قبل ثلاثة أعوام وتحديدا في السنة الأخيرة من عمر ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما حليف إيران وعراب اتفاقها النووي، أطلق الأمير الجسور محمد بن سلمان أول تصريحاته عن إيران، قال فيها: إن إيران ليست سوى نمر من ورق، «كان التوصيف مستغربا ومفاجئا للكثير، مع التذكير أن العلاقة السعودية الأمريكية لم تكن في أحسن أحوالها، إلا أن السعودية عبرت بكل شجاعة عن رفضها للاتفاق النووي 5+1 الذي ضم بجانب أمريكا خمس دول أوروبية».
كان السؤال الدارج بين المراقبين والمحللين يقول:
كيف يمكن للسعودية المنخرطة في الدفاع عن الفضاء العربي وتخومه التي احتلتها إيران أن تصف إيران بأنها نمر من ورق، وكل الشواهد تؤكد أن طهران في طريقها لتسيد العالم العربي بتحالفها مع دول إقليمية ومنظمات محلية وقوى دولية تبدأ من برلين فباريس وانتهاء بالإدارة الأمريكية ولوبي إيراني صلب يعمل بكفاءة كبيرة في واشنطن.
لكن المسألة في داخلها كانت تحمل ما لم يره المراقبون، إنها حرب بين دهاة نجد الذين خبروا السياسة وعركوها، وبين حيل الفرس وغرورهم الذين لم يكتفوا بالعمل السياسي، بل لطخوا أيديهم بدماء الأبرياء من صعدة الحوثية في اليمن إلى سورية مرورا بلبنان والعراق وليس انتهاء بالبحرين.
لقد فهم «المصمك» مبكرا أن كل تلك الأوهام الإيرانية التي سوقتها طهران وباعتها في العالم هي مجرد أكاذيب ووجوه مبتسمة، لكن الأيدي لا تزال تحمل الإرهاب، ومن السهل أن تسقط لينكشف وجه طهران القبيح ولو بعد حين، إنه الصبر حتى يمل منك الصبر، وهو الحلم حتى يقول الحالمون كفى، ثم تأتي الضربة قاصمة حاسمة، وهذا ما حصل بالفعل.
فرغم كل الحيل واللوبيات والخيانات والجرائم بأيدي الغير التي قامت بها طهران في المنطقة وضد السعودية بالذات، إلا أنها سقطت أمام العمل الدبلوماسي السعودي.
أما المناطق التي لم يكن فيها مجال للسياسة، فقد قادت الرياض تحالفا خليجيا للقضاء على محاولة الاحتلال الإيراني للبحرين، وفي اليمن شكلت تحالفا عربيا للحفاظ على عروبة اليمن من التفريس والتمزيق. استطاعت الرياض أن تمزق حلف الممانعة في الوقت والمكان الذي تختاره هي وليس غيرها.
صحيح أن طهران شكلت حلفا تحت مسمى الممانعة، لم يكن في حقيقة الأمر إلا مصاهرة غير شرعية بين مناهضي السعودية، على شكل دائرة نحن نتكلم عن الفترة من 2003 وحتى 2015، استحوذت إيران خلالها على الثروات القطرية والقرار السياسي في العراق وسورية ولبنان، وأنشأت مقاولين من الباطن بدءا من حزب الله وحماس والحوثيين وعصائب الحق في العراق.
ثم تحرك المارد السعودي فأقنع الخرطوم بالتخلي عن إيران، وأعاد البحر الأحمر إلى حوض عربي خالص، وأنقذ الشرعية في اليمن، وعزل الممول القطري، واستعاد علاقته بالعراق، ثم تقدم لواشنطن واستطاع أن يقنعها بخطأ قرار الإدارة السابقة التي ارتكبت في حق شعوب الشرق الأوسط خطأ فادحا بإعادة تعويم إيران والسماح بسباق نووي لا يعرف أحد عاقبته.
عندما تنظر لذلك المشهد بعين فاحصة وترى ما آل إليه اليوم، ستصبح على حجم العمل الذي قامت به السياسة السعودية خلال ثلاث سنوات منذ تولي الملك سلمان عرش البلاد، فهي من تقدمت منفردة لتكون البوابة الشرقية ضد طموحات طهران، وهي من تحمل أكثر من 100 صاروخ باليستي أرسلتها إيران عبر الحوثيين لمدن المملكة، وهي من تلقى الخيانات وتشويه السمعة الذي تولته قطر ضدها، إنها حرب حقيقية خاضتها الرياض لإنقاذ العالم العربي من تحالف الأشرار، وها هي معالم النصر تبدو في الأفق.
لقد كان إعلان الرئيس دونالد ترمب تخليه عن الاتفاق النووي تتويجا لذكاء ودهاء ابن «المصمك» الذي أسقط النووي الإيراني دون أن يطلق رصاصة واحدة في قلب طهران.
* كاتب سعودي
massaaed@
m.assaaed@gmail.com
كان السؤال الدارج بين المراقبين والمحللين يقول:
كيف يمكن للسعودية المنخرطة في الدفاع عن الفضاء العربي وتخومه التي احتلتها إيران أن تصف إيران بأنها نمر من ورق، وكل الشواهد تؤكد أن طهران في طريقها لتسيد العالم العربي بتحالفها مع دول إقليمية ومنظمات محلية وقوى دولية تبدأ من برلين فباريس وانتهاء بالإدارة الأمريكية ولوبي إيراني صلب يعمل بكفاءة كبيرة في واشنطن.
لكن المسألة في داخلها كانت تحمل ما لم يره المراقبون، إنها حرب بين دهاة نجد الذين خبروا السياسة وعركوها، وبين حيل الفرس وغرورهم الذين لم يكتفوا بالعمل السياسي، بل لطخوا أيديهم بدماء الأبرياء من صعدة الحوثية في اليمن إلى سورية مرورا بلبنان والعراق وليس انتهاء بالبحرين.
لقد فهم «المصمك» مبكرا أن كل تلك الأوهام الإيرانية التي سوقتها طهران وباعتها في العالم هي مجرد أكاذيب ووجوه مبتسمة، لكن الأيدي لا تزال تحمل الإرهاب، ومن السهل أن تسقط لينكشف وجه طهران القبيح ولو بعد حين، إنه الصبر حتى يمل منك الصبر، وهو الحلم حتى يقول الحالمون كفى، ثم تأتي الضربة قاصمة حاسمة، وهذا ما حصل بالفعل.
فرغم كل الحيل واللوبيات والخيانات والجرائم بأيدي الغير التي قامت بها طهران في المنطقة وضد السعودية بالذات، إلا أنها سقطت أمام العمل الدبلوماسي السعودي.
أما المناطق التي لم يكن فيها مجال للسياسة، فقد قادت الرياض تحالفا خليجيا للقضاء على محاولة الاحتلال الإيراني للبحرين، وفي اليمن شكلت تحالفا عربيا للحفاظ على عروبة اليمن من التفريس والتمزيق. استطاعت الرياض أن تمزق حلف الممانعة في الوقت والمكان الذي تختاره هي وليس غيرها.
صحيح أن طهران شكلت حلفا تحت مسمى الممانعة، لم يكن في حقيقة الأمر إلا مصاهرة غير شرعية بين مناهضي السعودية، على شكل دائرة نحن نتكلم عن الفترة من 2003 وحتى 2015، استحوذت إيران خلالها على الثروات القطرية والقرار السياسي في العراق وسورية ولبنان، وأنشأت مقاولين من الباطن بدءا من حزب الله وحماس والحوثيين وعصائب الحق في العراق.
ثم تحرك المارد السعودي فأقنع الخرطوم بالتخلي عن إيران، وأعاد البحر الأحمر إلى حوض عربي خالص، وأنقذ الشرعية في اليمن، وعزل الممول القطري، واستعاد علاقته بالعراق، ثم تقدم لواشنطن واستطاع أن يقنعها بخطأ قرار الإدارة السابقة التي ارتكبت في حق شعوب الشرق الأوسط خطأ فادحا بإعادة تعويم إيران والسماح بسباق نووي لا يعرف أحد عاقبته.
عندما تنظر لذلك المشهد بعين فاحصة وترى ما آل إليه اليوم، ستصبح على حجم العمل الذي قامت به السياسة السعودية خلال ثلاث سنوات منذ تولي الملك سلمان عرش البلاد، فهي من تقدمت منفردة لتكون البوابة الشرقية ضد طموحات طهران، وهي من تحمل أكثر من 100 صاروخ باليستي أرسلتها إيران عبر الحوثيين لمدن المملكة، وهي من تلقى الخيانات وتشويه السمعة الذي تولته قطر ضدها، إنها حرب حقيقية خاضتها الرياض لإنقاذ العالم العربي من تحالف الأشرار، وها هي معالم النصر تبدو في الأفق.
لقد كان إعلان الرئيس دونالد ترمب تخليه عن الاتفاق النووي تتويجا لذكاء ودهاء ابن «المصمك» الذي أسقط النووي الإيراني دون أن يطلق رصاصة واحدة في قلب طهران.
* كاتب سعودي
massaaed@
m.assaaed@gmail.com