-A +A
عبده خال
الحديث عمّا يموج في السوق من تدليس وتحايل لا يمكن أن توفيه مقالة أو مليون مقالة حيال ما هو حادث، فقد اختلط الحابل بالنابل؛ ولذا فإن تعود للكتابة عن الضمانات الصورية المنتشرة في كل مكان يعد من الجهاد لحماية حقوق الناس المهدرة.. ولا مانع من العودة لتطرق مثل هذه القضايا التي لم تتزحزح من مكانها شبراً واحداً..

كلنا يستهلك الأدوات الكهربائية والإلكترونية، وعندما تقف عند أي شركة أو موزع يعرض لك السلعة مع شرح مميزاتها والتأكيد على وجود ضمان لتلك السلعة (سنة - سنتين - خمس سنوات - عشر سنوات) وبعد الشراء بشهر واحد أو أسبوع عليك أن (تبل الضمان وتشرب ماءه) زلالاً، وبالهناء والعافية.


فالضمان الذي تحمله سيتلاشى ختمه وأنت تبحث عن مقر صيانة تلك السلعة، وإذا وجدت موقعها ستتنصل الصيانة عن أداء دورها بحجة أنك اشتريت من (موزع)، وإذا كنت مشترياً من الشركة نفسها، فسيأتي تحايل آخر يجبرك على شراء قطع غيار تصل إلى نصف أو ثلاثة أرباع السلعة (هذا في حالة استقبالك).. وكل الضمانات التي نأخذها من البائع لا تنفع ولا تشفع.

ولأن الضمان لدينا مجرد ورقة فقد عاثت الشركات فساداً بالبلد، وأصبحت كل شركة لها ضمان شكلي فقط، الكفرات والبطاريات وقطع غيار السيارات والأدوات الكهربائية والإلكترونية ومواد البناء والأحذية وأثاث المنزل.

كل جهة تهبك ضماناً وليس هناك ضمان على أعصابك إذا تلفت وأنت تطالب بالتزام الجهة الضامنة بما ضمنت.. ودق رأسك بالمسامير بدلاً من الحيط، فلا أحد سيسعفك لا وزارة تجارة ولا هم يحزنون..

هذا إذا كانت سلعتك سيارة أو سلعة غالية، بينما لو كانت من السلع البسيطة فلن ترهق نفسك بالذهاب والإياب إلى وزارة التجارة وستستخير الله وتظل تدعو على من تسبب في هذا الحال المائل.

ولأنه حال مائل تجد بعض متاجر الأثاث مثلاً تعطيك ضماناً لمدة عشر سنوات، ولو أردت منها خمسين سنة فستعطيك؛ لأنها تعلم بأن المسألة كلها ورقة ممهورة بسنوات الضمان لكنها غير ملزمة بعد أسبوع من شرائك للسلعة.

ولأننا سوق مفتوحة ظهرت لنا شركات التأمين، وما أدراك ما شركات التأمين، فهي مناشير تنشر عظمك ولا تقدر أن تقول لها (ثلث الثلاثة كم)، ألم تسمعوا بما حدث من شركات التأمين مع المواطنين الذين تورطوا مع تلك الشركات وجلسوا يندبون حظهم فلا خدمة لائقة ولا تعويض لائقاً.

تستطيع أن تعد وتغلط مما يحدث في السوق وليس أمامك إلا (البرطمة) والشكوى على الله.