حدثني موظف سابق عن تجربة طريفة تستحق أن تُروى فقال لي إنه عندما عين في منصبه الذي له علاقة بخدمات عامة معينة زاره أحد التجار بهدف التعارف والتعاون وفهم منه أن لديه فضول أموال يريد توزيعها على المحتاجين عن طريق من يثق به وأن اختياره وقع على «صاحبنا» لما بلغه عنه من أمانة ونزاهة وحب لفعل الخير والمشاركة فيه، فشكر له ذلك الموظف مشاعره الطيبة وثقته الغالية وأبدى استعداده من أجل التعاون على توزيع ما يصله على المستحقين ممن حوله من المستخدمين ومن في حكمهم من ذوي الأجور المنخفضة الذين لا يسألون الناس إلحافاً، وإن بقي شيء أوصله إلى أسر معدمة من جيرانه يعرف عن أحوالها ومدى حاجتها إلى الضروريات التي تعينها على الحياة.
ويقول الراوي: إنه ظل عدة سنوات يتلقى من ذلك التاجر المساعدة المقدمة منه للمحتاجين ويبذل جهداً من أجل تحري توزيعها على المستحقين الفعليين؛ لأنه يعتبرها أمانة ومسؤولية تقلدها نيابة عن صاحبها فلا بد أن يوصلها لأصحابها ليكون قد أنجز المهمة وأداها خير أداء.
ولكن لأن دوام الحال من المحال فإن صاحبنا الموظف ترك منصبه بالتقاعد المبكر، فلما جاء الموعد السنوي لتسلمه المساعدة لتوزيعها كالمعتاد على المحتاجين الذين أخذوا يتصلون به لسؤاله عنها، أخذ يتصل بصاحبه التاجر الذي أخذ يتهرب منه ويعطيه الموعد تلو الآخر، ولكنه فهم في نهاية الأمر أن المساعدة نفسها سلمت إلى من حل محله في الوظيفة وبزيادة لا بأس بها.. وسألني أخونا بحسرة عن التفسير المنطقي لما حصل، فقلت له: الأمر واضح فهو لا يحتاج إلى تفسير أو تبرير، فقد كانت تلك المساعدة هدفها تحسين العلاقة مع المنصب الذي كنت فيه فلما ذهب المنصب تحول إلى من بعدك ولعله كان يعطي المساعدة لمن قبلك ثم حولها إليك عندما تسلمت المنصب وهكذا دواليك!
وعلى أية حال فإن من لديه فضول أموال يريد توزيعها على المستحقين فعلاً لا إدعاء فإن العديد من الوسائل متاحة أمامه والمحتاجين يعرفهم عمد الأحياء وتعرف المدارس أوضاع الأسر رقيقة الحال من خلال أبنائها وبناتها الطلاب والطالبات والأخيار من سكان الحي لديهم معلومات عن من حولهم من الفقراء وكذلك الجمعيات الخيرية الرسمية، ولكن من يُريد توظيف زكواته وصدقاته من أجل تحقيق مصالح خاصة فإن مثله سيظل حريصاً على مثل هذه «الحركات» وعلى أي موظف يتعامل مع هذه النوعية توقع أن الموقف منه سوف يتغير بعد تركه للمنصب وأن يعتبر الأمر عاديا جداً جداً!
* كاتب سعودي
mohammed.ah@mad568@gmail.com
ويقول الراوي: إنه ظل عدة سنوات يتلقى من ذلك التاجر المساعدة المقدمة منه للمحتاجين ويبذل جهداً من أجل تحري توزيعها على المستحقين الفعليين؛ لأنه يعتبرها أمانة ومسؤولية تقلدها نيابة عن صاحبها فلا بد أن يوصلها لأصحابها ليكون قد أنجز المهمة وأداها خير أداء.
ولكن لأن دوام الحال من المحال فإن صاحبنا الموظف ترك منصبه بالتقاعد المبكر، فلما جاء الموعد السنوي لتسلمه المساعدة لتوزيعها كالمعتاد على المحتاجين الذين أخذوا يتصلون به لسؤاله عنها، أخذ يتصل بصاحبه التاجر الذي أخذ يتهرب منه ويعطيه الموعد تلو الآخر، ولكنه فهم في نهاية الأمر أن المساعدة نفسها سلمت إلى من حل محله في الوظيفة وبزيادة لا بأس بها.. وسألني أخونا بحسرة عن التفسير المنطقي لما حصل، فقلت له: الأمر واضح فهو لا يحتاج إلى تفسير أو تبرير، فقد كانت تلك المساعدة هدفها تحسين العلاقة مع المنصب الذي كنت فيه فلما ذهب المنصب تحول إلى من بعدك ولعله كان يعطي المساعدة لمن قبلك ثم حولها إليك عندما تسلمت المنصب وهكذا دواليك!
وعلى أية حال فإن من لديه فضول أموال يريد توزيعها على المستحقين فعلاً لا إدعاء فإن العديد من الوسائل متاحة أمامه والمحتاجين يعرفهم عمد الأحياء وتعرف المدارس أوضاع الأسر رقيقة الحال من خلال أبنائها وبناتها الطلاب والطالبات والأخيار من سكان الحي لديهم معلومات عن من حولهم من الفقراء وكذلك الجمعيات الخيرية الرسمية، ولكن من يُريد توظيف زكواته وصدقاته من أجل تحقيق مصالح خاصة فإن مثله سيظل حريصاً على مثل هذه «الحركات» وعلى أي موظف يتعامل مع هذه النوعية توقع أن الموقف منه سوف يتغير بعد تركه للمنصب وأن يعتبر الأمر عاديا جداً جداً!
* كاتب سعودي
mohammed.ah@mad568@gmail.com