-A +A
سعيد السريحي
لو أن مهمة المقاصف المدرسية مجرد توفير التغذية للطلاب لكان البحث في نوعية ما تقدمه من أغذية وتوفر شروط النظافة فيها كافياً لإسناد هذه المقاصف للشركات والمؤسسات التي تتعهد بتقديم الغذاء الجيد وتوفر شروط النظافة والسلامة في طرق تقديم هذا الغذاء.

غير أن للمقاصف المدرسية دوراً آخر يتجاوز ذلك، دور تربوي لا تصبح معه مجرد مطعم يمكن الاستغناء عنه بما يحمله الطالب من بيته من طعام، دور آخر غاب، أو تم تغييبه، تحت وطأة الرغبة في الاستثمار على حساب هذا الدور التربوي المهم الذي كانت تنهض به المدارس من قبل، حين كان كل مقصف في المدرسة يمثل شركة صغيرة يتكون رأسمالها مما يساهم به طلاب كل مدرسة من شراء أسهمها التي تطرح في بداية كل عام، ويتحصل الطلاب على فوائدهم من وراء هذه المساهمة بما تجنيه تلك المساهمة من أرباح توزع عليهم في نهاية العام بناء على عدد الأسهم التي شاركوا بها.


كانت المقاصف نموذجاً لدرس اقتصادي يتعلم من خلاله الطلاب، والطالبات كذلك، معنى وقيمة المشاركة في تكوين المؤسسات والشركات الصغيرة، والذي لم يكن دورهم فيها يتوقف عند حدود المشاركة في توفير رأسمالها فحسب، بل يتولون هم أنفسهم إدارتها والبيع والشراء فيها مقابل مكافآت مقطوعة تمنح لهم نظير ذلك، وكانت تلك المشاركة في تكوين رأسمال المقاصف وإدارتها تتم تحت إشراف إدارة المدرسة، وكانت جزءاً لا يتجزأ من النشاط اللاصفي للمدارس التي كانت جمعية المقصف إحدى جمعياتها التي ينتمي لها الطلاب مثلها مثل جمعية الإذاعة وجمعية المسرح وجمعية الصحافة وغيرها من الجمعيات التي لم تعد تعرفها المدارس.

والمأمول، ووزارة التعليم تبحث هذه الأيام موضوع المقاصف المدرسية، أن تتذكر الوزارة هذا الدور وأن تعي أن لهذه المقاصف دوراً يتجاوز توفير غذاء لمن لم يحمل «سندوتشه» من بيته.

* كاتب سعودي

Suraihi@gmail.com