لا يوجد دولة في هذا العالم دعمت القضية الفلسطينية بالمواقف السياسية والأموال الطائلة، وأيدت حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم مثل المملكة العربية السعودية، التي قدمت طوال أكثر من 5 عقود مصلحة الفلسطينيين على مصالحها السياسية، ولطالما خاطرت الرياض بعلاقاتها الدولية ورمت بكل ثقلها في كل محفل سياسي لنصرة الشعب الفلسطيني دون أن تنتظر جزاء أو شكراً من أحد، ومع ذلك يخرج كل يوم (أبطال الأحبال الصوتية الكرتونيون) الذين باعوا «الكضية» منذ عقود، وجعلوا من تل أبيب قبلة لهم، للمزايدة على السعودية دون حياء أو خجل من أنفسهم ومن العالم.
جلس الفلسطينيون مع خصومهم الإسرائيليين على طاولة المفاوضات منذ اتفاقية أوسلو، وتعانق السياسي الفلسطيني أمام كاميرات وسائل الإعلام مع نظيره الإسرائيلي، ولم تفعل السعودية ذلك طوال تاريخها، ولم يجلس حتى اليوم مسؤول سعودي واحد على طاولة المفاوضات مع مسؤول إسرائيلي، حتى تساءل المجتمع الدولي علانية «هل السعودية فلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم لترفض أي مفاوضات مع إسرائيل؟».
دول عربية وإسلامية أخرى تقيم علاقات دبلوماسية رسمية معلنة مع إسرائيل منذ سنوات طويلة، وبينها وبين الإسرائيليين تبادل تجاري بمئات مليارات الدولارات، ومع ذلك لم تتعرض لحملات التشويه التي تتعرض لها السعودية في هذا الجانب، بل إن الأكثر إثارة للاستغراب أن يخرج من تلك الدول يوميا من يزايد على مواقف الرياض تجاه «القضية»، وهم يعرفون جيداً والعالم يعرف أيضاً أن رائحة عناق الإسرائيليين عالقة في ثيابهم وخزائن ملابسهم منذ وعوا على هذه الدنيا، فأي «بجاحة» يمتطيها هؤلاء وتمتطيهم، وأي غباء يسكن جماجم مصدقي شعاراتهم ومزايداتهم الرخيصة والمضحكة في الوقت ذاته.
في غزة التي سيطر عليها طويلاً التنظيم الإخواني الارتزاقي «حماس» يتجمع بين فينة وأخرى بعض «الزعران» ليحرقوا علم السعودية ويهتفوا ضدها، يحدث هذا قبل أن يعودوا إلى منازلهم ويبدلوا ملابسهم ويذهبوا للعمل مقابل «كم شيكل» في بناء المستوطنات الإسرائيلية وبيع المنتوجات الزراعية لجيرانهم الإسرائيليين، وهي مفارقة مضحكة ومسرحية اعتادوا عليها وهم يرددون عبارتهم الشهيرة «بدنا مصاري يا زلمي».
ألزمت الرياض نفسها قبل وبعد إطلاق مبادرة الملك عبدالله للسلام، التي تحولت إلى «المبادرة العربية للسلام»، بما لم يلزم به الفلسطينيون أنفسهم تجاه خصومهم، وأخذت على عاتقها ما لم تأخذه أي دولة أخرى تجاه هذه القضية، مع أن لا شيء يجبرها على هذا الموقف الحاد، ويمكنها بكل بساطة أن تقول طالما جلس السياسي الفلسطيني على طاولة التفاوض مع الإسرائيلي فلا شيء يمنع السعودية من الجلوس على نفس الطاولة، لكن حرص الرياض على نصرة الفلسطينيين أكثر من حرصهم هم أنفسهم على ذلك، وهي تجني اليوم ثمن مواقفها التاريخية المشرفة مزايدات وشعارات عدائية من العملاء والمرتزقة وباعة القضية والمتاجرين بها للأسف.
* كاتب وإعلامي سعودي
جلس الفلسطينيون مع خصومهم الإسرائيليين على طاولة المفاوضات منذ اتفاقية أوسلو، وتعانق السياسي الفلسطيني أمام كاميرات وسائل الإعلام مع نظيره الإسرائيلي، ولم تفعل السعودية ذلك طوال تاريخها، ولم يجلس حتى اليوم مسؤول سعودي واحد على طاولة المفاوضات مع مسؤول إسرائيلي، حتى تساءل المجتمع الدولي علانية «هل السعودية فلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم لترفض أي مفاوضات مع إسرائيل؟».
دول عربية وإسلامية أخرى تقيم علاقات دبلوماسية رسمية معلنة مع إسرائيل منذ سنوات طويلة، وبينها وبين الإسرائيليين تبادل تجاري بمئات مليارات الدولارات، ومع ذلك لم تتعرض لحملات التشويه التي تتعرض لها السعودية في هذا الجانب، بل إن الأكثر إثارة للاستغراب أن يخرج من تلك الدول يوميا من يزايد على مواقف الرياض تجاه «القضية»، وهم يعرفون جيداً والعالم يعرف أيضاً أن رائحة عناق الإسرائيليين عالقة في ثيابهم وخزائن ملابسهم منذ وعوا على هذه الدنيا، فأي «بجاحة» يمتطيها هؤلاء وتمتطيهم، وأي غباء يسكن جماجم مصدقي شعاراتهم ومزايداتهم الرخيصة والمضحكة في الوقت ذاته.
في غزة التي سيطر عليها طويلاً التنظيم الإخواني الارتزاقي «حماس» يتجمع بين فينة وأخرى بعض «الزعران» ليحرقوا علم السعودية ويهتفوا ضدها، يحدث هذا قبل أن يعودوا إلى منازلهم ويبدلوا ملابسهم ويذهبوا للعمل مقابل «كم شيكل» في بناء المستوطنات الإسرائيلية وبيع المنتوجات الزراعية لجيرانهم الإسرائيليين، وهي مفارقة مضحكة ومسرحية اعتادوا عليها وهم يرددون عبارتهم الشهيرة «بدنا مصاري يا زلمي».
ألزمت الرياض نفسها قبل وبعد إطلاق مبادرة الملك عبدالله للسلام، التي تحولت إلى «المبادرة العربية للسلام»، بما لم يلزم به الفلسطينيون أنفسهم تجاه خصومهم، وأخذت على عاتقها ما لم تأخذه أي دولة أخرى تجاه هذه القضية، مع أن لا شيء يجبرها على هذا الموقف الحاد، ويمكنها بكل بساطة أن تقول طالما جلس السياسي الفلسطيني على طاولة التفاوض مع الإسرائيلي فلا شيء يمنع السعودية من الجلوس على نفس الطاولة، لكن حرص الرياض على نصرة الفلسطينيين أكثر من حرصهم هم أنفسهم على ذلك، وهي تجني اليوم ثمن مواقفها التاريخية المشرفة مزايدات وشعارات عدائية من العملاء والمرتزقة وباعة القضية والمتاجرين بها للأسف.
* كاتب وإعلامي سعودي