من حق «فيفا» وأي منظمة رياضية أن تدافع عن حقوق البث التلفزيوني وتتحرك ضد الاعتداء عليها، فلو لم تفعل ذلك لخسرت بضاعة ثمينة لن يقبل عليها أحد في المستقبل بسبب أعمال القرصنة وفك الشفرة التي باتت أجهزتها تملأ الأسواق، بما فيها أسواق الأزقة الأقرب لمقر «فيفا» في أوروبا ! لكن المؤسسات الرياضية مسؤولة أيضا عن اتخاذ سياسات تسويق عادلة لحقوق البث تمنع الاحتكار على أسس المناطق الجغرافية الواسعة، وفي منطقة الشرق الأوسط تمارس هذه المؤسسات الرياضية كـ«فيفا» و«اليوفا» وبعض الدوريات الأوروبية سياسة تشجع على الاحتكار المضر بالمشاهد، فعلت ذلك سابقا مع احتكار شبكة «أي أر تي» لمباريات كأس العالم، وفعلته مجددا مع «بي إن سبورت» التي كانت تحمل اسم قنوات «الجزيرة» الرياضية، بينما نجد جزيرة صغيرة مثل قبرص تملك نطاقا جغرافيا مستقلا لحقوق البث ! بيان وزارة الإعلام السعودية الذي رحب بتوكيل «فيفا» محاميا محليا في السعودية لملاحقة اعتداء ما سمي بقنوات «بي أوت» على حقوق البث كان ممتازا، ففي الوقت الذي أكد على تشديد قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية على ملاحقة كافة أشكال الاعتداء على الحقوق، فإنه ذكر بالدوافع السياسية لشبكة الجزيرة لتوجيه مثل هذه الاتهامات دون أدلة دامغة لتشويه صورة المملكة ! طبعا لا يخفى على مسؤولي «فيفا» وغيرها من المنظمات الرياضية الدولية أن أجهزة استقبال البث المشفر «بي أوت» تباع في جميع المدن حول العالم بما فيها الدوحة القطرية، كما أن رموز فك الشفرات يتم تداولها عبر البريد الإلكتروني ورسائل الهاتف حول العالم دون أن تمتلك حكومة واحدة في العالم القدرة على اعتراضها ! المشكلة باختصار تتجاوز قنوات «بي أوت»، فجميع القنوات الفضائية المشفرة سواء كانت رياضية أو غير رياضية اليوم لم تعد محصنة !