كان «نفسي» تقبل الصحيفة تكرار العنوان على كامل مساحة المقال، لكن سيُقال «كاتب كسول»، وصيحفة تحابي، لذلك كل ما يرد أدناه سيكون أوسع من غرفة تبديل ملابس في محل سيدات «تبقى السيدة جميلة، وتتغير الملابس»، والمساحة مجرد مرايا، لم تفهم إلى الآن، لماذا تدور السيدة حول نفسها مع كل لباس تجربه.
كان النص أعلاه، لتشتيت انتباهك عن العنوان (رأيتك ترفع بصرك نحوه)، ومع ذلك سأكرره (الحضارة: رصيف)، لأن الحضارة ليست مباني، أو أغاني، أبراجاً، استثمارات، جامعات،... إلخ، بل مجموعة مفاهيم احترام، أمان، وممارسات، نتشاطر صناعتها، والانتفاع بها أثناء وجودنا في الشارع، وعلى الرصيف، ونحميها كمواطنين قبل الدولة، فكلٌّ في داره يصنع بيئة يحبها، أما الرصيف فبيئته صناعة جماعية.
تم قتل غالبية أسواق «الأيام» في السعودية، للقاتل أسبابه وسطوته، للمقتول نحيبه، فأسواق الأيام عاشت مكاناً لمفاهيم اجتماعية متقدمة حضارياً، أكبر من مجرد تطبيقات اقتصادية، عندما كان للسيدة نصف المجتمع والاقتصاد، وكانت مساحة لوحدة المجتمع، والاكتفاء الذاتي، قبل أن نستورد البائع والبضاعة.
يؤذي النحيب الميت، هكذا قالوا لنا، لذلك سأتوقف عن النحيب، وأبحث معكم عن عودة الحضارة إلى الرصيف، فمن لا يعلم، عليه أن يعلم بأن السعودي عندما يكون في باريس أو القاهرة لا يقلق أو يخاف على «ابنته» تجول إلى ساعات متأخرة من الليل، بينما يصعب حيازة «الصبية» على ذات الأريحية في شوارع السعودية، باختصار «نحن نخاف»، لا نثق بالشارع السعودي (لماذا؟ لأننا نعلم بأن لا حضارة موجودة على الرصيف).
تورطنا منذ زمن بغلطة كبيرة، وهي اعتقادنا بأن الشارع للسيارات فقط، ونسينا بأن أرصفة الطريق، كأرصفة البحر، للناس، لمن يشعرون ببرودة الوحدة في بيوتهم، لمن يبحثون عن الشعور بالأمان، لمن يبحثون عن «تريض عقولهم قبل أقدامهم»، لاستكمال قصيدة، لغسيل هموم اليوم، لممارسة حق المواطنة، للعثور على صدفة تغير مسار حياة، للسلام الداخلي، لنصافح الوطن كل مساء.
أتمنى أن تتم إعادة هيكلة «عقلية البلديات» في السعودية، لتؤمن بإمكانية تحويل الأرصفة داخل المدن إلى حدائق خلفية للتجمعات السكنية، بما في ذلك إخراج نشاطات تجارية غير ضرورية (محلات: بيع أدوات البناء، الديكور، تأجير السيارات، وغيرها)، كذلك توسيع قابلية الأرصفة الداخلية للأحياء السكنية لاستيعاب مقاهٍ صغيرة، مكتبات، أكشاك، وزوايا لهواة العزف، الرسم، وغيرها.
تتم صناعة حضارة الشارع / الرصيف بأدوات (آخرها رجل أمن)، لأنه يعيش بحرية الحركة، بضمان أمنه كجهد مجتمع وليس دولة فقط، باحترامه كأنه جزء من بيت، وجميع الموجودين ضيوف، بوجوه مبتسمة، بعقول تحترم حقوق كل العابرين، والجالسين على المقاهي، وراعية للممتلكات العامة، بالأناقة العامة، بآداب غض البصر، بالأكشاك الصغيرة، فأغلب العلامات التجارية الكبرى كانت «كشك».
نحتاج –بشدة وسرعة– إلى تصميم جديد للرصيف السعودي، وتحويله إلى «سمات حضارية» وإنسانية، فالشارع للسيارات والرصيف للناس، حديقة خلفية للأحياء السكنية، اختطفها أهل التجارة، لا تزرعوه بالشجر وحسب، ازرعوه حضارة تحصدوا إنساناً متحضراً.
jeddah9000@
jeddah9000@hotmail.comm
كان النص أعلاه، لتشتيت انتباهك عن العنوان (رأيتك ترفع بصرك نحوه)، ومع ذلك سأكرره (الحضارة: رصيف)، لأن الحضارة ليست مباني، أو أغاني، أبراجاً، استثمارات، جامعات،... إلخ، بل مجموعة مفاهيم احترام، أمان، وممارسات، نتشاطر صناعتها، والانتفاع بها أثناء وجودنا في الشارع، وعلى الرصيف، ونحميها كمواطنين قبل الدولة، فكلٌّ في داره يصنع بيئة يحبها، أما الرصيف فبيئته صناعة جماعية.
تم قتل غالبية أسواق «الأيام» في السعودية، للقاتل أسبابه وسطوته، للمقتول نحيبه، فأسواق الأيام عاشت مكاناً لمفاهيم اجتماعية متقدمة حضارياً، أكبر من مجرد تطبيقات اقتصادية، عندما كان للسيدة نصف المجتمع والاقتصاد، وكانت مساحة لوحدة المجتمع، والاكتفاء الذاتي، قبل أن نستورد البائع والبضاعة.
يؤذي النحيب الميت، هكذا قالوا لنا، لذلك سأتوقف عن النحيب، وأبحث معكم عن عودة الحضارة إلى الرصيف، فمن لا يعلم، عليه أن يعلم بأن السعودي عندما يكون في باريس أو القاهرة لا يقلق أو يخاف على «ابنته» تجول إلى ساعات متأخرة من الليل، بينما يصعب حيازة «الصبية» على ذات الأريحية في شوارع السعودية، باختصار «نحن نخاف»، لا نثق بالشارع السعودي (لماذا؟ لأننا نعلم بأن لا حضارة موجودة على الرصيف).
تورطنا منذ زمن بغلطة كبيرة، وهي اعتقادنا بأن الشارع للسيارات فقط، ونسينا بأن أرصفة الطريق، كأرصفة البحر، للناس، لمن يشعرون ببرودة الوحدة في بيوتهم، لمن يبحثون عن الشعور بالأمان، لمن يبحثون عن «تريض عقولهم قبل أقدامهم»، لاستكمال قصيدة، لغسيل هموم اليوم، لممارسة حق المواطنة، للعثور على صدفة تغير مسار حياة، للسلام الداخلي، لنصافح الوطن كل مساء.
أتمنى أن تتم إعادة هيكلة «عقلية البلديات» في السعودية، لتؤمن بإمكانية تحويل الأرصفة داخل المدن إلى حدائق خلفية للتجمعات السكنية، بما في ذلك إخراج نشاطات تجارية غير ضرورية (محلات: بيع أدوات البناء، الديكور، تأجير السيارات، وغيرها)، كذلك توسيع قابلية الأرصفة الداخلية للأحياء السكنية لاستيعاب مقاهٍ صغيرة، مكتبات، أكشاك، وزوايا لهواة العزف، الرسم، وغيرها.
تتم صناعة حضارة الشارع / الرصيف بأدوات (آخرها رجل أمن)، لأنه يعيش بحرية الحركة، بضمان أمنه كجهد مجتمع وليس دولة فقط، باحترامه كأنه جزء من بيت، وجميع الموجودين ضيوف، بوجوه مبتسمة، بعقول تحترم حقوق كل العابرين، والجالسين على المقاهي، وراعية للممتلكات العامة، بالأناقة العامة، بآداب غض البصر، بالأكشاك الصغيرة، فأغلب العلامات التجارية الكبرى كانت «كشك».
نحتاج –بشدة وسرعة– إلى تصميم جديد للرصيف السعودي، وتحويله إلى «سمات حضارية» وإنسانية، فالشارع للسيارات والرصيف للناس، حديقة خلفية للأحياء السكنية، اختطفها أهل التجارة، لا تزرعوه بالشجر وحسب، ازرعوه حضارة تحصدوا إنساناً متحضراً.
jeddah9000@
jeddah9000@hotmail.comm