تحفل الدولة العظمى الأولى في عالم اليوم، الولايات المتحدة، مثلها مثل أي دولة أخرى، بالكثير والعديد من «مراكز القوى» المختلفة، والمتنافرة أحيانا. ويعرف «مركز القوى» بأنه عبارة عن: مجموعة من الناس، أو فئة، أو مؤسسة، ذات هوية شبه مستقلة، وصفة مميزة، لها أهداف محددة، ورؤى وسياسات كثيرا ما تختلف عن بقية مراكز القوى الأخرى، في الوطن الواحد، رغم أن كل هذه القوى تندرج تحت مظلة وطنية واحدة، وبلد معين واحد.
ويمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من زاوية «الدولة» التي دائما ما تكون قواها المؤسساتية الرئيسة تنحصر في: المؤسسات السياسية الرسمية (الحكومة بكل أجهزتها) والمؤسسات غير الرسمية (الأحزاب، جماعات الضغط والمصالح، الرأي العام). إضافة إلى الشعب، بفئاته المختلفة. وتحديدا، يمكننا إيجاز هذه القوى الأمريكية بدقة أكبر، وحصرها في عشر قوى رئيسة فقط، كما يلي:
1 – السلطة التشريعية: الكونغرس بمجلسيه.
2 – السلطة التنفيذية الكلية: الرئيس ونائبه (البيت الأبيض) ومجلس الوزراء، والهيئات الفيدرالية.
3 – السلطة التنفيذية المصغرة (الحكومة المصغرة): التي تتكون من: الرئيس ومستشاريه، وكل من: الاستخبارات (CIA)، والمباحث الفيدرالية، ووزارة الأمن القومي، ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووزارة الخارجية.
4 – السلطة القضائية: ممثلة في المحكمة الفيدرالية العليا.
5 – الأحزاب السياسية بأنواعها.
6 – جماعات الضغط المرتبطة مصالحها بسياسات البيت الأبيض.
7 – جماعات الضغط والمصالح المتحررة.
8 – الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
9 – المثقفون والمفكرون.
10 – الشعب (الرأي العام بعامته).
إذاً، عندما يتحدث أحدنا عن «أمريكا» وسياساتها (أو أي دولة أخرى) فإن عليه أن يحدد «من» في أمريكا؟! الحكومة الأمريكية تمثل كل أمريكا. ولكن، هذا رسميا، وإلى حد معين سياسيا. أما فعليا وواقعيا، فإن سياسة أمريكا تعتمد على مواقف مراكز القوى التي نتحدث عنها. بل حتى في مركز القوى الواحد، نجد تفاوتا في التوجه والاعتقاد.. الذى يتدرج من أقصى اليمين إلى اليمين المعتدل، فالوسط، فاليسار، فاليسار المتطرف.
هذا التنوع في الرؤى صحيح بالنسبة لأمريكا، وهى دولة عظمى تتكون من 50 ولاية (شبه دولة).. كل ولاية لها ثقلها وتوجهها. وهو أيضا صحيح بالنسبة لأي دولة، مهما صغرت. الدقة والأمانة والموضوعية كلها أمور تتطلب تحديد مواقف «الفئة» في البلد المعني الذى تهم سياساتها طرف دولي معين. ففي التعميم هنا خلل كبير.
***
وفى الوقت الحاضر، يمكننا، اجتهادا واستنادا على ما هو معلن من هذه المواقف، أن نحدد – بصفة تقريبية – موقف وسياسة كل من مراكز القوى الأمريكية العشر هذه، تجاه عالمنا العربي بصفة عامة، كليا وجزئيا. ونوجز ذلك فيما يلى:
1 - هناك خطة أمريكية عامة يبدو أن الحكومة الأمريكية المصغرة تتبناها، منذ عقود، تجاه العرب والمسلمين، بصفة عامة. وهى سياسة شبه ثابتة، وبصرف النظر عن من يأتي إلى السلطة، ومن يكون الرئيس. ويغلب الطابع السلبي على هذه الخطة.. إذ تتميز أهدافها بالمناوأة. فمن عناصرها وبنودها: تكريس الضعف العربي، والمبالغة في دعم إسرائيل، والاستهانة بالحقوق العربية الأساسية والمشروعة... إلخ. وهذه الحكومة الأمريكية المصغرة تخفي مناوأتها، ولكنها تبارك الواقع العربي الضعيف، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى؛ إذ ترى أن «مصلحة أمريكا» تقتضى هذه السياسات..؟!
أما بالنسبة لأغلب مراكز القوى الأمريكية الأخرى، فإن موقفها نحو العرب يميل أيضا للسلبية، بالنسبة للمصلحة العليا العربية. ولنختتم هذا المقال بإيجاز الموقف العام لكل من هذه المراكز. وذلك على النحو التالي:
2 – السلطة التنفيذية الكلية: الغالبية فيها تجاري الحكومة المصغرة في مواقفها. وقلة قليلة بها لها مواقف معادية معلنة للعروبة والإسلام.
3– السلطة التشريعية: قلة تجاري الحكومة المصغرة في موقفها. أما غالبية أعضاء هذه السلطة فلها موقف غير ودي.
4– السلطة القضائية: ليس لها موقف سياسي واضح. بعض أعضائها يحملون انطباعا سلبيا تجاه العرب.
5 – الأحزاب السياسية: معظمها له مواقف معادية، أو سلبية.
6 – جماعات الضغط والمصالح المرتبطة مصالحها بسياسات البيت الأبيض: تتبنى موقف الحكومة الأمريكية المصغرة تماما. بل إنها هي الطرف الأهم الذي يدفع الأخيرة للتمسك بسياساتها المعروفة، خدمة لمصالحها، التي تدعي أنها «مصالح أمريكا». قال رئيس شركة «جنرال موتورز» ذات مرة: «What is good for GMC is good for America»
7 – جماعات الضغط والمصالح الحرة: معظمها معاد، أو غير مكترث، في مواقفه نحو العرب.
8 – الإعلام: معظمه معاد للعرب.. عدا بعضه الذى يدور في فلك الحكومة الأمريكية المصغرة.
9 – المثقفون والمفكرون: موقفهم سلبي في معظمه.
10 – الشعب (الرأي العام): موقفه إما سلبي، أو مغلوط، أو غير مكترث.
***
وختاما، نقول: إن الطابع الليبرالي هو التوجه الفكري السائد في أمريكا، رغم أن أمريكا أقل «ليبرالية» من حليفتها أوروبا. والمؤسف أن معظم الليبراليين الأمريكيين لهم موقف سلبي تجاه العرب والمسلمين. أما المحافظون الأمريكيون، فإن موقفهم نحو العرب والمسلمين – بصفة جد عامة – يتراوح بين المجاملة المصطنعة، والمداهنة المكشوفة، وكذلك العداء الصارخ في كثير من الحالات. ليت مراكز الدراسات والبحث العلمي العربية تهتم بهذا الموضوع الحيوي، كما يجب وينبغي.
* كاتب سعودي
ويمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من زاوية «الدولة» التي دائما ما تكون قواها المؤسساتية الرئيسة تنحصر في: المؤسسات السياسية الرسمية (الحكومة بكل أجهزتها) والمؤسسات غير الرسمية (الأحزاب، جماعات الضغط والمصالح، الرأي العام). إضافة إلى الشعب، بفئاته المختلفة. وتحديدا، يمكننا إيجاز هذه القوى الأمريكية بدقة أكبر، وحصرها في عشر قوى رئيسة فقط، كما يلي:
1 – السلطة التشريعية: الكونغرس بمجلسيه.
2 – السلطة التنفيذية الكلية: الرئيس ونائبه (البيت الأبيض) ومجلس الوزراء، والهيئات الفيدرالية.
3 – السلطة التنفيذية المصغرة (الحكومة المصغرة): التي تتكون من: الرئيس ومستشاريه، وكل من: الاستخبارات (CIA)، والمباحث الفيدرالية، ووزارة الأمن القومي، ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووزارة الخارجية.
4 – السلطة القضائية: ممثلة في المحكمة الفيدرالية العليا.
5 – الأحزاب السياسية بأنواعها.
6 – جماعات الضغط المرتبطة مصالحها بسياسات البيت الأبيض.
7 – جماعات الضغط والمصالح المتحررة.
8 – الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
9 – المثقفون والمفكرون.
10 – الشعب (الرأي العام بعامته).
إذاً، عندما يتحدث أحدنا عن «أمريكا» وسياساتها (أو أي دولة أخرى) فإن عليه أن يحدد «من» في أمريكا؟! الحكومة الأمريكية تمثل كل أمريكا. ولكن، هذا رسميا، وإلى حد معين سياسيا. أما فعليا وواقعيا، فإن سياسة أمريكا تعتمد على مواقف مراكز القوى التي نتحدث عنها. بل حتى في مركز القوى الواحد، نجد تفاوتا في التوجه والاعتقاد.. الذى يتدرج من أقصى اليمين إلى اليمين المعتدل، فالوسط، فاليسار، فاليسار المتطرف.
هذا التنوع في الرؤى صحيح بالنسبة لأمريكا، وهى دولة عظمى تتكون من 50 ولاية (شبه دولة).. كل ولاية لها ثقلها وتوجهها. وهو أيضا صحيح بالنسبة لأي دولة، مهما صغرت. الدقة والأمانة والموضوعية كلها أمور تتطلب تحديد مواقف «الفئة» في البلد المعني الذى تهم سياساتها طرف دولي معين. ففي التعميم هنا خلل كبير.
***
وفى الوقت الحاضر، يمكننا، اجتهادا واستنادا على ما هو معلن من هذه المواقف، أن نحدد – بصفة تقريبية – موقف وسياسة كل من مراكز القوى الأمريكية العشر هذه، تجاه عالمنا العربي بصفة عامة، كليا وجزئيا. ونوجز ذلك فيما يلى:
1 - هناك خطة أمريكية عامة يبدو أن الحكومة الأمريكية المصغرة تتبناها، منذ عقود، تجاه العرب والمسلمين، بصفة عامة. وهى سياسة شبه ثابتة، وبصرف النظر عن من يأتي إلى السلطة، ومن يكون الرئيس. ويغلب الطابع السلبي على هذه الخطة.. إذ تتميز أهدافها بالمناوأة. فمن عناصرها وبنودها: تكريس الضعف العربي، والمبالغة في دعم إسرائيل، والاستهانة بالحقوق العربية الأساسية والمشروعة... إلخ. وهذه الحكومة الأمريكية المصغرة تخفي مناوأتها، ولكنها تبارك الواقع العربي الضعيف، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى؛ إذ ترى أن «مصلحة أمريكا» تقتضى هذه السياسات..؟!
أما بالنسبة لأغلب مراكز القوى الأمريكية الأخرى، فإن موقفها نحو العرب يميل أيضا للسلبية، بالنسبة للمصلحة العليا العربية. ولنختتم هذا المقال بإيجاز الموقف العام لكل من هذه المراكز. وذلك على النحو التالي:
2 – السلطة التنفيذية الكلية: الغالبية فيها تجاري الحكومة المصغرة في مواقفها. وقلة قليلة بها لها مواقف معادية معلنة للعروبة والإسلام.
3– السلطة التشريعية: قلة تجاري الحكومة المصغرة في موقفها. أما غالبية أعضاء هذه السلطة فلها موقف غير ودي.
4– السلطة القضائية: ليس لها موقف سياسي واضح. بعض أعضائها يحملون انطباعا سلبيا تجاه العرب.
5 – الأحزاب السياسية: معظمها له مواقف معادية، أو سلبية.
6 – جماعات الضغط والمصالح المرتبطة مصالحها بسياسات البيت الأبيض: تتبنى موقف الحكومة الأمريكية المصغرة تماما. بل إنها هي الطرف الأهم الذي يدفع الأخيرة للتمسك بسياساتها المعروفة، خدمة لمصالحها، التي تدعي أنها «مصالح أمريكا». قال رئيس شركة «جنرال موتورز» ذات مرة: «What is good for GMC is good for America»
7 – جماعات الضغط والمصالح الحرة: معظمها معاد، أو غير مكترث، في مواقفه نحو العرب.
8 – الإعلام: معظمه معاد للعرب.. عدا بعضه الذى يدور في فلك الحكومة الأمريكية المصغرة.
9 – المثقفون والمفكرون: موقفهم سلبي في معظمه.
10 – الشعب (الرأي العام): موقفه إما سلبي، أو مغلوط، أو غير مكترث.
***
وختاما، نقول: إن الطابع الليبرالي هو التوجه الفكري السائد في أمريكا، رغم أن أمريكا أقل «ليبرالية» من حليفتها أوروبا. والمؤسف أن معظم الليبراليين الأمريكيين لهم موقف سلبي تجاه العرب والمسلمين. أما المحافظون الأمريكيون، فإن موقفهم نحو العرب والمسلمين – بصفة جد عامة – يتراوح بين المجاملة المصطنعة، والمداهنة المكشوفة، وكذلك العداء الصارخ في كثير من الحالات. ليت مراكز الدراسات والبحث العلمي العربية تهتم بهذا الموضوع الحيوي، كما يجب وينبغي.
* كاتب سعودي