لايمكن الحديث عن صناعة سياحية أو تنمية الاقتصاد السياحي في السعودية بمعزل عن صناعة «إستراتيجية إعلامية ودعائية ذكية» تواكب تقنيات العصر بأدوات قادرة على تسويق هذا القطاع على المستوى العالمي، وهو أمر أعتقد أننا نفتقر إليه في الواقع، إذ لم نعمل جدياً طوال الثلاثين سنة الماضية على هذا الجانب بشكل صحيح، وقد حان الوقت للتعامل مع الأمر بذكاء والتخلي عن كل الرسائل التقليدية التي أغرقنا أنفسنا بها لعقود دون فعالية تذكر.
إذا كان لديك «جوهرة ثمينة» تخفيها في صندوق مغلق داخل منزلك فلن يعرف أحد عنها شيئاً، وإن أردت تسويقها وتحويل منزلك إلى مزار سياحي لمشاهدتها، فلا يكفي أن توزع بعض المنشورات عنها في الحي الذي تقطنه، لأن ذلك لن يلفت إلا اللصوص، المطلوب منك أن تنسج حولها بعض القصص المدهشة بذكاء شديد وتحيطها بالأساطير ثم تستأجر من يشيعها بين الناس في الأحياء الأخرى والمدن المجاورة، حينها سيتحول منزلك إلى مقصد لكل الباحثين عن الدهشة والسياح وعشاق الجواهر أيضاً.
لو حاولنا حصر القصص الخيالية التي تُنسج عن مباني وكنائس روما (على سبيل المثال) وتتناولها الروايات العالمية الحديثة والأفلام السينمائية كل يوم فسنعجز عن ذلك، لأنها صناعة قائمة بحد ذاتها وتنتج الجديد كل يوم، وهذا ما يمكن أن يُوصف بـ«أسطرة المكان» التي تحوله آليا إلى مقصد سياحي جاذب للأموال من كل بقاع الأرض.
السعودية من أكثر دول العالم ثراء بالمواقع الأثرية الأكثر عراقة في التاريخ ولدينا ميثولوجيا غنية ومبهرة، لكننا كنا حتى وقت قريب نحارب أنفسنا واقتصادنا وسياحتنا بمحاربة تراثنا القصصي الشفهي ومواقعنا الأثرية بحجة مكافحة الخرافات والأساطير والبدع، مع أن كل السياح في العالم الذين يقطعون آلاف الأميال لزيارة موقع تراثي أسطوري في أي مكان يعرفون أن ما يُنسج عنه خيال، لكن المتعة في الوصول إليه، وهذا ما يجب أن نفهمه.
نحن بحاجة للاستثمار في صناعة إستراتيجية دعائية ذكية تعمل على أسطرة مواقعنا الأثرية المرتبطة بالميثولوجيا وتعيد صقلها إعلاميا وتقديمها للعالم من خلال الوسائط الحديثة واستغلال الأعمال الفنية العالمية في هذا الباب، كما ينبغي العمل بشكل مستقل على دعم وتشجيع المواهب الشابة ذات الجهود الفردية لصناعة الأفلام ومقاطع الفيديو القصيرة وترجمتها للغات المختلفة وعلى الأخص تلك التي «تؤسطر» المواقع الأثرية السعودية وتعيد نشرها في شبكات التواصل، وكمثال على ذلك يمكن زيارة هذا العنوان على اليوتيوب:
https://youtu.be/CnuhetnPFCQ
لمشاهدة جهد بسيط ومتواضع لصناعة فيديو عن «أسطورة جبال الرقّاصات» في العلا وهو من إنتاج مستخدم اسمه «يحيى المازن» يستحق الشكر عليه.
أخيراً علينا أن ندرك أن «الاستثمار السياحي فن»، واستغلال الميثولوجيا جزء أصيل منه، والأهم من كل ذلك أن نعمل على تسويق جواهرنا عالميا بذكاء إعلامي دعائي يتجاوز الأطر التقليدية التي وضعتها في الصناديق المغلقة طوال العقود الماضية.
* كاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com
إذا كان لديك «جوهرة ثمينة» تخفيها في صندوق مغلق داخل منزلك فلن يعرف أحد عنها شيئاً، وإن أردت تسويقها وتحويل منزلك إلى مزار سياحي لمشاهدتها، فلا يكفي أن توزع بعض المنشورات عنها في الحي الذي تقطنه، لأن ذلك لن يلفت إلا اللصوص، المطلوب منك أن تنسج حولها بعض القصص المدهشة بذكاء شديد وتحيطها بالأساطير ثم تستأجر من يشيعها بين الناس في الأحياء الأخرى والمدن المجاورة، حينها سيتحول منزلك إلى مقصد لكل الباحثين عن الدهشة والسياح وعشاق الجواهر أيضاً.
لو حاولنا حصر القصص الخيالية التي تُنسج عن مباني وكنائس روما (على سبيل المثال) وتتناولها الروايات العالمية الحديثة والأفلام السينمائية كل يوم فسنعجز عن ذلك، لأنها صناعة قائمة بحد ذاتها وتنتج الجديد كل يوم، وهذا ما يمكن أن يُوصف بـ«أسطرة المكان» التي تحوله آليا إلى مقصد سياحي جاذب للأموال من كل بقاع الأرض.
السعودية من أكثر دول العالم ثراء بالمواقع الأثرية الأكثر عراقة في التاريخ ولدينا ميثولوجيا غنية ومبهرة، لكننا كنا حتى وقت قريب نحارب أنفسنا واقتصادنا وسياحتنا بمحاربة تراثنا القصصي الشفهي ومواقعنا الأثرية بحجة مكافحة الخرافات والأساطير والبدع، مع أن كل السياح في العالم الذين يقطعون آلاف الأميال لزيارة موقع تراثي أسطوري في أي مكان يعرفون أن ما يُنسج عنه خيال، لكن المتعة في الوصول إليه، وهذا ما يجب أن نفهمه.
نحن بحاجة للاستثمار في صناعة إستراتيجية دعائية ذكية تعمل على أسطرة مواقعنا الأثرية المرتبطة بالميثولوجيا وتعيد صقلها إعلاميا وتقديمها للعالم من خلال الوسائط الحديثة واستغلال الأعمال الفنية العالمية في هذا الباب، كما ينبغي العمل بشكل مستقل على دعم وتشجيع المواهب الشابة ذات الجهود الفردية لصناعة الأفلام ومقاطع الفيديو القصيرة وترجمتها للغات المختلفة وعلى الأخص تلك التي «تؤسطر» المواقع الأثرية السعودية وتعيد نشرها في شبكات التواصل، وكمثال على ذلك يمكن زيارة هذا العنوان على اليوتيوب:
https://youtu.be/CnuhetnPFCQ
لمشاهدة جهد بسيط ومتواضع لصناعة فيديو عن «أسطورة جبال الرقّاصات» في العلا وهو من إنتاج مستخدم اسمه «يحيى المازن» يستحق الشكر عليه.
أخيراً علينا أن ندرك أن «الاستثمار السياحي فن»، واستغلال الميثولوجيا جزء أصيل منه، والأهم من كل ذلك أن نعمل على تسويق جواهرنا عالميا بذكاء إعلامي دعائي يتجاوز الأطر التقليدية التي وضعتها في الصناديق المغلقة طوال العقود الماضية.
* كاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com