-A +A
أحمد عوض
بعد سنوات من قصّة الزئبق ومكينة خياطة الصقر والأموال التي ضُخَّتْ من قِبل العامّة في كذبة جعلت الجنون يجتاح الأسواق والكُل يبحث عن مكينة خياطة ليشتريها ويُعيد بيعها بآلاف الريالات..

يبدو أننا أمام فصل آخر من فصول ذلك الجهل الذي اجتاح المُدُن والقرى، الآن انتشرت مقاطع الباحثين عن الذهب وتكاثرت إعلانات بيع أجهزة الكشف عن الذهب وكأننا في القرن الثامن عشر وفي الغرب الأمريكي تحديداً أيّام حُمّى الذهب..


وجوه ممتلئة تعباً تغزو الصحراء بحثاً عن وهم وهؤلاء البؤساء دفعوا في الأجهزة التي بين أيديهم آلاف الريالات، لو حولوها لتجارة في شيء ملموس لكان أفضل لهم من تجارة الوهم التي يمارسونها..

أولاً: السعوديّة قانونها واضح في قصّة المعادن والآثار والأراضي خارج المُدُن والقُرى، كُل ما فوق الأرض وما في باطنها مِلك للدولة هي التي تُحدد السياسة التي بموجبها تتعامل الحكومة مع ما هو موجود، أي أن الأمر ليس بطريقة «أنا من وجده أولاً»..

ثانياً: من يقومون بِشراء وبيع هذه الأجهزة يُخالفون القانون ببيع مواد محظورة ومن يقومون بعملية البحث عن الذهب المزعوم تواجده بكثرة يخالفون نظام الدولة، الذي لم يجعل ما في الأرض ملكا مُشاعا لمن يجده أولاً..

ثالثاً: على الإعلام بكافّة أشكاله إيضاح الصورة للبُسطاء حتى لا نُصبح أمام مهزلة مكائن خياطة أُخرى وزئبقها الذي يتحرك عند اقتراب ذبذبات الهاتف..

رابعاً: نشر المقاطع بطريقة «جني المحصول» ستقود صاحبها للمُحاسبة، سواء نشره بقصد أو بغير قصد، لذلك السعيد من يتّعظ بغيره..

الكُل يتمنى أن يُصبح ثرياً، لكن الثراء يحتاج عملا وجهدا وحلما وطموحا لا أن تتبع طريق الوهم، الحياة واقع متى ما خالطها الوهم سيُصبح الإنسان بلا حياة..

* كاتب سعودي