يوم الأحد القادم يذهب الشعب التركي إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.. وانتخاب برلمان جديد، وفقاً لدستور ٢٠١٥. انتخابات يوم ٢٤ يونيه الجاري كان المفروض أن تُجرى في ٣ نوفمبر العام القادم، لتفعيل النظام الرئاسي الجديد، بدلاً من البرلماني القائم، لما يقرب من مائة عام.
هنا يُثار السؤال: لماذا هذا الاستعجال بإجراء الانتخابات المبكرة، بينما ليس هناك ما يهدد استمرار الرئيس في منصبه، لحين نهاية فترة رئاسته.. ولم تتطور مشكلة داخل البرلمان تهدد سيطرة حزب العدالة والتنمية، الذي يتمتع بأغلبية مريحة: ٣١٧ مقعداً، من بين عدد مقاعد البرلمان البالغة ٥٥٠ مقعداً. هذا بالإضافة إلى ٥٠ مقعداً لحزب الحركة القومية برئاسة دولت بهشتلي، حليف حزب العدالة والتنمية، الذي دعا للانتخابات المبكرة.
هذا الاستعجال يرجع، بصورة أساسية، لإفشال مناورة المعارضة بزعامة حزب الشعب الجمهوري (٢١٣ مقعداً)، الذي تنازل عن ١٥ نائباً لصالح حزب (الجيد)، بزعامة المرأة الحديدية، (ميرال أقشنار)، في ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧، ليتمكن الحزب الجديد من تحقيق النصاب اللازم (٢٠) نائباً لدخول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
يبدو أن الرئيس أردوغان وتحالف حزبه مع حزب الحركة القومية، أوفر حظاً بكسب الانتخابات القادمة، بشقيها الرئاسي والتشريعي. ذلك أن الحزبين يشكلان التحالف الوحيد، الذي يدخل الانتخابات، كجبهة صلبة موحدة. في المقابل: تبدو المعارضة متشرذمة، دون إستراتيجية فعالة لتحقيق الفوز على أردوغان وتحالفه. لقد فشلت المعارضة في دخول انتخابات الرئاسة بمرشح منها، أو من خارجها. الرئيس عبدالله غول، الذي كان يمكن أن يشكل خطورة حقيقية لفرص أردوغان في الفوز، لو وافقت المعارضة على شروطه في تحقيق الحد الأدنى من التوافق بينها، لما تردد في دخول الانتخابات، الأمر الذي دفعه إلى الإعلان عن عدم ترشحه لخوضها.
لكن هذا لا يعني أن طريق الانتخابات مفروش بالورود ليمشي عليه الرئيس أردوغان ويعبر منه إلى رئاسة تركيا للسنوات الخمس القادمة.. ولا لحزبه أن يكتسح البرلمان ويحكم منفرداً، كما كان الأمر في البرلمان السابق. حزب الجيد، بزعامة المرأة الحديدية، التي تمردت على حزب الشعب الجمهوري، يشكل استقطاباً انتخابياً يمكن أن يؤثر في الكتلة الانتخابية الصلبة المؤيدة للرئيس وحزبه، التي تصل إلى ٥٢٪ من الناخبين.
خلفية السيدة (أقشنار) السياسية مع حزبي الفضيلة والرفاه المنتميين لنجم الدين أربكان، حيث شغلت منصب وزير الداخلية والمتحدثة باسم البرلمان (٨ نوفمبر ١٩٩٦ - ٣٠ يونيه ١٩٩٧).. وكذا كونها من المؤسسين لحزب العدالة والتنمية، الذي يحكم تركيا من ٢٠٠٢، يمكن أن يجذب نسبة من الكتلة الصلبة، التي يتمتع بها الرئيس أردوغان وحزبه. بالإضافة إلى الكتلة الصلبة التي تستحوذ عليها المعارضة (٤٨٪)، بتمسك السيدة (أقشنار) بالقيم العلمانية والقومية والدينية.. وهي أيضاً تحظى بدعم رجال المال والصناعة، بعيداً عن شبهة التعاطف مع حزب العمال الكردستاني المتهم بالإرهاب، وإن كانت تعارض التنكيل بزعماء الأكراد السياسيين، الذي تمارسه حكومة حزب العدالة والتنمية.
كل تلك إمكانات محتملة تشجع السيدة (أقشنار) على تطوير ثقة كبيرة بفوزها.. وهو ما منعها، من البداية، أن تُشكل تحالفاً مع حزب الشعب الجمهوري.. ورفضت بشدة اقتراح المعارضة باختيار الرئيس عبدالله غول ليكون مرشحاً رئاسياً توافقياً في مواجهة الرئيس أردوغان، لتستفيد - هي وحدها - باحتمالات منافسة الرئيس أردوغان في انتخابات يوم الأحد القادم، وربما الفوز بها.
ثم إن مصاعب الرئيس أردوغان لا تتوقف عند قوة السيدة (أقشنار) السياسية، باحتمالاتها القوية في تشكيل منافسة حقيقية له ولحزبه. هناك مصاعب اقتصادية تمر بها تركيا، وتجلت، مؤخراً، في الانخفاض الشديد في قيمة الليرة التركية.. والعجز في الميزان التجاري.. وزيادة معدلات البطالة والتضخم.. وزيادة حجم الدين الداخلي.. والتشكيك في إمكانية مواصلة المشاريع الكبرى، مثل مطار إسطنبول الجديد، وإكمال جسر البسفور.. وكذا إمكانية الدخول في مشاريع جديدة مثل شق قناة إسطنبول التي تربط البحر الأسود ببحر مرمرة. كل تلك مصاعب اقتصادية كبيرة تهم الناخب التركي، بعيداً عن أرقام معدلات النمو المرتفعة والملفتة، التي يحققها الاقتصاد التركي.
هذا بالإضافة إلى وجود مصاعب في السياسة الخارجية، سواء في علاقة تركيا بالدول الكبرى.. وشركائها الإقليميين.. أو شركائها الكبار في الاتحاد الأوروبي. المغامرات العسكرية في دول الجوار (سورية والعراق) لا تروق للكثيرين في تركيا.. وترسل رسائل مقلقة لجيران تركيا وشركائها الإقليميين. كما أن علاقات تركيا الوطيدة مع إيران وروسيا تشكل تناقضاً مع اقترابها مع جيرانها العرب، الذين يتوجس بعضهم نزعة توسعية تذكرهم بحقبة الإمبراطورية العثمانية.. وكذا ما تعلنه من مساعدتها للسوريين والفلسطينيين، مع بقاء علاقتها مع إسرائيل. حقائق وهواجس، لا بد أن تضع حداً لها تركيا، في جمهوريتها الثانية عقب الانتخابات القادمة، سواء بقي الرئيس أردوغان وحزبه في الحكم.. أم جاء رئيس وحكومة تركية جديدة.
انتخابات يوم الأحد القادم تكتنفها أجواء الغموض.. وإن كانت توقعات الحسم لصالح أردوغان وائتلاف حزبه مع حزب الحركة القومية تحظى بقدر من احتمالات النجاح. لكن في السياسة لا شيء ممكن ضمانه، بثقة مُطَمْئِنة. من هنا ليوم الانتخابات أحداث كثيرة ممكن أن تقع.. لكن الفيصل في كل ذلك إرادة الشعب التركي إلى أين ستتجه بوصلتها، في ذلك اليوم الحاسم من تاريخ تركيا الحديث.
هنا يُثار السؤال: لماذا هذا الاستعجال بإجراء الانتخابات المبكرة، بينما ليس هناك ما يهدد استمرار الرئيس في منصبه، لحين نهاية فترة رئاسته.. ولم تتطور مشكلة داخل البرلمان تهدد سيطرة حزب العدالة والتنمية، الذي يتمتع بأغلبية مريحة: ٣١٧ مقعداً، من بين عدد مقاعد البرلمان البالغة ٥٥٠ مقعداً. هذا بالإضافة إلى ٥٠ مقعداً لحزب الحركة القومية برئاسة دولت بهشتلي، حليف حزب العدالة والتنمية، الذي دعا للانتخابات المبكرة.
هذا الاستعجال يرجع، بصورة أساسية، لإفشال مناورة المعارضة بزعامة حزب الشعب الجمهوري (٢١٣ مقعداً)، الذي تنازل عن ١٥ نائباً لصالح حزب (الجيد)، بزعامة المرأة الحديدية، (ميرال أقشنار)، في ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧، ليتمكن الحزب الجديد من تحقيق النصاب اللازم (٢٠) نائباً لدخول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
يبدو أن الرئيس أردوغان وتحالف حزبه مع حزب الحركة القومية، أوفر حظاً بكسب الانتخابات القادمة، بشقيها الرئاسي والتشريعي. ذلك أن الحزبين يشكلان التحالف الوحيد، الذي يدخل الانتخابات، كجبهة صلبة موحدة. في المقابل: تبدو المعارضة متشرذمة، دون إستراتيجية فعالة لتحقيق الفوز على أردوغان وتحالفه. لقد فشلت المعارضة في دخول انتخابات الرئاسة بمرشح منها، أو من خارجها. الرئيس عبدالله غول، الذي كان يمكن أن يشكل خطورة حقيقية لفرص أردوغان في الفوز، لو وافقت المعارضة على شروطه في تحقيق الحد الأدنى من التوافق بينها، لما تردد في دخول الانتخابات، الأمر الذي دفعه إلى الإعلان عن عدم ترشحه لخوضها.
لكن هذا لا يعني أن طريق الانتخابات مفروش بالورود ليمشي عليه الرئيس أردوغان ويعبر منه إلى رئاسة تركيا للسنوات الخمس القادمة.. ولا لحزبه أن يكتسح البرلمان ويحكم منفرداً، كما كان الأمر في البرلمان السابق. حزب الجيد، بزعامة المرأة الحديدية، التي تمردت على حزب الشعب الجمهوري، يشكل استقطاباً انتخابياً يمكن أن يؤثر في الكتلة الانتخابية الصلبة المؤيدة للرئيس وحزبه، التي تصل إلى ٥٢٪ من الناخبين.
خلفية السيدة (أقشنار) السياسية مع حزبي الفضيلة والرفاه المنتميين لنجم الدين أربكان، حيث شغلت منصب وزير الداخلية والمتحدثة باسم البرلمان (٨ نوفمبر ١٩٩٦ - ٣٠ يونيه ١٩٩٧).. وكذا كونها من المؤسسين لحزب العدالة والتنمية، الذي يحكم تركيا من ٢٠٠٢، يمكن أن يجذب نسبة من الكتلة الصلبة، التي يتمتع بها الرئيس أردوغان وحزبه. بالإضافة إلى الكتلة الصلبة التي تستحوذ عليها المعارضة (٤٨٪)، بتمسك السيدة (أقشنار) بالقيم العلمانية والقومية والدينية.. وهي أيضاً تحظى بدعم رجال المال والصناعة، بعيداً عن شبهة التعاطف مع حزب العمال الكردستاني المتهم بالإرهاب، وإن كانت تعارض التنكيل بزعماء الأكراد السياسيين، الذي تمارسه حكومة حزب العدالة والتنمية.
كل تلك إمكانات محتملة تشجع السيدة (أقشنار) على تطوير ثقة كبيرة بفوزها.. وهو ما منعها، من البداية، أن تُشكل تحالفاً مع حزب الشعب الجمهوري.. ورفضت بشدة اقتراح المعارضة باختيار الرئيس عبدالله غول ليكون مرشحاً رئاسياً توافقياً في مواجهة الرئيس أردوغان، لتستفيد - هي وحدها - باحتمالات منافسة الرئيس أردوغان في انتخابات يوم الأحد القادم، وربما الفوز بها.
ثم إن مصاعب الرئيس أردوغان لا تتوقف عند قوة السيدة (أقشنار) السياسية، باحتمالاتها القوية في تشكيل منافسة حقيقية له ولحزبه. هناك مصاعب اقتصادية تمر بها تركيا، وتجلت، مؤخراً، في الانخفاض الشديد في قيمة الليرة التركية.. والعجز في الميزان التجاري.. وزيادة معدلات البطالة والتضخم.. وزيادة حجم الدين الداخلي.. والتشكيك في إمكانية مواصلة المشاريع الكبرى، مثل مطار إسطنبول الجديد، وإكمال جسر البسفور.. وكذا إمكانية الدخول في مشاريع جديدة مثل شق قناة إسطنبول التي تربط البحر الأسود ببحر مرمرة. كل تلك مصاعب اقتصادية كبيرة تهم الناخب التركي، بعيداً عن أرقام معدلات النمو المرتفعة والملفتة، التي يحققها الاقتصاد التركي.
هذا بالإضافة إلى وجود مصاعب في السياسة الخارجية، سواء في علاقة تركيا بالدول الكبرى.. وشركائها الإقليميين.. أو شركائها الكبار في الاتحاد الأوروبي. المغامرات العسكرية في دول الجوار (سورية والعراق) لا تروق للكثيرين في تركيا.. وترسل رسائل مقلقة لجيران تركيا وشركائها الإقليميين. كما أن علاقات تركيا الوطيدة مع إيران وروسيا تشكل تناقضاً مع اقترابها مع جيرانها العرب، الذين يتوجس بعضهم نزعة توسعية تذكرهم بحقبة الإمبراطورية العثمانية.. وكذا ما تعلنه من مساعدتها للسوريين والفلسطينيين، مع بقاء علاقتها مع إسرائيل. حقائق وهواجس، لا بد أن تضع حداً لها تركيا، في جمهوريتها الثانية عقب الانتخابات القادمة، سواء بقي الرئيس أردوغان وحزبه في الحكم.. أم جاء رئيس وحكومة تركية جديدة.
انتخابات يوم الأحد القادم تكتنفها أجواء الغموض.. وإن كانت توقعات الحسم لصالح أردوغان وائتلاف حزبه مع حزب الحركة القومية تحظى بقدر من احتمالات النجاح. لكن في السياسة لا شيء ممكن ضمانه، بثقة مُطَمْئِنة. من هنا ليوم الانتخابات أحداث كثيرة ممكن أن تقع.. لكن الفيصل في كل ذلك إرادة الشعب التركي إلى أين ستتجه بوصلتها، في ذلك اليوم الحاسم من تاريخ تركيا الحديث.