ما أسرع الأيام وتغير إحساسنا بالوقت وبالزمن وبالأشياء بل وبالبشر في عصر التقنية التي سرقت كل ذلك واختزلته في أجهزة التواصل الذكية، وهكذا تمضي الشهور لينطوي العام بعد الآخر، ولنتذكر شهر رمضان الماضي وكأننا ودعناه بالأمس القريب، وها هو الشهر الفضيل القادم أقرب، ندعو الله سبحانه أن يبلغنا شهر الصوم والأفئدة أقرب إلى الله، والناس مع بعضهم أنقى والحياة أكثر صفاء.
الزمن ليس مجرد سنوات مضت أو مقبلة، ولا ساعات تمضي هروبا من واقع، ولا الإحساس بالوقت مجرد مواسم ومناسبات، إنما الحياة في روح البشر وقيمة العمر برؤية وتجارب ومواقف، لذا عندما ننبش في الذاكرة نترحم على مافات من أيام وناس وحياة رغم بساطتها وصعوبتها. والسؤال: كيف نعيش اليوم مع تشابكات حياتية يستوعبها البعض، وتصيب من تصيب بالتعب، وأيام تتشابه عند البعض ضياعا في ملل، والفطن من يدرك نفسه ووقته وعمره، فالحياة تسير بين من ينجز ويقطع الوقت، وبين من يقطعه الوقت وتغلبه الحياة بزخرفها ومشاغلها وحساباتها، وبغفلة أو قلة حيلة أو رغما عنه، وفي كل الأحوال الأوقات السعيدة تمضي مسرعة، والصعب منها يمر ثقيلا، لكن يظل الوقت ثمينا في حياة الإنسان فلا يمكن استرجاع ما مضى منه، ولهذا يجب استغلال الوقت في المفيد وفي الطاعات وتنظيم الحياة بأفضل الطرق والأساليب.
الإشكالية العميقة في علاقة الإنسان بالوقت هي حقا قضية كل عصر، وشغلت خبراء التنمية والتربية وعلم النفس والمبتكرين والمكتشفين، الذين أسهموا قديما وحديثا في تطور الإنسان والحضارة وصولا إلى الفيمتو ثانية، وما الثورة التقنية المتسارعة إلا ثمرة عقول نظرت للوقت وللزمن بمفهوم القيمة، وحولته إلى تطور حضاري له اقتصاديات ضخمة، يقابله بشر تنفق أكثر بين استفادة من الوقت والحياة وبين من يهدرهما معا. فلا تخدع بالتقويم، وكما قال قائل «السنة هي الأيام التي تستفيد منها»، هناك إنسان يحصل على أسبوع فقط من السنة وهناك آخر يحصل على السنة كلها.
وعي الإنسان بذاته وبقدراته وسعيه للتعلم والخبرة والجدية في استثمار الوقت والإحساس بالزمن، هو نقطة ارتكاز لتحقيق الأهداف مهما كانت الصعوبات والمعوقات. المهم الإيجابية والتفاعل، ودون ذلك فلا تسأل عن أهداف وعن تغيير وتطوير، وليس بالضرورة أن يحقق الإنسان كل ما تمناه إنما عليه بالسعي وبالأسباب، والتوفيق دائما من الله تعالى إذا أخلص الإنسان في عباداته وعمله ومعاملاته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع؛ عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».
ثقافة الحياة المنظمة يجيدها أفراد وأسر، بل ومجتمعات اتفقت على قيم إتقان العمل واستثمار الوقت، ليس على طريقة (دُق الكارت والبصمة واجري) إنما يحرصون على دقة الأداء وجودته حرصهم على جودة الحياة كما يحتاجها الإنسان في الهواية والترفيه والراحة، دون الخلط بين الحقوق والواجبات. فالزمن يمضي والأعمار فيه كأنها لحظة، والإنسان المتبصر هو من يكتشف ذاته ويزكيها، وكذا المجتمعات. زمان قالوا (الجار قبل الدار) واليوم من المهم بناء الإنسان قبل الدار، والمعلم قبل المبنى والخطيب قبل المسجد وهكذا مع أهل التربية وبناة الوعي.
* كاتب سعودي
الزمن ليس مجرد سنوات مضت أو مقبلة، ولا ساعات تمضي هروبا من واقع، ولا الإحساس بالوقت مجرد مواسم ومناسبات، إنما الحياة في روح البشر وقيمة العمر برؤية وتجارب ومواقف، لذا عندما ننبش في الذاكرة نترحم على مافات من أيام وناس وحياة رغم بساطتها وصعوبتها. والسؤال: كيف نعيش اليوم مع تشابكات حياتية يستوعبها البعض، وتصيب من تصيب بالتعب، وأيام تتشابه عند البعض ضياعا في ملل، والفطن من يدرك نفسه ووقته وعمره، فالحياة تسير بين من ينجز ويقطع الوقت، وبين من يقطعه الوقت وتغلبه الحياة بزخرفها ومشاغلها وحساباتها، وبغفلة أو قلة حيلة أو رغما عنه، وفي كل الأحوال الأوقات السعيدة تمضي مسرعة، والصعب منها يمر ثقيلا، لكن يظل الوقت ثمينا في حياة الإنسان فلا يمكن استرجاع ما مضى منه، ولهذا يجب استغلال الوقت في المفيد وفي الطاعات وتنظيم الحياة بأفضل الطرق والأساليب.
الإشكالية العميقة في علاقة الإنسان بالوقت هي حقا قضية كل عصر، وشغلت خبراء التنمية والتربية وعلم النفس والمبتكرين والمكتشفين، الذين أسهموا قديما وحديثا في تطور الإنسان والحضارة وصولا إلى الفيمتو ثانية، وما الثورة التقنية المتسارعة إلا ثمرة عقول نظرت للوقت وللزمن بمفهوم القيمة، وحولته إلى تطور حضاري له اقتصاديات ضخمة، يقابله بشر تنفق أكثر بين استفادة من الوقت والحياة وبين من يهدرهما معا. فلا تخدع بالتقويم، وكما قال قائل «السنة هي الأيام التي تستفيد منها»، هناك إنسان يحصل على أسبوع فقط من السنة وهناك آخر يحصل على السنة كلها.
وعي الإنسان بذاته وبقدراته وسعيه للتعلم والخبرة والجدية في استثمار الوقت والإحساس بالزمن، هو نقطة ارتكاز لتحقيق الأهداف مهما كانت الصعوبات والمعوقات. المهم الإيجابية والتفاعل، ودون ذلك فلا تسأل عن أهداف وعن تغيير وتطوير، وليس بالضرورة أن يحقق الإنسان كل ما تمناه إنما عليه بالسعي وبالأسباب، والتوفيق دائما من الله تعالى إذا أخلص الإنسان في عباداته وعمله ومعاملاته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع؛ عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».
ثقافة الحياة المنظمة يجيدها أفراد وأسر، بل ومجتمعات اتفقت على قيم إتقان العمل واستثمار الوقت، ليس على طريقة (دُق الكارت والبصمة واجري) إنما يحرصون على دقة الأداء وجودته حرصهم على جودة الحياة كما يحتاجها الإنسان في الهواية والترفيه والراحة، دون الخلط بين الحقوق والواجبات. فالزمن يمضي والأعمار فيه كأنها لحظة، والإنسان المتبصر هو من يكتشف ذاته ويزكيها، وكذا المجتمعات. زمان قالوا (الجار قبل الدار) واليوم من المهم بناء الإنسان قبل الدار، والمعلم قبل المبنى والخطيب قبل المسجد وهكذا مع أهل التربية وبناة الوعي.
* كاتب سعودي