تعالج الفلسفة 3 مباحث رئيسية، وهي الوجود والمعرفة والقيم، ويعد مبحث القيم من الركائز الأساسية لفهم الظواهر المجتمعية وقراءتها بشكل واع، ويقوم مبحث القيم على 3 موضوعات رئيسية وهي «الحق، الخير والجمال»، فالحق يقابله المنطق والخير بمعنى الأخلاق والجمال يأتي بكل صوره الفنية والحسية وغيرها، الفلسفة الأخلاقية مهمة لتفسير خيرية الإنسان وإقدامه على فعل الخير، في هذا يقول الفيلسوف البريطاني برتراند رسل «إن الإنسان إذا ما حكم على فعل بأنه خير كانت صفة الخير هذه معبرة عن رغبته الذاتية في ذلك الفعل، ولم تكن صفة موضوعية في الفعل ذاته بل هي حالة وجدانية عند المتحدث وليست واقعاً».
إذا الإنسان يمارس الأفعال الخيرية كحالة شعورية لعل هذا يعطي تفسيراً على الأقل بالنسبة لي لفهم حسن نوايا البشر في التبرعات المالية والعطاء بجانب الخطاب الديني والمجتمعي الذي يحثنا على الخير، الإنسان يريد أن يشعر بأنه شخص جيد، فعلاً هي حالة وجدانية، لذلك سهل أن تستدر محفظته لينفق منها على بئر في أصقاع الأرض لم يرها ولن يراها، أو أن تهزه صورة أو كلمة لينفق ما يملك دون أن يعلم أين ذهب هذا المال، أتذكر عندما كنا أطفالاً في الرابع الابتدائي عندما يتم جمع تبرعات لدول لا تحمل لنا سوى العداء الآن كيف كنا نشعر بالاطمئنان أننا نساعدهم ثم فهمنا لاحقاً كيف مات أحدهم وترك ثروة مليارية أي أن مصروف الفسحة لي كطفلة ذهب لورثته!
وزارة الداخلية تقوم بجهود جبارة في هذا الشأن وأتعجب من تجاهل البعض لما نصت عليه بشأن التبرعات الخيرية ربما عن جهل وحسن نية، فنحن نحاول الآن أن نفهم مبدأ الخيرية لكن بذات الوقت نعلق الجرس، وأدعو الجميع لقراءة لائحة الضوابط لجمع التبرعات داخل وخارج المملكة والتي تشمل 14 مادة جميعها تحث على العودة للوزارة في هذا الشأن وعدم تجاوزها من خلال أخذ التصاريح أو حتى التأكد من صلاحية الجهات المعلنة، بل أكدت على أهمية أخذ الموافقة الخطية من المتبرع وتوقيعه، اللائحة يتم تحديثها بشكل دوري وهي متاحة بعدة مصادر وأقترح أن تتم إعادة تدويرها في الوزارات والقطاعات مع رأس كل عام.
ليس من الذكاء أن لا يعرفك الناس إلا بمالك، وهذا ما تعالجه الآن رؤية 2030، فالانطلاق للعالم لا يقتضي توريط المملكة بالمزيد من المشكلات مهما كانت النوايا، فالتبرعات يجب أن تقنن، وأن يبدأ المجتمع بالعودة إلى الداخل فالجار يستوصي بجاره، لعل عدم وجود برامج مجتمعية تعزز دور رجال الأعمال والبنوك لخدمة فقراء المجتمع جعلت العمل الخيري يظهر بصورة عبثية لحد ما أكثر من كونها مهنية ومنظمة، المنظمات الإنسانية والخيرية في الخارج تمارس عملها بمهنية ملفتة بل تفتح أبواب «الخير» ليس بالمال فقط بل بالوقت والجهد، نعم تستطيع أن تكون إنساناً خيِّراً بابتسامتك في وجه من حولك بعلمك وعملك، نعم سأحفر البئر لكن بيدي ! لست أتلبس قناع الأمريكية اين راند هنا ولا أتبنى منهجها في الأنانية الأخلاقية والتي عززت فكرة «عدم التدخل»، لكن في العشر السنوات القادمة أعتقد نعم علينا ذلك إلى حد ما.
خاتمة: «يقول سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: خيركم خيركم لأهله»، لعل هذا السطر يغنيك عن قراءة كل ما سبق.
* كاتبة سعودية
Amaljuhani@ksu.edu.sa
إذا الإنسان يمارس الأفعال الخيرية كحالة شعورية لعل هذا يعطي تفسيراً على الأقل بالنسبة لي لفهم حسن نوايا البشر في التبرعات المالية والعطاء بجانب الخطاب الديني والمجتمعي الذي يحثنا على الخير، الإنسان يريد أن يشعر بأنه شخص جيد، فعلاً هي حالة وجدانية، لذلك سهل أن تستدر محفظته لينفق منها على بئر في أصقاع الأرض لم يرها ولن يراها، أو أن تهزه صورة أو كلمة لينفق ما يملك دون أن يعلم أين ذهب هذا المال، أتذكر عندما كنا أطفالاً في الرابع الابتدائي عندما يتم جمع تبرعات لدول لا تحمل لنا سوى العداء الآن كيف كنا نشعر بالاطمئنان أننا نساعدهم ثم فهمنا لاحقاً كيف مات أحدهم وترك ثروة مليارية أي أن مصروف الفسحة لي كطفلة ذهب لورثته!
وزارة الداخلية تقوم بجهود جبارة في هذا الشأن وأتعجب من تجاهل البعض لما نصت عليه بشأن التبرعات الخيرية ربما عن جهل وحسن نية، فنحن نحاول الآن أن نفهم مبدأ الخيرية لكن بذات الوقت نعلق الجرس، وأدعو الجميع لقراءة لائحة الضوابط لجمع التبرعات داخل وخارج المملكة والتي تشمل 14 مادة جميعها تحث على العودة للوزارة في هذا الشأن وعدم تجاوزها من خلال أخذ التصاريح أو حتى التأكد من صلاحية الجهات المعلنة، بل أكدت على أهمية أخذ الموافقة الخطية من المتبرع وتوقيعه، اللائحة يتم تحديثها بشكل دوري وهي متاحة بعدة مصادر وأقترح أن تتم إعادة تدويرها في الوزارات والقطاعات مع رأس كل عام.
ليس من الذكاء أن لا يعرفك الناس إلا بمالك، وهذا ما تعالجه الآن رؤية 2030، فالانطلاق للعالم لا يقتضي توريط المملكة بالمزيد من المشكلات مهما كانت النوايا، فالتبرعات يجب أن تقنن، وأن يبدأ المجتمع بالعودة إلى الداخل فالجار يستوصي بجاره، لعل عدم وجود برامج مجتمعية تعزز دور رجال الأعمال والبنوك لخدمة فقراء المجتمع جعلت العمل الخيري يظهر بصورة عبثية لحد ما أكثر من كونها مهنية ومنظمة، المنظمات الإنسانية والخيرية في الخارج تمارس عملها بمهنية ملفتة بل تفتح أبواب «الخير» ليس بالمال فقط بل بالوقت والجهد، نعم تستطيع أن تكون إنساناً خيِّراً بابتسامتك في وجه من حولك بعلمك وعملك، نعم سأحفر البئر لكن بيدي ! لست أتلبس قناع الأمريكية اين راند هنا ولا أتبنى منهجها في الأنانية الأخلاقية والتي عززت فكرة «عدم التدخل»، لكن في العشر السنوات القادمة أعتقد نعم علينا ذلك إلى حد ما.
خاتمة: «يقول سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: خيركم خيركم لأهله»، لعل هذا السطر يغنيك عن قراءة كل ما سبق.
* كاتبة سعودية
Amaljuhani@ksu.edu.sa