-A +A
محمد أحمد الحساني
يَضِلُّ مسلم في بقعة ما من الأرض فيرتد عن دينه ويعتنق ديناً آخر فتلاحقه وسائل الإعلام الدولية لتسأله عن سبب تحوله عن دينه، ويندد بردته علماء وإعلاميون مسلمون، فيصبح بسبب موقف الفريقين علماً في رأسه نار، لتفسح له المجالس والمقاعد في المنتديات والمؤتمرات وكأنه بطل كوني لا يشق له غبار!

وفي الوقت نفسه فإن أتباع ديانات أو فلسفات أو لا دينيين يدخلون في الإسلام بالمئات وأحياناً بالآلاف دفعة واحدة كأن تسلم قرية كاملة في دولة من الدول على يد دعاة أو علماء من أبنائها قدموا لها نموذجاً جيداً لقاعدة «الدين المعاملة» فلا يحفل الإعلام الإسلامي أو الغربي بإسلامهم مع أنه مقابل كل شخص يرتد عن الإسلام يقابله ألف شخص يدخل في الإسلام، حتى إن رجلاً واحداً اسمه الدكتور عبدالرحمن السميط نذر نفسه وماله وصحته وعمره للدعوة وأعمال الإغاثة في أفريقيا وغيرها على مدى نحو 40 عاماً حتى توفاه الله في السنوات الأخيرة بعد نيله جوائز عالمية عدة تقديراً لجهوده الدعوية والإغاثية كان على رأسها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، هذا الداعية الموفق أسلم على يديه خلال رحلته الدعوية 12 مليون شخص، وقد رأيت آثار أعماله المباركة في أدغال أفريقيا خلال زيارتي لعدد من الدول الأفريقية بصحبة معالي الوالد الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد السابق لرابطة العالم الإسلامي وأحد أشهر الرحالة في التاريخ الإسلامي حيث ألف ما يزيد على 200 كتاب عن رحلاته في القارات الخمس ووصل إلى مناطق لم يصلها رحالة غربي أو شرقي من قبل وما زال وقد تجاوز التسعين من عمره المديد المبارك يكتب ويؤلف ويشارك ويتواصل مع أحبائه بالهاتف.


فإذا كان الأمر كذلك فلماذا تصحب عملية ارتداد مسلم عن دينه «زيطة» و«زمبليطة» مع أن الإسلام لن يخسر شيئاً بسبب ارتداده، وإنما يكون هو الخاسر؛ لأنه بدل دينه الحق الذي ارتضاه الله له بدين آخر، ولماذا يحوله إعلام الفريق المعارض وإعلام الفريق المساند إلى بطل مع أنه «لا شيء» أبداً وهو واحد من مليار ونصف مليار مسلم ولكن معظمهم غثاء.

إن الدين الإسلامي دين عظيم وقوي بحجته ومبادئه المقنعة، وبسبب ذلك ظل الناس يدخلون فيه أفواجاً منذ فجر تاريخه وحتى تقوم الساعة إن شاء الله تعالى، وقد بشر المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أن الإسلام سوف يبلغ كل زاوية في الأرض تبلغها أشعة الشمس، وهذا ما تحقق في العصر الحاضر ولم يزل يتحقق أكثر مع طلوع فجر كل يوم جديد على الرغم من تخلي كثير من المسلمين عن أخلاق ومبادئ دينهم بل وإلحاق الأذى به بسبب تصرفات وأعمال لا علاقة لها بهذا الدين الكريم.

وأخيراً فلقد وضع المبشرون قبل خمسة عقود هدفاً معلناً هو أن تكون كل من إندونيسيا ونيجيريا باعتبارهما أكبر دولتين إسلاميتين في آسيا وأفريقيا، نصرانيتين بنسبة 90 % مع حلول عام 2000م، وحشدوا من أجل ذلك الهدف جميع الوسائل المادية والإعلامية وأنفقوا مئات المليارات من الدولارات ولكن هدفهم لم يتحقق حتى تاريخه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، والحمد لله رب العالمين.

* كاتب سعودي

mohammed.ah@mad568@gmail.com