في حي الهنداوية وبين أزقتها ومنحنياتها الضيقة، ثمة شغب طفولي يوزع هناك.. وثمة شجارات صغيرة وعراك ينتهي قبل أن يمتد، في تلك الأجواء الصاخبة حدث عراك بين صبيين أحدهما يكبر الآخر، وانتهى ذلك الشجار بأن يكف الكبير عن الشجار حاملا من يصغره إلى أمه قائلا: امسكي الفقندش هذا!
ومنذ ذلك اليوم خرج علي النمر بنبزة (الفقندش).. ومعلوم أن كل طفل من أطفال أبناء الهنداوية يحمل نبزة لا يُعرف إلا بها..
وفقندش ليس لها معنى دلالي سوى أنها كلمة شعبية تتقارب مع كل أمر يتداخل بعضه مع بعض بصورة فوضوية، وإن أراد علي إعطاء الكلمة معنى من الظرف فعندما سألته الفنانة اللبنانية باسكال مشعلاني عن معنى اسم فقندش فقال بأنها تعني «فقدنا كلّ شيء».
هذا الفقندش تعلق قلبه بالفن والفنانين منذ نعومة أظافره، فكان حاضرا في كل مناسبة فنية كهاو معجب بالفن والفنانين وعلى طريقة المثل المصري (الغاوي (ينأط) بطاقيته)، أصبح يتنقل إلى المحافل والمناسبات ولأنه عاشق أراد أن يظهر هذا العشق بطريقة طفولية فقام بسرقة حذاء محمد عبده الذي كان حاضرا في وليمة تتبعها ليلة غنائية، وعندما أراد محمد عبده مغادرة الحفلة لم يجد حذاءه ومنذ تلك الحادثة اقترن علي فقندش بصداقة مديدة مع محمد عبده.. وعلي فقندش لم يترك أي فنان إلا وعقد معه صداقة حب دائمة ليس بها أي غرض خاص سوى الحب، وأكاد أجزم أن عليا عقد تلك العلاقة بمعظم الفنانين العرب حتى تحول منزله إلى مزار لكل فنان يصل لمدينة جدة.
ولكرمه المفرط وأدبه الجم امتدت علاقاته في العالم العربي ليتحول إلى (أخطبوط) علاقات يجمع كل من عرفه بنبله وتفرده بمعرفة التفاصيل الدقيقة عن حياة الفنانين..
تزاملت مع علي فقندش في جريدة «عكاظ»، ولم أجد محررا في دأبه وحرصه على مادته كما وجدتها في علي، أمده الله بالصحة والعافية، وعليٌ صحفيٌ لا يكتسب شهرته من صحافة الإثارة، إذ كان يرفض هذا الأسلوب، وكم وجد مضايقات من رؤسائه الذين يسعون إلى إحداث إثارة صحفية وتحريك الصفحات الفنية لتكون صفحة منازعة بين التوجهات المختلفة، واستمر سنوات طوال بنهجه من غير أن يفقد أحدا من الفنانين أو يفقد دأبه على أن تكون صحيفته السباقة في نشر كل خبر يخص الفنانين.
وفي عمله هذا قدم أسماء غنائية عديدة، منها من أصبح نجما كبيرا، ومنها من ضل الطريق بالاعتزال أو بالإهمال أو عدم التطور..
** **
دائما أكرر أن علي فقندش هو أرشيف الذاكرة الغنائية السعودية..
وبحكم الصداقة الحميمة معه كنت أرى أن مجهوداته الخارقة في معرفة التفاصيل تجعلني أغبطه بما يمتلك من ذاكرة، وكم تمنيت لو أنني أمتلك تلك الذاكرة المحيطة بالتفاصيل، وكثيرا ما نتحدث عن هذه الثروة التي يمتلكها وكيف يمكن تصريفها كمادة قرائية تلقي الضوء على ما هو خلف الصورة.. فكتب علي الكثير من الكتب عن الفنانيين وقد تحولت لقاءاته الزاخرة إلى مادة وصلت إلى خمسة أجزاء بعنوان (هم وأنا) كان هذا المشروع الأول ثم تلت ذلك مشاريع كتب عديدة قد يكون أهمها الكتاب الذي حمل سيرة الكاتب والشاعر المبدع إبراهيم خفاجي (ثلاثة أجزاء) وسوف يقدم للمكتبة الفنية السعودية حياة محمد عبده في (ستة أجزاء) وكذلك حياة طلال مداح... وآخر كتبه تلقيت نسخة منه هو كتاب (الأغاني) قصص وحكايات وهو فعلا يمثل ديوان المرحلة الحديثة الآن.
وأعتقد أن علي طاقة مهدرة لم تتم الاستفادة منها إلى الآن، خصوصا التلفزيون السعودي، إذ يمكن تحويل هذا الأرشيف إلى مادة حية تحيي قنوات الغناء لدينا، خصوصا بعد عودة الحياة الطبيعية للمجتمع.
ومنذ ذلك اليوم خرج علي النمر بنبزة (الفقندش).. ومعلوم أن كل طفل من أطفال أبناء الهنداوية يحمل نبزة لا يُعرف إلا بها..
وفقندش ليس لها معنى دلالي سوى أنها كلمة شعبية تتقارب مع كل أمر يتداخل بعضه مع بعض بصورة فوضوية، وإن أراد علي إعطاء الكلمة معنى من الظرف فعندما سألته الفنانة اللبنانية باسكال مشعلاني عن معنى اسم فقندش فقال بأنها تعني «فقدنا كلّ شيء».
هذا الفقندش تعلق قلبه بالفن والفنانين منذ نعومة أظافره، فكان حاضرا في كل مناسبة فنية كهاو معجب بالفن والفنانين وعلى طريقة المثل المصري (الغاوي (ينأط) بطاقيته)، أصبح يتنقل إلى المحافل والمناسبات ولأنه عاشق أراد أن يظهر هذا العشق بطريقة طفولية فقام بسرقة حذاء محمد عبده الذي كان حاضرا في وليمة تتبعها ليلة غنائية، وعندما أراد محمد عبده مغادرة الحفلة لم يجد حذاءه ومنذ تلك الحادثة اقترن علي فقندش بصداقة مديدة مع محمد عبده.. وعلي فقندش لم يترك أي فنان إلا وعقد معه صداقة حب دائمة ليس بها أي غرض خاص سوى الحب، وأكاد أجزم أن عليا عقد تلك العلاقة بمعظم الفنانين العرب حتى تحول منزله إلى مزار لكل فنان يصل لمدينة جدة.
ولكرمه المفرط وأدبه الجم امتدت علاقاته في العالم العربي ليتحول إلى (أخطبوط) علاقات يجمع كل من عرفه بنبله وتفرده بمعرفة التفاصيل الدقيقة عن حياة الفنانين..
تزاملت مع علي فقندش في جريدة «عكاظ»، ولم أجد محررا في دأبه وحرصه على مادته كما وجدتها في علي، أمده الله بالصحة والعافية، وعليٌ صحفيٌ لا يكتسب شهرته من صحافة الإثارة، إذ كان يرفض هذا الأسلوب، وكم وجد مضايقات من رؤسائه الذين يسعون إلى إحداث إثارة صحفية وتحريك الصفحات الفنية لتكون صفحة منازعة بين التوجهات المختلفة، واستمر سنوات طوال بنهجه من غير أن يفقد أحدا من الفنانين أو يفقد دأبه على أن تكون صحيفته السباقة في نشر كل خبر يخص الفنانين.
وفي عمله هذا قدم أسماء غنائية عديدة، منها من أصبح نجما كبيرا، ومنها من ضل الطريق بالاعتزال أو بالإهمال أو عدم التطور..
** **
دائما أكرر أن علي فقندش هو أرشيف الذاكرة الغنائية السعودية..
وبحكم الصداقة الحميمة معه كنت أرى أن مجهوداته الخارقة في معرفة التفاصيل تجعلني أغبطه بما يمتلك من ذاكرة، وكم تمنيت لو أنني أمتلك تلك الذاكرة المحيطة بالتفاصيل، وكثيرا ما نتحدث عن هذه الثروة التي يمتلكها وكيف يمكن تصريفها كمادة قرائية تلقي الضوء على ما هو خلف الصورة.. فكتب علي الكثير من الكتب عن الفنانيين وقد تحولت لقاءاته الزاخرة إلى مادة وصلت إلى خمسة أجزاء بعنوان (هم وأنا) كان هذا المشروع الأول ثم تلت ذلك مشاريع كتب عديدة قد يكون أهمها الكتاب الذي حمل سيرة الكاتب والشاعر المبدع إبراهيم خفاجي (ثلاثة أجزاء) وسوف يقدم للمكتبة الفنية السعودية حياة محمد عبده في (ستة أجزاء) وكذلك حياة طلال مداح... وآخر كتبه تلقيت نسخة منه هو كتاب (الأغاني) قصص وحكايات وهو فعلا يمثل ديوان المرحلة الحديثة الآن.
وأعتقد أن علي طاقة مهدرة لم تتم الاستفادة منها إلى الآن، خصوصا التلفزيون السعودي، إذ يمكن تحويل هذا الأرشيف إلى مادة حية تحيي قنوات الغناء لدينا، خصوصا بعد عودة الحياة الطبيعية للمجتمع.