-A +A
حمود أبو طالب
يكاد الأمر يصل إلى مستوى الظاهرة منذ فترة قريبة، ربما تضاف إلى الظواهر الإيجابية الجديدة للمجتمع السعودي، وهي ما يمكن وصفها باكتشاف المواطن السعودي لقيمة وأهمية وطنه، ووجوب الدفاع عنه وعن مجتمعه عندما يتعرض للانتقاص أو الابتزاز أو التعدي أو الإهانة أو السخرية أو أي شكل من أشكال التعامل السلبي.

قديماً كانت السخرية من المجتمع السعودي ـ والخليجي عموما ـ علنية وفي غاية الجلافة والوقاحة. كان أيقونة التخلف والجهل والبدائية في الأفلام السينمائية، وفي أطروحات بعض المثقفين العرب، وفي قصائد الشعراء، وفي الصحافة ووسائل الإعلام، بل كان يتم التعدي عليه بالإهانة في بعض الدول ونادراً ما تنصفه قوانينها وأنظمتها؛ لأن هناك ما يشبه حالة تواطؤ عامة ضده وشعور جمعي بأنه يستحق المعاملة الانتقاصية، وفي المقابل لم يكن ذلك المواطن قادراً على الدفاع العلني عن قيمته وحقوقه بالشكل الجيد، ونادراً ما كنا نسمع صوتاً عالياً واثقاً يقارع المنتقصين له. أين كانت المشكلة؟ هل كان الشعور بقيمة الوطن غير قوي وعميق، هل كان ذلك الضعف نتيجة سلبية تولدت فيه بسبب تكريس وضغط فكرة الدونية، هل؟ وهل وهل؟؟ مهما كان قد حدث فإن المرحلة الراهنة كشفت عن مواطن صلب قوي شديد الاعتزاز بذاته وبوطنه، ويملك من أساليب الدفاع والمقارعة ما يجعله يتفوق في أي نزال مع أي جهة تعتدي عليه أو تخدش وطنه. ربما كان للظروف التي استجدت وكشفت هشاشة بعض الأوطان التي سقطت بسرعة وتفككت أو غيرها من التي زايدت بالكلام طويلا وانكشف عوارها بأنها ما زالت تعيش عصور التخلف، ربما هذه الأسباب وغيرها جعلت المواطن السعودي يكتشف أي وطن عظيم يمتلكه وأي قوة يستمد أسبابها منه، فأصبح متفوقا في إسكات الأصوات التي تزايد على وطنه أو تعتدي عليه بأي صيغة.


إنه المواطن السعودي الجديد الذي يحمي وطناً أثبت أنه يبني نفسه بحكمة وعقل واتزان وقوة، بينما كان الآخرون يقذفون ببلدانهم إلى الماضي بالشعارات والمزايدات الكلامية الجوفاء.