يحكى أن حاكماً دعا فناناً تشكيلياً وأمره برسم صورتين متناقضتين بمدخل المدينة، أمره أن يرسم صورة ملاك ومقابلها صوره الشيطان لرصد الاختلاف بين الفضيلة والرذيلة، فبحث الرسام عن مصدر يستوحي منه الفكرة، وبالفعل عثر على طفل بريء وجميل تطل السكينة من وجهه المستدير، وبعد شهر أصبح الرسم جاهزاً ومبهراً للناس، ثم بدأ الرسام بعدها بالبحث عن شخص يستوحي منه ملامح الشيطان، بحث كثيراً، وطال بحثه لعشرين عاماً، حتى خشي الحاكم أن يموت الرسام قبل أن يستكمل التحفة التاريخية، فأعلن عن جائزة كبرى لأكثر الوجوه إثارة للرعب!
لكن الخطة لم تنجح، فأخذ الفنان يزور السجون والعيادات النفسية والحانات، إلا أنهم جميعاً كانوا بشراً وليسوا شياطين، وذات يوم عثر الفنان فجأة على (الشيطان)! كان عبارة عن رجل سيئ يبتلع زجاجة الخمر في زاوية مظلمة بالحانة، كان قبيح المنظر، كريه الرائحة، عديم الروح، ويتكلم بصوت عالٍ وفمه خالٍ من الأسنان، جلس الرسام أمام الرجل وبدأ يرسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح (الشيطان)!، وفي إحدى المرات التفت الفنان إلى الرجل ورأى دمعة تنزل على خده فاستغرب الموضوع وسأله ما إذا كان يريد أن يشعل السجارة أو يحتسي قدحاً من الخمر؟!
لكن الرجل أجابه والعبرة تخنقه: لقد زرتني منذ سنوات عدة حين كنت طفلاً صغيراً واستلهمت من وجهي البريء صورة الملاك، واليوم يا سيدي تستلهم مني صورة الشيطان، لقد غيرتني الأيام حتى أصبحت نقيض ذاتي!
هذه الحكاية المعبرة، تتبادر إلى ذهني كثيراً هذه الأيام كلما رأيت إعلاناً تجارياً يبث تحت عنوان (شاهدونا في رمضان)، تلك الشاشة الصغيرة والبريئة التي طالما التفت حولها الأسرة في رمضان، كم وكم أثرت عقولنا بالبرامج الدينية القيمة مثل (على مائدة الأفطار) للشيخ علي الطنطاوي، أو مسابقة الكبار، أو المسلسلات الهادفة، أو الأعمال التاريخية، اليوم كبرت هذه الشاشة وفاقت الخمسين بوصة، وأصبحت تشبه ذلك الرجل الثمل ذا الوجه القبيح الذي لا يفارق الحانة، وهي تبث على مدار الليل والنهار أصنافاً لا حدود لها من العري والسخافة والتهريج وقلة الحياء!
وقس عليها: بعض أولئك المنتجين والمخرجين والفنانين وبعض الدعاة، إذ يبدأ الواحد منهم حياة الأضواء كملاك، وما إن يتقدم به العمر قليلاً ويتشرب المهنة ويدمن الشهرة حتى تتلبسه هيئة الشيطان، لدرجة أنه لو أمر اليوم حاكم المدينة الإعلامية فناناً بأن يرسم بمدخلها صورة ترصد الاختلاف بين الرذيلة والفضيلة لعجز عن إيجاد وجه بريء يمثل الملاك، فيما سيجد آلافاً مؤلفة من الشياطين المكبلة وهي تمنح التوكيل لشياطين الأنس المطلقة لتغوي العباد وتعلنها بكل جرأة (شاهدونا في رمضان)!
لكن الخطة لم تنجح، فأخذ الفنان يزور السجون والعيادات النفسية والحانات، إلا أنهم جميعاً كانوا بشراً وليسوا شياطين، وذات يوم عثر الفنان فجأة على (الشيطان)! كان عبارة عن رجل سيئ يبتلع زجاجة الخمر في زاوية مظلمة بالحانة، كان قبيح المنظر، كريه الرائحة، عديم الروح، ويتكلم بصوت عالٍ وفمه خالٍ من الأسنان، جلس الرسام أمام الرجل وبدأ يرسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح (الشيطان)!، وفي إحدى المرات التفت الفنان إلى الرجل ورأى دمعة تنزل على خده فاستغرب الموضوع وسأله ما إذا كان يريد أن يشعل السجارة أو يحتسي قدحاً من الخمر؟!
لكن الرجل أجابه والعبرة تخنقه: لقد زرتني منذ سنوات عدة حين كنت طفلاً صغيراً واستلهمت من وجهي البريء صورة الملاك، واليوم يا سيدي تستلهم مني صورة الشيطان، لقد غيرتني الأيام حتى أصبحت نقيض ذاتي!
هذه الحكاية المعبرة، تتبادر إلى ذهني كثيراً هذه الأيام كلما رأيت إعلاناً تجارياً يبث تحت عنوان (شاهدونا في رمضان)، تلك الشاشة الصغيرة والبريئة التي طالما التفت حولها الأسرة في رمضان، كم وكم أثرت عقولنا بالبرامج الدينية القيمة مثل (على مائدة الأفطار) للشيخ علي الطنطاوي، أو مسابقة الكبار، أو المسلسلات الهادفة، أو الأعمال التاريخية، اليوم كبرت هذه الشاشة وفاقت الخمسين بوصة، وأصبحت تشبه ذلك الرجل الثمل ذا الوجه القبيح الذي لا يفارق الحانة، وهي تبث على مدار الليل والنهار أصنافاً لا حدود لها من العري والسخافة والتهريج وقلة الحياء!
وقس عليها: بعض أولئك المنتجين والمخرجين والفنانين وبعض الدعاة، إذ يبدأ الواحد منهم حياة الأضواء كملاك، وما إن يتقدم به العمر قليلاً ويتشرب المهنة ويدمن الشهرة حتى تتلبسه هيئة الشيطان، لدرجة أنه لو أمر اليوم حاكم المدينة الإعلامية فناناً بأن يرسم بمدخلها صورة ترصد الاختلاف بين الرذيلة والفضيلة لعجز عن إيجاد وجه بريء يمثل الملاك، فيما سيجد آلافاً مؤلفة من الشياطين المكبلة وهي تمنح التوكيل لشياطين الأنس المطلقة لتغوي العباد وتعلنها بكل جرأة (شاهدونا في رمضان)!