كانت الفجوة بين مسار المالية العامة والتخطيط التنموي تزداد وتيرتها كلما تراجعت أسعار النفط العالمية وذلك على مدى عقود طويلة، وهو ما جعل هذا الإنفاق يتبع دورة الإيرادات المتقلبة، مما عرّض البلاد لتقلبات مالية سريعة استنزفت وقت المخططين في وزارتي المالية والاقتصاد وغيرهما لإيجاد التوازن الآني، وعدم استهلاك الاحتياطي العام أو رفع مستوى الديون عن المعدلات الطبيعية، وكل ذلك كان يتم على حساب التخطيط الإستراتيجي طويل الأمد الذي يقوم على تحقيق نسب ومعدلات سنوية حقيقية، منطقية ومقبولة، لإيجاد البدائل الاقتصادية والتحول التدريجي لتنويع مصادر الدخل، وتقليل معدلات الاستهلاك العام، ودون أدنى شك، فإننا تأخرنا أكثر من اللازم في التعاطي مع هذه البدائل وإيقاف عجلة الاستهلاك، وبالتالي فإن البلاد تدفع اليوم ثمن غياب مثل هذا التخطيط الإستراتيجي طويل الأمد وعدم نجاح خطط التنمية المتعاقبة في إيجاد مثل هذا التوازن رغم النداءات الوطنية المتكررة التي كانت تطرح على مدى ثلاثة أو أربعة عقود.
ولذلك أصبح يتوجب على المخططين الحاليين أن يقوموا بكل هذه الأدوار مجتمعة دفعة واحدة وفي وقت واحد، وذلك في ما يتعلق برفع الإيرادات وخفض المصروفات ومراجعة شاملة لبرامج الإنفاق، وهذا أمر صعب للغاية ويواجه تحديات اجتماعية عميقة فضلت الإدارات السابقة تحاشيها وعدم مواجهة آثارها، في حين تصدى لها مجلس الاقتصاد والتنمية بروح المسؤولية التاريخية، وهو الذي كان بإمكانه أن يقدم على توليد حلول مؤقتة مماثلة تعتمد على المسكنات الاقتصادية، وهذه وصفاتها جاهزة وسهلة بالنسبة لمتخذ القرار، ومن ثم الرهان على ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، وكلها - بالمناسبة - حلول يمكن أن ترضي العامة وإن كان على حساب مستقبل البلاد، لكنه آثر اختيار الخيار الأصعب وهو الخيار الإستراتيجي الذي ظللنا نتلافاه حتى تعمقت المشكلة وزاد الاستهلاك العام فأصبحت العودة أكثر كلفة.
لكن هذه التحولات، رغم مرارة بعض جوانبها، تشكل بداية قيام اقتصاد ثابت وقوي يقوم على أسس صلبة سيكون المواطن هو المستفيد الأول منها، وأكثر من غيره في نهاية هذه الخطط.
ولذلك أصبح يتوجب على المخططين الحاليين أن يقوموا بكل هذه الأدوار مجتمعة دفعة واحدة وفي وقت واحد، وذلك في ما يتعلق برفع الإيرادات وخفض المصروفات ومراجعة شاملة لبرامج الإنفاق، وهذا أمر صعب للغاية ويواجه تحديات اجتماعية عميقة فضلت الإدارات السابقة تحاشيها وعدم مواجهة آثارها، في حين تصدى لها مجلس الاقتصاد والتنمية بروح المسؤولية التاريخية، وهو الذي كان بإمكانه أن يقدم على توليد حلول مؤقتة مماثلة تعتمد على المسكنات الاقتصادية، وهذه وصفاتها جاهزة وسهلة بالنسبة لمتخذ القرار، ومن ثم الرهان على ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، وكلها - بالمناسبة - حلول يمكن أن ترضي العامة وإن كان على حساب مستقبل البلاد، لكنه آثر اختيار الخيار الأصعب وهو الخيار الإستراتيجي الذي ظللنا نتلافاه حتى تعمقت المشكلة وزاد الاستهلاك العام فأصبحت العودة أكثر كلفة.
لكن هذه التحولات، رغم مرارة بعض جوانبها، تشكل بداية قيام اقتصاد ثابت وقوي يقوم على أسس صلبة سيكون المواطن هو المستفيد الأول منها، وأكثر من غيره في نهاية هذه الخطط.