كان أول سعودي عائدا من الولايات المتحدة الأمريكية بأعلى شهادة في مجال الصيدلة الإكلينيكية، (ماجستير وبورد أمريكي متخصص)، وكان هذا التخصص ـ آنذاك ـ نادرا لم يطبق إلا في مستشفى الملك فيصل التخصصي، فخاض غماره ودرسه ونجح بتميز، ومع ذلك عاد إلى المكان الذي ابتعثه، مستشفى الملك سعود بوزارة الصحة (الشميسي)، حيث أكبر عدد من المرضى وإمكانيات محدودة.
ظن كثر أن هذا القادم بشهادة عليا نادرة لن يقبل بغير مدير الصيدلية، لكنه لم يفعل! قبل بأن يعمل تحت رئاسة زميل بالبكالوريوس، واكتفى هو بتطوير الخدمات الصيدلية، وتثقيف المرضى دوائيا، وتصحيح تعقيدات صرف الدواء، وتوفير الدواء الأفضل، ووقف تأثير مندوبي دعاية وكلاء الشركات الدوائية على الأطباء لوصف أدوية محددة، والحد من أخطاء الأطباء في وصف الأدوية، ووقف الخلط بين أدوية متعارضة، أو أدوية تتعارض مع حالة المريض، يعينه في ذلك دعم من أطباء رجال نذروا أنفسهم لخدمة المريض هم د. محمد المعجل (رحمه الله)، و د. محمد المفرح، أمد الله في عمره، (لم يكونوا يتركون مرضاهم ويزوغون لمستشفيات خاصة، ولا يتعصبون لطبيب ضد مريض ولا تغريهم شركة دوائية بحضور مؤتمر في هاواي أو باريس).
لم تغر ذلك الصيدلي الإكلينيكي القادم بتخصص نادر عروض التخصصي، ولا الجامعي ولا مستشفى أرامكو، بل كان يحرص على تطوير الخدمات الصيدلية في المستشفى الأكبر الذي ابتعثه رغم فقدانه للكثير من البدلات والمميزات، وقد نجح فتحولت الخدمات الصيدلية في (الشميسي) لمستوى يفوق مستشفيات أخرى تصرف أضعاف ما يصرف!، وأمضى في مجمع الرياض الطبي ١٢ سنة حافلة بالعمل الشاق، ثم خدم في مستشفى الملك خالد للعيون فطور مثلما طور في الشميسي.
ثم انتقل ليطور عملا خليجيا مشتركا في مجال الدواء، فعمل رئيسا لقسم التسجيل المركزي بالمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الخليجي منذ عام ٢٠٠٠م وحتى تقاعد هذا العام (١٨ سنة)، وفي ذات الفترة كان عضوا في اللجنة العليا للدواء العربي لمجلس وزراء الصحة العرب بجامعة الدول العربية، وعضوا بمجلس إدارة الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، وعضوا للجنة السعودية لتسجيل شركات ومصانع الأدوية ومنتجاتها لمدة ٢٥ عاما، وعضوا في لجان إعداد أدلة الأدوية بوزارة الصحة وعدد من القطاعات الصحية الأخرى في كل ما يتعلق بالدواء، وطوال حياته العملية لم ينقطع أسبوعا واحدا عن إعطاء محاضرة علمية دوائية للأطباء أو الصيادلة في برامج التعليم المستمر.
هذا الصيدلي تعرض طوال خدمته للكثير من الضغوط من شركات الدواء ووكلائها ممن تتعارض مصالحهم مع التقنين والتظيم وتطوير الرقابة، وتعرض للكثير من المناكفات في اللجان الدوائية الخليجية والعربية التي شارك فيها (وهل أكثر من مناكفات العرب؟!)، لكنه بقي صامدا.
إنه الصيدلي محمد بن حمد بن محمد الحيدري، ترجل بالتقاعد بعد أن خدم الوطن وكرمه الوطن وأصبح مثالا يحتذى به وأنموذجا لمن يتعلم ليعمل ويبتعث ليعود ليعمل، غير باحث عن منصب أو متعالٍ بشهادة، أو ناقمٍ لأنه عاد فلم يجد وظيفة مخملية.
لم أكن لأكتب عن الجندي المجهول الصيدلي الحيدري لو لم يتقاعد تلافيا للتفسيرات.
ظن كثر أن هذا القادم بشهادة عليا نادرة لن يقبل بغير مدير الصيدلية، لكنه لم يفعل! قبل بأن يعمل تحت رئاسة زميل بالبكالوريوس، واكتفى هو بتطوير الخدمات الصيدلية، وتثقيف المرضى دوائيا، وتصحيح تعقيدات صرف الدواء، وتوفير الدواء الأفضل، ووقف تأثير مندوبي دعاية وكلاء الشركات الدوائية على الأطباء لوصف أدوية محددة، والحد من أخطاء الأطباء في وصف الأدوية، ووقف الخلط بين أدوية متعارضة، أو أدوية تتعارض مع حالة المريض، يعينه في ذلك دعم من أطباء رجال نذروا أنفسهم لخدمة المريض هم د. محمد المعجل (رحمه الله)، و د. محمد المفرح، أمد الله في عمره، (لم يكونوا يتركون مرضاهم ويزوغون لمستشفيات خاصة، ولا يتعصبون لطبيب ضد مريض ولا تغريهم شركة دوائية بحضور مؤتمر في هاواي أو باريس).
لم تغر ذلك الصيدلي الإكلينيكي القادم بتخصص نادر عروض التخصصي، ولا الجامعي ولا مستشفى أرامكو، بل كان يحرص على تطوير الخدمات الصيدلية في المستشفى الأكبر الذي ابتعثه رغم فقدانه للكثير من البدلات والمميزات، وقد نجح فتحولت الخدمات الصيدلية في (الشميسي) لمستوى يفوق مستشفيات أخرى تصرف أضعاف ما يصرف!، وأمضى في مجمع الرياض الطبي ١٢ سنة حافلة بالعمل الشاق، ثم خدم في مستشفى الملك خالد للعيون فطور مثلما طور في الشميسي.
ثم انتقل ليطور عملا خليجيا مشتركا في مجال الدواء، فعمل رئيسا لقسم التسجيل المركزي بالمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الخليجي منذ عام ٢٠٠٠م وحتى تقاعد هذا العام (١٨ سنة)، وفي ذات الفترة كان عضوا في اللجنة العليا للدواء العربي لمجلس وزراء الصحة العرب بجامعة الدول العربية، وعضوا بمجلس إدارة الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، وعضوا للجنة السعودية لتسجيل شركات ومصانع الأدوية ومنتجاتها لمدة ٢٥ عاما، وعضوا في لجان إعداد أدلة الأدوية بوزارة الصحة وعدد من القطاعات الصحية الأخرى في كل ما يتعلق بالدواء، وطوال حياته العملية لم ينقطع أسبوعا واحدا عن إعطاء محاضرة علمية دوائية للأطباء أو الصيادلة في برامج التعليم المستمر.
هذا الصيدلي تعرض طوال خدمته للكثير من الضغوط من شركات الدواء ووكلائها ممن تتعارض مصالحهم مع التقنين والتظيم وتطوير الرقابة، وتعرض للكثير من المناكفات في اللجان الدوائية الخليجية والعربية التي شارك فيها (وهل أكثر من مناكفات العرب؟!)، لكنه بقي صامدا.
إنه الصيدلي محمد بن حمد بن محمد الحيدري، ترجل بالتقاعد بعد أن خدم الوطن وكرمه الوطن وأصبح مثالا يحتذى به وأنموذجا لمن يتعلم ليعمل ويبتعث ليعود ليعمل، غير باحث عن منصب أو متعالٍ بشهادة، أو ناقمٍ لأنه عاد فلم يجد وظيفة مخملية.
لم أكن لأكتب عن الجندي المجهول الصيدلي الحيدري لو لم يتقاعد تلافيا للتفسيرات.