تمثل محافظة تعز ثقلا سكانيا بنسبة مرتفعة من المتعلمين ورجال الأعمال والمثقفين والمهنيين والمزارعين وقلة من حملة السلاح، وتصبح القوة المتحكمة في توجهاتها المحلية مؤثرة في مسارات الحكم في صنعاء رغم ابتعاد سكانها حتى بدايات ٢٠١٥ عن استخدام العنف لحسم نقاشات نخبها، ولكن هذا المزاج السياسي في الخلاف تحول إلى حالة دامية غير مسبوقة توجهت في البداية إلى القوات المناصرة للحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، وانتهى الأمر إلى حالة فوضى عارمة لا تستطيع أي قوة فيها السيطرة على مجرياتها، ورغم المحاولات الكثيرة لفرض الأمن والاستقرار إلا أنها جميعا باءت بالفشل بسبب النزاعات حول الزعامة المحلية بين كثير من قياداتها التي صار هم عدد منهم الحصول على مكاسب مادية فقط.
بعد أيام من اغتيال الرئيس أحمد الغشمي في مكتبه بصنعاء بحقيبة مفخخة حملها مبعوث جنوبي، خرجت من تعز أول مسيرات التأييد لانتخاب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي كان وقتها قائدا عسكريا للمحافظة حين قام مجلس الشعب التأسيسي بانتخابه في ظروف استثنائية سبقها مقتل ثلاثة رؤساء (إبراهيم الحمدي في ١١ أكتوبر ١٩٧٧ وخلفه أحمد الغشمي في ٢٤ يونيو ١٩٧٨، وسالم ربيع علي في ٢٦ يونيو ١٩٧٨) وبقى في موقعه حتى٢١ فبراير ٢٠١٢ حين قدم استقالته وخلفه نائبه (الرئيس الحالي) عبد ربه منصور هادي، وظلت تعز خلال حكم صالح تحت تأثيره المباشر وبواسطة عدد من كبارها الذين منحهم ثقته فأعانوه على إبقاء قاعدته الشعبية عبر المؤتمر الشعبي العام بالحصول على أغلبية مقاعد مجلس النواب والمجالس المحلية.
كانت الساحة السياسية بتعز في أغلبيتها منقسمة بين المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح وإلى جوارهما عدد من الأحزاب اليسارية وأخرى تم تفريخها ولا تمثل أي ثقل حقيقي سوى علاقات اجتماعية وشخصية، وظلت الأوضاع تحت السيطرة إلى أن خرج الشباب عشية استقالة الرئيس مبارك في ١١ فبراير ٢٠١١م فانقسمت المحافظة إلى قسمين مؤيد ومعارض، وسارت الأمور في المنطقة بصورة هادئة وإن شابها توتر متصاعد، وبقيت الخلافات في إطارها المعروف عبر المواقع الإعلامية وتراشق الاتهامات، إلى أن دخلت البلاد كلها ساحة حرب شاملة وانقسمت معها تعز إلى مربعات متناهية الصغر تتبادل السيطرة عليها ما صار يعرف بـ«المقاومة» التي رفعت شعارات إخراج قوات «الحوثيين وصالح»، فتحولت إلى مدينة أشباح وصار ريفها مواقع حربية وانقطعت الطرقات وأغلقت المدارس والمستشفيات وانهارت كل الخدمات الأساسية، ولم تنجح كل محاولات إحلال الهدوء بسبب التنافس المحلي من ناحية والمصالح المالية التي تضخمت جراء انعدام المواد الغذائية والمشتقات النفطية وإغلاق المستشفيات.
أفقدت الحرب قيمة تعز المدنية والثقافية ودمرت البنى الاجتماعية ومزقت نسيجها المحلي، وصار الحديث عنها جالبا للأحزان والمخاوف من المستقبل ومعه مناظر تذكرنا بما حدث في مدن عربية أخرى دمرتها الأحقاد والكراهية، ورغم كل هذا استثمر عدد من قياداتها الحزبية ونفر من شخصياتها السياسية كل هذه الكوارث لجني المكاسب المادية وتعطيل أي مساعٍ لوقف الحرب داخلها بل عمدوا إلى إطالتها والاستفادة من ذلك، ولعل المأزق الذي سيواجهه محافظها الجديد الدكتور أمين أحمد محمود هو كيفية التعامل مع تجار الحروب وبعض قيادات الأحزاب الذين يضخمون تضحيات عناصرهم حتى يبدأوا في جني الحصاد وتثبيت مواقعهم في مؤسسات الدولة.
إن ما جرى خلال الأيام الماضية في تعز من عبث سياسي داخل المؤتمر الشعبي العام والإعلان عن قيادة جديدة له في مخالفة صريحة للوائحه المنظمة لمثل هذه الإجراءات بل والسعي لتثبيت شخص على رأسه رغم أنه انتقل إلى حزب الإصلاح في 2011 فجرى فصله بعدها من المؤتمر، وهو نموذج فاضح لمحاولات تفتيت كل القوى المنظمة وهو مؤشر لما سيواجهه المحافظ الجديد، وعليه البقاء بعيدا عن صراعات الأحزاب والجماعات المسلحة، وقد يساعده عدم انتمائه لأي فصيل سياسي، وكذا مكانة أسرته الاجتماعية للحفاظ على توازنه، ولكنه في نفس الوقت يحتاج إلى دعم حقيقي مادي وشعبي، وقبل ذلك إرادة حكومية أشك في وجودها لمساعدته في مهمته الصعبة.
بعد أيام من اغتيال الرئيس أحمد الغشمي في مكتبه بصنعاء بحقيبة مفخخة حملها مبعوث جنوبي، خرجت من تعز أول مسيرات التأييد لانتخاب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي كان وقتها قائدا عسكريا للمحافظة حين قام مجلس الشعب التأسيسي بانتخابه في ظروف استثنائية سبقها مقتل ثلاثة رؤساء (إبراهيم الحمدي في ١١ أكتوبر ١٩٧٧ وخلفه أحمد الغشمي في ٢٤ يونيو ١٩٧٨، وسالم ربيع علي في ٢٦ يونيو ١٩٧٨) وبقى في موقعه حتى٢١ فبراير ٢٠١٢ حين قدم استقالته وخلفه نائبه (الرئيس الحالي) عبد ربه منصور هادي، وظلت تعز خلال حكم صالح تحت تأثيره المباشر وبواسطة عدد من كبارها الذين منحهم ثقته فأعانوه على إبقاء قاعدته الشعبية عبر المؤتمر الشعبي العام بالحصول على أغلبية مقاعد مجلس النواب والمجالس المحلية.
كانت الساحة السياسية بتعز في أغلبيتها منقسمة بين المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح وإلى جوارهما عدد من الأحزاب اليسارية وأخرى تم تفريخها ولا تمثل أي ثقل حقيقي سوى علاقات اجتماعية وشخصية، وظلت الأوضاع تحت السيطرة إلى أن خرج الشباب عشية استقالة الرئيس مبارك في ١١ فبراير ٢٠١١م فانقسمت المحافظة إلى قسمين مؤيد ومعارض، وسارت الأمور في المنطقة بصورة هادئة وإن شابها توتر متصاعد، وبقيت الخلافات في إطارها المعروف عبر المواقع الإعلامية وتراشق الاتهامات، إلى أن دخلت البلاد كلها ساحة حرب شاملة وانقسمت معها تعز إلى مربعات متناهية الصغر تتبادل السيطرة عليها ما صار يعرف بـ«المقاومة» التي رفعت شعارات إخراج قوات «الحوثيين وصالح»، فتحولت إلى مدينة أشباح وصار ريفها مواقع حربية وانقطعت الطرقات وأغلقت المدارس والمستشفيات وانهارت كل الخدمات الأساسية، ولم تنجح كل محاولات إحلال الهدوء بسبب التنافس المحلي من ناحية والمصالح المالية التي تضخمت جراء انعدام المواد الغذائية والمشتقات النفطية وإغلاق المستشفيات.
أفقدت الحرب قيمة تعز المدنية والثقافية ودمرت البنى الاجتماعية ومزقت نسيجها المحلي، وصار الحديث عنها جالبا للأحزان والمخاوف من المستقبل ومعه مناظر تذكرنا بما حدث في مدن عربية أخرى دمرتها الأحقاد والكراهية، ورغم كل هذا استثمر عدد من قياداتها الحزبية ونفر من شخصياتها السياسية كل هذه الكوارث لجني المكاسب المادية وتعطيل أي مساعٍ لوقف الحرب داخلها بل عمدوا إلى إطالتها والاستفادة من ذلك، ولعل المأزق الذي سيواجهه محافظها الجديد الدكتور أمين أحمد محمود هو كيفية التعامل مع تجار الحروب وبعض قيادات الأحزاب الذين يضخمون تضحيات عناصرهم حتى يبدأوا في جني الحصاد وتثبيت مواقعهم في مؤسسات الدولة.
إن ما جرى خلال الأيام الماضية في تعز من عبث سياسي داخل المؤتمر الشعبي العام والإعلان عن قيادة جديدة له في مخالفة صريحة للوائحه المنظمة لمثل هذه الإجراءات بل والسعي لتثبيت شخص على رأسه رغم أنه انتقل إلى حزب الإصلاح في 2011 فجرى فصله بعدها من المؤتمر، وهو نموذج فاضح لمحاولات تفتيت كل القوى المنظمة وهو مؤشر لما سيواجهه المحافظ الجديد، وعليه البقاء بعيدا عن صراعات الأحزاب والجماعات المسلحة، وقد يساعده عدم انتمائه لأي فصيل سياسي، وكذا مكانة أسرته الاجتماعية للحفاظ على توازنه، ولكنه في نفس الوقت يحتاج إلى دعم حقيقي مادي وشعبي، وقبل ذلك إرادة حكومية أشك في وجودها لمساعدته في مهمته الصعبة.