عندما ننظر إلى الساحة العالمية الراهنة، مستفسرين عن أهم ما يجري فيها وعليها في وقتنا الحالي، سنصدم من الوهلة الأولى، عندما تتبين لنا وأمامنا بعض «الحقائق» المفزعة عن الوضع السياسي العام للقوى العظمى والكبرى في العالم، والمسار الذي تسير فيه هذه القوى، خدمة لما يظن أنه مصالحها، وتحقيقا لأهدافها، ناهيك عن خدمة الأمن والسلم الدوليين. وتتضاعف الصدمة عندما نرى أن هذه القوى تبلغ بها الأنانية حداً، يجعلها لا تعطي أي اهتمام حقيقي لمصالح العالم من حولها، ولا تلقي بالاً لأهم احتياجات البشرية من الأمن والرفاه. كل ما يهمها ما تعتبره الفئة الحاكمة فيها مصالحها، التي تلصق بالدولة ككل.. فتصبح مصالح تلك الدولة وباسمها، رغم أن ذلك ادعاء يعتبر جزءاً لا يتجزأ من السراب السياسي، الذى يصدقه بعض الناس، ويسلم بصحته العامة.
أنظر، على سبيل المثال، كيف تتلاعب قلة أوليجاركية بالدولة العظمى الأولى في عالم اليوم. ولفظة «الأوليجاركية» تشير إلى: انفراد قلة ذات مصالح خاصة بالسلطة، أو بقدر منها، والحكم بما يخدم هذه المصالح. وهى عرض يصيب كل الأنظمة السياسية، بنوعيها الرئيسين. ولكن حدته تظل أقل -كثيرا- في النظم التمثيلية. ويلاحظ تصاعد في هذه الحدة في أمريكا. فالقلة الأوليجاركية تسير الأمور في أمريكا في الوجهة التي تضمن وتخدم مصالحها هي أولا، غير مكترثة بمطالب ومصالح الغالبية الشعبية الأمريكية، كما يجب، وكما ينبغي. ويمكن بسهولة تبين طبيعة هذه القلة التي تهيمن منذ عقود على أمريكا وماهيتها. وعبر هذه السيطرة تهيمن على العالم، وعلى كثير من مجريات الأحداث فيه. إنها القلة الأوليجاركية الأمريكية، ومن ضمنها القلة الصهيونية، وأتباعها ممن تصهين من الأمريكيين.. إما إيمانا بالصهيونية، أو نفاقا لها، ورغبة في الانتفاع منها.
***
إن عدد اليهود في أمريكا لا يزيد على خمسة ملايين نسمة، من ضمن 335 مليونا هم مجموع سكان الولايات المتحدة؛ أي بما نسبته 1.5% من إجمالي الأمريكيين. وغالبية هؤلاء صهاينة، يدعمون اغتصاب فلسطين. قلة من هؤلاء ترفض هذا الاغتصاب وتتبرأ منه. ورغم صغر عدد الأقلية اليهودية النسبي إلا أن هذه القلة تمتلك قدرا هائلا من المال والعلم والجاه في البلاد.. مما جعلها تحوز على نسبة كبرى من القوة والنفوذ، ومكنها من السيطرة على مفاصل السياسة والاقتصاد والإعلام في أمريكا. وذلك أدى لامتلاكها لأقوى جبهة ضغط سياسي في أمريكا (IPAC) بعد ما يسمى بـ«التحالف العسكري – الصناعي» (The Military – Industrial Complex) الذي ما زال يعتبر أقوى لوبي في عالم اليوم، والذي يمثل (ضمنا) معظم القلة الأوليجاركية التي نتحدث عنها هنا.
قوة صهاينة أمريكا مكنتهم، بالتعاون مع الأوليجاركية الأمريكية الأوسع والتي هم جزء منها، من الهيمنة على الغالبية الأمريكية. وسهلت لهم التحكم في حكومات أمريكا، وفي العالم، والعمل على تحقيق ما يعتقدون أنه مصلحتهم، ويسمونه هم «مصلحة أمريكا».. وليت هذه المصالح خيرة، وتتوافق مع مصلحة الغالبية الأمريكية، ولا ضرر فيها لآخرين. ولكن، ثبت أن معظم هذه «المصالح» تعود بعدم الفائدة والضرر على غالبية الشعب الأمريكية.. الذي يعتبر الضحية الأولى لسيطرة هذه القلة الأوليجاركية على مقاليد الأمور في بلاده.
***
تستغل هذه القلة ما يوجد في النظام السياسي الأمريكي الراهن من فرص وثغرات للتسلل إلى السلطة الأمريكية، وعبر صناديق الاقتراع.. تبذل المال والجاه والنفوذ لإيصال بعض أعضائها، أو المخلصين لها من خارج القلة نفسها، لسدة السلطات الثلاث وغيرها. إذ تسهم، بكل ما لها من سطوة ونفوذ، في دعمهم، وضمان فوزهم في الانتخابات. وبعد أن يصلوا، تطالبهم بـ«رد الجميل». بل إن هؤلاء الأنصار يتفانون، عندئذ، في خدمة هذه القلة، وتحسس رغباتها، والاستجابة الفورية لمطالبها وتطلعاتها.
***
لقد شوهت هذه الطغمة المنتفعة ديمقراطية أمريكا، لدرجة بالغة الإزعاج لنسبة كبيرة من الأمريكيين، ونسبة أكبر من متعلمي ومثقفي العالم. إن أكبر ضحايا هذه القلة العابثة بمصائر البشر، هي -كما أشرنا- الغالبية الأمريكية، ومصالحها الحقيقية. وأكبر جرائمها وتجاوزاتها هي تلك التي ترتكب خارج حدود الولايات المتحدة، وتطال شعوبا وأمما بريئة (مأساة فلسطين في مقدمتها) وترتكب باسم أمريكا، وغالبية الشعب الأمريكي من وزرها براء.
إن الحدة المتصاعدة لهذه الظاهرة تمثل مشكلة لكثير من الديمقراطيات الحالية.. وسببها الرئيس هو: تغول بعض جماعات المصالح بهذه الدول في الأنظمة السياسية، وضغطها في اتجاهات لا تخدم مصالح الأغلبية في دولها، كما يفترض ويتوجب من أي نظام ديمقراطي. ولن تشفى هذه الدول ما لم تتم معالجة هذا الخلل في كيفية الوصول إلى السلطة فيها. لابد من قوانين صارمة تحول دون وصول انتهازيين ومرتزقة للسلطة، وتلغي (لأقصى حد ممكن) تأثير المال – التمويل – على نتائج الانتخابات المختلفة.
* كاتب سعودي
أنظر، على سبيل المثال، كيف تتلاعب قلة أوليجاركية بالدولة العظمى الأولى في عالم اليوم. ولفظة «الأوليجاركية» تشير إلى: انفراد قلة ذات مصالح خاصة بالسلطة، أو بقدر منها، والحكم بما يخدم هذه المصالح. وهى عرض يصيب كل الأنظمة السياسية، بنوعيها الرئيسين. ولكن حدته تظل أقل -كثيرا- في النظم التمثيلية. ويلاحظ تصاعد في هذه الحدة في أمريكا. فالقلة الأوليجاركية تسير الأمور في أمريكا في الوجهة التي تضمن وتخدم مصالحها هي أولا، غير مكترثة بمطالب ومصالح الغالبية الشعبية الأمريكية، كما يجب، وكما ينبغي. ويمكن بسهولة تبين طبيعة هذه القلة التي تهيمن منذ عقود على أمريكا وماهيتها. وعبر هذه السيطرة تهيمن على العالم، وعلى كثير من مجريات الأحداث فيه. إنها القلة الأوليجاركية الأمريكية، ومن ضمنها القلة الصهيونية، وأتباعها ممن تصهين من الأمريكيين.. إما إيمانا بالصهيونية، أو نفاقا لها، ورغبة في الانتفاع منها.
***
إن عدد اليهود في أمريكا لا يزيد على خمسة ملايين نسمة، من ضمن 335 مليونا هم مجموع سكان الولايات المتحدة؛ أي بما نسبته 1.5% من إجمالي الأمريكيين. وغالبية هؤلاء صهاينة، يدعمون اغتصاب فلسطين. قلة من هؤلاء ترفض هذا الاغتصاب وتتبرأ منه. ورغم صغر عدد الأقلية اليهودية النسبي إلا أن هذه القلة تمتلك قدرا هائلا من المال والعلم والجاه في البلاد.. مما جعلها تحوز على نسبة كبرى من القوة والنفوذ، ومكنها من السيطرة على مفاصل السياسة والاقتصاد والإعلام في أمريكا. وذلك أدى لامتلاكها لأقوى جبهة ضغط سياسي في أمريكا (IPAC) بعد ما يسمى بـ«التحالف العسكري – الصناعي» (The Military – Industrial Complex) الذي ما زال يعتبر أقوى لوبي في عالم اليوم، والذي يمثل (ضمنا) معظم القلة الأوليجاركية التي نتحدث عنها هنا.
قوة صهاينة أمريكا مكنتهم، بالتعاون مع الأوليجاركية الأمريكية الأوسع والتي هم جزء منها، من الهيمنة على الغالبية الأمريكية. وسهلت لهم التحكم في حكومات أمريكا، وفي العالم، والعمل على تحقيق ما يعتقدون أنه مصلحتهم، ويسمونه هم «مصلحة أمريكا».. وليت هذه المصالح خيرة، وتتوافق مع مصلحة الغالبية الأمريكية، ولا ضرر فيها لآخرين. ولكن، ثبت أن معظم هذه «المصالح» تعود بعدم الفائدة والضرر على غالبية الشعب الأمريكية.. الذي يعتبر الضحية الأولى لسيطرة هذه القلة الأوليجاركية على مقاليد الأمور في بلاده.
***
تستغل هذه القلة ما يوجد في النظام السياسي الأمريكي الراهن من فرص وثغرات للتسلل إلى السلطة الأمريكية، وعبر صناديق الاقتراع.. تبذل المال والجاه والنفوذ لإيصال بعض أعضائها، أو المخلصين لها من خارج القلة نفسها، لسدة السلطات الثلاث وغيرها. إذ تسهم، بكل ما لها من سطوة ونفوذ، في دعمهم، وضمان فوزهم في الانتخابات. وبعد أن يصلوا، تطالبهم بـ«رد الجميل». بل إن هؤلاء الأنصار يتفانون، عندئذ، في خدمة هذه القلة، وتحسس رغباتها، والاستجابة الفورية لمطالبها وتطلعاتها.
***
لقد شوهت هذه الطغمة المنتفعة ديمقراطية أمريكا، لدرجة بالغة الإزعاج لنسبة كبيرة من الأمريكيين، ونسبة أكبر من متعلمي ومثقفي العالم. إن أكبر ضحايا هذه القلة العابثة بمصائر البشر، هي -كما أشرنا- الغالبية الأمريكية، ومصالحها الحقيقية. وأكبر جرائمها وتجاوزاتها هي تلك التي ترتكب خارج حدود الولايات المتحدة، وتطال شعوبا وأمما بريئة (مأساة فلسطين في مقدمتها) وترتكب باسم أمريكا، وغالبية الشعب الأمريكي من وزرها براء.
إن الحدة المتصاعدة لهذه الظاهرة تمثل مشكلة لكثير من الديمقراطيات الحالية.. وسببها الرئيس هو: تغول بعض جماعات المصالح بهذه الدول في الأنظمة السياسية، وضغطها في اتجاهات لا تخدم مصالح الأغلبية في دولها، كما يفترض ويتوجب من أي نظام ديمقراطي. ولن تشفى هذه الدول ما لم تتم معالجة هذا الخلل في كيفية الوصول إلى السلطة فيها. لابد من قوانين صارمة تحول دون وصول انتهازيين ومرتزقة للسلطة، وتلغي (لأقصى حد ممكن) تأثير المال – التمويل – على نتائج الانتخابات المختلفة.
* كاتب سعودي