كنت راغباً أن أبدأ هذا المقال بمقدمة مبالغ فيها، وهي وصية لمن لم يزر مدينة البندقية بإيطاليا المحاصرة بالمياه من كل جانب، أن يزور حي السامر بمدينة جدة مع ملاحظة الفوارق الرئيسية بين مدينة تجعل من مياهها متعة وسياحة لن تنسى وبين بحيرة تمثل شركاً أو فخاً وبؤرة (متعافية) لانتقال الأمراض من مسطح مائي إلى أهالي ذلك الحي..
ولو كانت البحيرة الآسنة بحي السامر في إحدى الدول المتقدمة لسارع المسؤول بتقديم استقالته؛ لأنه أخلّ بالمسؤولية الملقاة على عاتقه... إلا أن مسؤولينا في أربع جهات حكومية اجتمعوا لمناقشة أوضاع البحيرة وما تسببه من كوارث بيئية وصحية، فتخلت كل جهة عن مسؤوليتها (وهي العادة في تبادل قذف المسؤولية من مربع الذات إلى مربع الآخرين)...
وأثناء تبادل التهم بين المسؤولين يعيش سكان حي السامر المعاناة بعد أن رفعوا الراية البيضاء كاستسلام صريح من عدم جدوى أو فائدة الشكوى، فكل جهة يوجهون إليها شكواهم يجدون التصريف غير اللائق وغض الطرف عما يحدث لهم..
هذه البحيرة (يا سادة) تمثل الآن أخطاراً عدة، فغرف الكهرباء مغروسة وسط هذه البحيرة، ومقبرة الحي تعرض الموتى فيها إلى أضرار الأحياء، ولم تعد أرض المقبرة قابلة لاستيعاب موتى جدد، مع ارتفاع نذير تفشي حمى المتصدع التي تقف على الأبواب لكثافة انتشار البعوض، والشوارع العامة والمنازل تسربت إليها المياه وأخذت تنذر بما لا يحتمله أي مسؤول أمين على ممتلكات المواطنين... وهذه المشكلة التي كان من الممكن أن تنهض كل المرافق لتلافى كارثة ظلت باقية أمام بصر وسمع كل المرافق بالمدينة.. كان من الممكن حدوث ذلك لولا أن التبرؤ من المسؤولية مكّن الجميع من أخذ مقاعد المتفرجين حتى يحدث الله أمراً.
والآن، وبعد الاجتماع الرباعي (بين المرافق الحكومية في مدينة جدة) وإلقاء المسؤولية على شركة المياه، لم يحدث شيء سوى أن شركة المياه (وسعت) لنفسها مقعداً لكي تجلس مع الجمهور في متابعة تنامي كارثة حي السامر!
ولو كان رئيس الشركة على دراية بما تمثله هذه الكارثة التي تستوجب الاستقالة أو الإقالة لما اقتعد مقعد الجمهور، ولكن الأمر متعلق بالتريث وحصد الأمراض وانهيارات في أرضية المنازل والشوارع، ساعتها يمكن لشركة المياه أن تنهض لإجراء عملية الإحماء... فقط إحماء.. وعجبي!
* كاتب سعودي
ولو كانت البحيرة الآسنة بحي السامر في إحدى الدول المتقدمة لسارع المسؤول بتقديم استقالته؛ لأنه أخلّ بالمسؤولية الملقاة على عاتقه... إلا أن مسؤولينا في أربع جهات حكومية اجتمعوا لمناقشة أوضاع البحيرة وما تسببه من كوارث بيئية وصحية، فتخلت كل جهة عن مسؤوليتها (وهي العادة في تبادل قذف المسؤولية من مربع الذات إلى مربع الآخرين)...
وأثناء تبادل التهم بين المسؤولين يعيش سكان حي السامر المعاناة بعد أن رفعوا الراية البيضاء كاستسلام صريح من عدم جدوى أو فائدة الشكوى، فكل جهة يوجهون إليها شكواهم يجدون التصريف غير اللائق وغض الطرف عما يحدث لهم..
هذه البحيرة (يا سادة) تمثل الآن أخطاراً عدة، فغرف الكهرباء مغروسة وسط هذه البحيرة، ومقبرة الحي تعرض الموتى فيها إلى أضرار الأحياء، ولم تعد أرض المقبرة قابلة لاستيعاب موتى جدد، مع ارتفاع نذير تفشي حمى المتصدع التي تقف على الأبواب لكثافة انتشار البعوض، والشوارع العامة والمنازل تسربت إليها المياه وأخذت تنذر بما لا يحتمله أي مسؤول أمين على ممتلكات المواطنين... وهذه المشكلة التي كان من الممكن أن تنهض كل المرافق لتلافى كارثة ظلت باقية أمام بصر وسمع كل المرافق بالمدينة.. كان من الممكن حدوث ذلك لولا أن التبرؤ من المسؤولية مكّن الجميع من أخذ مقاعد المتفرجين حتى يحدث الله أمراً.
والآن، وبعد الاجتماع الرباعي (بين المرافق الحكومية في مدينة جدة) وإلقاء المسؤولية على شركة المياه، لم يحدث شيء سوى أن شركة المياه (وسعت) لنفسها مقعداً لكي تجلس مع الجمهور في متابعة تنامي كارثة حي السامر!
ولو كان رئيس الشركة على دراية بما تمثله هذه الكارثة التي تستوجب الاستقالة أو الإقالة لما اقتعد مقعد الجمهور، ولكن الأمر متعلق بالتريث وحصد الأمراض وانهيارات في أرضية المنازل والشوارع، ساعتها يمكن لشركة المياه أن تنهض لإجراء عملية الإحماء... فقط إحماء.. وعجبي!
* كاتب سعودي