في تاريخ جميع المجتمعات، لا بد من وجود مفهوم «البعبع» الذي يعكس الإبداع الثقافي. والهدف هو التخويف من خلال ترك بعض المجال للمخيلة. ولا ينحصر هذا على الأطفال فحسب، فالشطارة هنا هو فتح المجال لمخيلة الجميع. فضلا تخيل العودة إلى الماضي حيث كان عالم الظلام مختلفا تماما عما هو الآن. كانت الإضاءة بعد المغرب نادرة ومتواضعة. وبالتالي فكان عالم الظلال مختلفا تماما حيث كان يعكس الطول، والعرض، والحركة، والألوان بأشكال مختلفة تماما، مما كان يزيد في مقدار الرهبة في مخيلة الناس من كبار وصغار. وكان مفهوم «الدجّيره» يمثل إحدى عناصر الإبداع التراثية في الحجاز: يقال إنها كانت ساحرة شريرة قوية، تنشط في ساعات الليل للتخويف، وتبدو لأول وهلة وكأنها عادية، إلا أن تفاجئك بأن رجليها على شكل رجلي البهائم أعزكم الله.. يقال حمير، أو ربما بقر، وفي روايات أخرى تيوس... وطبعا لا بد من حشر التيوس في كل قصة تراثية قديمة. ومع مرور السنين، تلاشت قصص «الدجيره» لتصبح نادرة جدا، ثم اختفت تماما.. ربما هاجرت إلى خارج البلاد بالكامل، وانتقلت من المفاهيم الداكنة النشطة في التراث، إلى التاريخ.
وبصراحة كنت أتمنى أن يبقى مفهوم «الدجيره» وما يشابهها في التراث العالمي بأكمله في قمة نشاطه؛ لأن الخوف له ضروريات فردية وجماعية. وتحديدا فهو يخدم الارتقاء بإدارة المخاطر الفردية والجماعية لتكون على درجة أفضل مما نجد في المجتمع الدولي اليوم. وما أكثر تلك المخاطر، وإليكم إحداها: أثناء قراءتكم لهذا المقال، تأكدوا من وجود أكثر من درزن غواصات من جنسيات مختلفة تحوم المحيطات والبحار حول العالم بهدف واحد وهو الدمار. تحتوي على إجمالي حوالى 100 صاروخ وكل منها تحتوي على رأس نووي واحد على الأقل. وتراوح قوة تلك الأسلحة بين 10 أمثال و 450 مثل القنبلة التي دمرت مدينة هيروشيما في أغسطس 1945. وإليكم بعض تقديرات الأسلحة النووية الموجودة اليوم في العالم: لروسيا نحو 4 آلاف و800، وأمريكا نحو 4 آلاف، وفرنسا نحو 300، والصين نحو 270، وبريطانيا نحو 215، والباكستان 140، والهند 130، والكيان الصهيوني 80 وكوريا نحو 10. وطبعا توجد معاهدات واتفاقيات لتنظيم هذا التسليح الرهيب، ولكنها للأسف أشبه بلعب «البزورة».. بعضهم يوقعون اتفاقيات ثم لا يفعلونها.. يقلصون عدد الأسلحة، ولكنهم يزيدون فعاليتها.. ويضعون الرؤوس النووية كأولوية لشعوبهم قبل الغذاء، والدواء، والتعليم.. يتهافتون على دخول «النادي النووي» بدون الاستعدادات اللازمة للسلامة، والأمان، والنضج السياسي والعسكري لسلامتهم، وسلامة جيرانهم.
أمنيـــــة
لا أعلم ما هو جمع كلمة «دجيره»، ولكنني أتخيل أن هناك أكثر من واحدة بسبب وجود الرؤوس النووية في الكيان الصهيوني، والتي قد يفوق عددها جميع العواصم العربية والإسلامية. و«الدجيره» الثانية هي وجود قاعدة «العديد» الأمريكية في قطر، وهي مستهدفة طبعا من قبل روسيا والصين، وبالتالي ففي حال ضربها بالأسلحة النووية فستكون هناك آثار على جيرانها. وأما الثالثة فهي تطوير الطاقة النووية في إيران، فمن الواضح أن التخاذل الدولي سمح لها بالدخول في مرحلة التأهيل لتصبح مالكة للأسلحة النووية في المستقبل. أتمنى أن ندرك أهمية رهبة هذه المخاطر، وأن نرتقي بمستوى المسؤولية الحضارية في العالم. والله يستر، وهو من وراء القصد.
*كاتب سعودي
وبصراحة كنت أتمنى أن يبقى مفهوم «الدجيره» وما يشابهها في التراث العالمي بأكمله في قمة نشاطه؛ لأن الخوف له ضروريات فردية وجماعية. وتحديدا فهو يخدم الارتقاء بإدارة المخاطر الفردية والجماعية لتكون على درجة أفضل مما نجد في المجتمع الدولي اليوم. وما أكثر تلك المخاطر، وإليكم إحداها: أثناء قراءتكم لهذا المقال، تأكدوا من وجود أكثر من درزن غواصات من جنسيات مختلفة تحوم المحيطات والبحار حول العالم بهدف واحد وهو الدمار. تحتوي على إجمالي حوالى 100 صاروخ وكل منها تحتوي على رأس نووي واحد على الأقل. وتراوح قوة تلك الأسلحة بين 10 أمثال و 450 مثل القنبلة التي دمرت مدينة هيروشيما في أغسطس 1945. وإليكم بعض تقديرات الأسلحة النووية الموجودة اليوم في العالم: لروسيا نحو 4 آلاف و800، وأمريكا نحو 4 آلاف، وفرنسا نحو 300، والصين نحو 270، وبريطانيا نحو 215، والباكستان 140، والهند 130، والكيان الصهيوني 80 وكوريا نحو 10. وطبعا توجد معاهدات واتفاقيات لتنظيم هذا التسليح الرهيب، ولكنها للأسف أشبه بلعب «البزورة».. بعضهم يوقعون اتفاقيات ثم لا يفعلونها.. يقلصون عدد الأسلحة، ولكنهم يزيدون فعاليتها.. ويضعون الرؤوس النووية كأولوية لشعوبهم قبل الغذاء، والدواء، والتعليم.. يتهافتون على دخول «النادي النووي» بدون الاستعدادات اللازمة للسلامة، والأمان، والنضج السياسي والعسكري لسلامتهم، وسلامة جيرانهم.
أمنيـــــة
لا أعلم ما هو جمع كلمة «دجيره»، ولكنني أتخيل أن هناك أكثر من واحدة بسبب وجود الرؤوس النووية في الكيان الصهيوني، والتي قد يفوق عددها جميع العواصم العربية والإسلامية. و«الدجيره» الثانية هي وجود قاعدة «العديد» الأمريكية في قطر، وهي مستهدفة طبعا من قبل روسيا والصين، وبالتالي ففي حال ضربها بالأسلحة النووية فستكون هناك آثار على جيرانها. وأما الثالثة فهي تطوير الطاقة النووية في إيران، فمن الواضح أن التخاذل الدولي سمح لها بالدخول في مرحلة التأهيل لتصبح مالكة للأسلحة النووية في المستقبل. أتمنى أن ندرك أهمية رهبة هذه المخاطر، وأن نرتقي بمستوى المسؤولية الحضارية في العالم. والله يستر، وهو من وراء القصد.
*كاتب سعودي