محفل وفي كل قناة من ظلم وطغيان الحكم المحلي، «ويعجن ويلت» في ملف «المؤامرة»، بات اليوم على وضعية «صامت» يبتلع ريقه ويقبل بعبث الأجنبي وهو راض.


لم يجد الحكم المحلي نفسه حتى في التقييم الذي قرر كلاتيمبيرغ أن يزيحه من آخر أحلامه بحجة اللغة الإنجليزية وعدم التحدث بها. فقرر أن يطرق باب رابطة دوري الحواري، فصوت الصافرة عشق يصعب اقتلاعه من القلب.

لم يقف المشهد هنا.. فقد أعلن عن القرار التاريخي بالسماح للأندية بالتعاقد مع ستة أجانب، وهو من القرارات الصائبة بلا شك، والتي انعكست بشكل سريع على عقود اللاعب المحلي والتي لامست في يوم ما الفلك والمجموعة الشمسية، ولكن ليست هنا القضية فالقضية في التكهنات التي بدأ يتناقلها الوسط الرياضي، واحتمالية السماح للأندية بأحد عشر أجنبيا هي المشكلة، والتي ستعيد سيناريو الدوري الانجليزي والذي بدأ يصرخ مطالبا بإعادة اللاعب الانجليزي إلى أنديتها، فاذا هذا هو حال الانجليز فكيف بنا ونحن لازلنا نحبو في مشروع الاحتراف الخارجي.

لكن المطمئن بأن رياضتنا تمتلك قيادة تعمل لصالح الوطن أولا وأخيرا، ولن تتوانى في خدمة الرياضة، وستتراجع إذا رأت القرار ينعكس سلبا، وستسير إلى الأمام إذا رأت أن القادم أفضل.