أتابع كما يتابع غيري من المراقبين للشأن العام التصريحات المتتالية وأخبار العلاقات العامة أو ما يصطلح على تسميتها (BR NEWS) التي تنشرها بعض الوزارات والأجهزة الرسمية في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية عن عزمها على مكافحة التطرف المتمثل في فكر الصحوة الإخواني المقيت، وحامليه من منسوبيها، وهي تصريحات وأخبار كانت ستصبح أكثر صدقية لو أنها سبقت أحاديث سمو ولي العهد الأمير المجدد محمد بن سلمان حفظه الله خلال الأسابيع الماضية في عدد من وسائل الإعلام العالمية عن خطورة هذا الفكر واختراقه لبعض الأجهزة، ولنا أن نسأل تلك الجهات التي يحاول بعض رؤسائها اليوم الظهور بمظهر «المخلّص» بعد سبات عميق، عن مدى فائدة تصريحاتهم إن لم تقترن بأفعال على الأرض تتحول آليا إلى أخبار حقيقية لا تحتاج لترويجها عن طريق إدارات وأقسام العلاقات العامة.
بالنسبة لي تبدو التصريحات الحالية لوزير الوزارة الفلانية ومدير الجامعة العلانية مجرد محاولات كلاسيكية لتلميع أنفسهم أمام القيادة ما لم تقترن بأفعال في الميدان، بل إنها قد تُفهم كمحاولة تنبيه للمتطرفين العاملين في جهاتهم ليلبسوا الأقنعة ويريحوا تلك الجهات من عناء العمل واتخاذ الإجراءات المتعبة لمحاسبتهم.. هي مسألة تشبه أن يتصل شخص ما بالشرطة ليبلغ عن وجود لص في منزله فيعمد مدير مركز الشرطة للاتصال باللص على هاتفه المحمول وإبلاغه بأنه يعلم بوجوده في منزل المبلغ وبالتالي (يهرب اللص ويرتاح الشرطي من مواجهته).
قد يقول قائل إن تلويح وزير التعليم (على سبيل المثال) بالبدء في ملاحقة ومحاسبة حاملي الفكر الإخواني القميء في المدارس (عبر الإعلام) يسهم بشكل غير مباشر في توقف أولئك المتطرفين عن نشر أفكارهم الظلامية بين الطلاب وهذا هو المطلوب، وعلى هذا القائل نرد بأن: وجود هؤلاء في الأساس بين الطلاب هو الخطر بعينه ويجب اصطيادهم بذكاء يتماشى مع ذكائهم في نشر فكرهم الخطير، فنحن نعلم منذ سنوات طويلة، وكثيرا ما كتبنا، أن الفكر الإخواني الصحوي الضال في أغلبه يُنشر بين أبنائنا في المدارس والجامعات من خلال الأنشطة اللا صفية قبل أن يُنشر من خلال الحصص الدراسية، والوزارة تعلم ذلك جيدا، ولا أعتقد أنها بحاجة لأن نذكرها بأن أرشيف الصحافة السعودية وحده طوال 16 سنة مضت، (أي منذ أحداث 11 سبتمبر) حافل بمئات وربما آلاف المقالات التي تشير لاختراق الفكر الظلامي للتعليم وتطالب بمكافحته.
هناك أسئلة ينبغي طرحها عقب ما سبق مثل: هل سمعتم أو قرأتم أي أخبار عن إطلاق حملة وطنية كبرى من التعليم لتقديم أنشطة مسرحية وفنية احترافية في جميع المدارس والجامعات تحارب الفكر الإخواني، أو هل سمعتم عن فوز مسرحية أو أوبريت غنائي لإحدى المدارس بجائزة عربية أو إقليمية كتلك التي تفوز بها باستمرار فروع جمعية الثقافة والفنون، رغم إمكاناتها المتواضعة، أو هل سمعتم عن إنتاج فني ضخم لمحاربة التطرف تعرضه الفضائيات من إنتاج وزارة التعليم أو برعايتها ويعرض في جميع المدارس، أو - وهذا أضعف الإيمان - «هل عادت جماعات المسرح وحصص الموسيقى لمدارسنا وجامعاتنا؟».. الإجابة متروكة لكم.
* إعلامي وكاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com
بالنسبة لي تبدو التصريحات الحالية لوزير الوزارة الفلانية ومدير الجامعة العلانية مجرد محاولات كلاسيكية لتلميع أنفسهم أمام القيادة ما لم تقترن بأفعال في الميدان، بل إنها قد تُفهم كمحاولة تنبيه للمتطرفين العاملين في جهاتهم ليلبسوا الأقنعة ويريحوا تلك الجهات من عناء العمل واتخاذ الإجراءات المتعبة لمحاسبتهم.. هي مسألة تشبه أن يتصل شخص ما بالشرطة ليبلغ عن وجود لص في منزله فيعمد مدير مركز الشرطة للاتصال باللص على هاتفه المحمول وإبلاغه بأنه يعلم بوجوده في منزل المبلغ وبالتالي (يهرب اللص ويرتاح الشرطي من مواجهته).
قد يقول قائل إن تلويح وزير التعليم (على سبيل المثال) بالبدء في ملاحقة ومحاسبة حاملي الفكر الإخواني القميء في المدارس (عبر الإعلام) يسهم بشكل غير مباشر في توقف أولئك المتطرفين عن نشر أفكارهم الظلامية بين الطلاب وهذا هو المطلوب، وعلى هذا القائل نرد بأن: وجود هؤلاء في الأساس بين الطلاب هو الخطر بعينه ويجب اصطيادهم بذكاء يتماشى مع ذكائهم في نشر فكرهم الخطير، فنحن نعلم منذ سنوات طويلة، وكثيرا ما كتبنا، أن الفكر الإخواني الصحوي الضال في أغلبه يُنشر بين أبنائنا في المدارس والجامعات من خلال الأنشطة اللا صفية قبل أن يُنشر من خلال الحصص الدراسية، والوزارة تعلم ذلك جيدا، ولا أعتقد أنها بحاجة لأن نذكرها بأن أرشيف الصحافة السعودية وحده طوال 16 سنة مضت، (أي منذ أحداث 11 سبتمبر) حافل بمئات وربما آلاف المقالات التي تشير لاختراق الفكر الظلامي للتعليم وتطالب بمكافحته.
هناك أسئلة ينبغي طرحها عقب ما سبق مثل: هل سمعتم أو قرأتم أي أخبار عن إطلاق حملة وطنية كبرى من التعليم لتقديم أنشطة مسرحية وفنية احترافية في جميع المدارس والجامعات تحارب الفكر الإخواني، أو هل سمعتم عن فوز مسرحية أو أوبريت غنائي لإحدى المدارس بجائزة عربية أو إقليمية كتلك التي تفوز بها باستمرار فروع جمعية الثقافة والفنون، رغم إمكاناتها المتواضعة، أو هل سمعتم عن إنتاج فني ضخم لمحاربة التطرف تعرضه الفضائيات من إنتاج وزارة التعليم أو برعايتها ويعرض في جميع المدارس، أو - وهذا أضعف الإيمان - «هل عادت جماعات المسرح وحصص الموسيقى لمدارسنا وجامعاتنا؟».. الإجابة متروكة لكم.
* إعلامي وكاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com