-A +A
سعيد السريحي
قدم نجاح الثورة التي قام بها الخميني وتمكن من خلالها من إسقاط شاه إيران وتأسيس دولة «دينية» على أنقاض الدولة المدنية أنموذجا لما يمكن أن يتحقق لحركات الإسلام السياسي من نجاح، وهو أنموذج استلهمته الحركات السنية، على الرغم من الاختلاف المذهبي بينها وبين الثورة الإيرانية، وذلك لما يجمع بينها وبين الثورة الإيرانية من رفض لمفهوم الدولة المدنية وطموح للوصول إلى السلطة، إضافة إلى ما يحرص عليه المتطرفون من كلا المذهبين من توظيف للإسلام وقيمه من أجل استدراج الشعوب المسلمة وكسب تأييدها من أجل تحقيق ما يطمحون إليه من وصول إلى السلطة.

نجاح الحراك الشيعي في زعزعة استقرار الدولة المدنية أقوى أنموذج يمكن الاقتداء به لضمان نجاح الحركات الدينية المتطرفة في زعزعة استقرار الدول والشعوب.


إضافة إلى ذلك فإن ثورة الخميني لم تكن ثورة دينية فحسب وإنما كانت ثورة مذهبية كذلك، ولم تتولد عنها دولة إسلامية فحسب وإنما دولة شيعية كذلك، وهو الأمر الذي استثار مخاوف الجماعات السنية التي لم تر في نجاح ثورة الخميني تهديدا لدولها المدنية وإنما هو تهديد لكياناتها السنية كذلك، وهو الأمر الذي أفضى إلى تشظي العلاقة بين تلك الجماعات السنية المتطرفة والدول التي تنتمي لها، ذلك أن تلك الجماعات رأت أن نجاح ثورة الخميني وتحولها إلى دولة طائفية يستدعي قيام دول طائفية تواجهها، ومن هنا نشطت جماعات الإسلام السياسي السنية وارتفع سقف مطالبها وأصبحت ترى في مواجهة الدولة الشيعية الطائفية ما يمنحها شرعية الخروج على دولها ذات التأسيس المدني الذي يمنح الحق في المواطنة لكل مكوناتها على اختلاف مذاهبها وتتأسس علاقاتها الخارجية على مبادئ السياسة الدولية ومراعاة المصالح المشتركة بين الدول وليس على أسس مذهبية طائفية.