تقع شبه جزيرة كوريا في الشمال الشرقي لقارة آسيا، وتبلغ مساحتها 220748 كم2، أي أنها صغيرة المساحة نسبياً، ولكنها تضم شعباً عريقاً متحضراً. وكانت حتى عام 1948م عبارة عن دولة موحدة واحدة. كانت شبه تابعة للصين، واحتلت من قبل اليابان عام 1910م. واستمرت تابعة لليابان حتى هزيمتها الأخيرة في الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م. بعد ذلك انقسمت إلى دولتين، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، وكلاهما عضو في منظمة الأمم المتحدة. تبلغ مساحة كوريا الجنوبية، أو جمهورية كوريا، 100210 كم2. ويبلغ عدد سكانها 52 مليون نسمة، وعاصمتها «سيؤل»، وتحكمها حكومة ديمقراطية رئاسية، وترتبط بأمريكا بتحالف أمنى وثيق.
أما كوريا الشمالية، أو جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، فمساحتها 120538كم2، وعدد سكانها حوالى 25 مليون نسمة، وعاصمتها مدينة «بيونغ يانغ». ويحكمها، منذ 9/ 9/ 1948م، حزب واحد هو حزب العمال الكوري، المؤتلف مع عدة أحزاب اشتراكية كورية شمالية أصغر.
ابتداء من العام 1948م، وفى حموة «الحرب الباردة» بين الدولتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، اندلعت حرب كوريا، وحصل هذا الانقسام الكوري الشهير، الذى اعتبر من أكبر مؤشرات الصراع بين القطبين السابقين، وأحد أهم تداعيات الحروب بينهما. وحتى بعد انهيار المعسكر الشرقي وزوال الاتحاد السوفيتي سنة 1991م، بقيت هناك عدة دول «شيوعية» التوجه الاقتصادي - السياسي... تتبع الفكر الاشتراكي المتطرف، ويحكمها نظام الحزب الواحد «الشيوعي» أبرزها الآن: الصين، كوريا الشمالية، فيتنام، كوبا. فهذه الدول ما زالت تدار من قبل نظام الحزب الشيوعي (الواحد) في كل منها، رغم وجود مطالب محلية ودولية متزايدة في أغلبها، تطالب بالانفتاح، وبضرورة السماح بوجود أحزاب أخرى... تتنافس - مع الحزب الشيوعي - للحصول على قدر من «السلطة»، يحدده الناخبون في البلاد المعنية. ومعروف أن هناك تياراً قومياً كورياً يسعى لإعادة توحيد الكوريتين، ويتواجد أنصاره في كل أرجاء شبه الجزيرة الكورية.
***
شقت كل من الدولتين الكوريتين طريقها بأسلوبها الخاص الذى اتبعته. حيث سارت كوريا الشمالية في طريق الاشتراكية ونظام الحزب الواحد، بينما سارت كوريا الجنوبية في ركاب الرأسمالية والديمقراطية، وأصبحت من أهم النمور الآسيوية. وحسب تقديرات عام 2014م، فإن نصيب الفرد من الدخل القومي في كوريا الجنوبية يصل إلى 34777 دولاراً أمريكياً، بينما نصيب الفرد المماثل في كوريا الشمالية يبلغ 1800 دولار فقط.
ركزت كوريا الشمالية على القوة العسكرية، فأصبحت أحد أكبر القوى العسكرية في العالم. واتجهت لتطوير سلاح نووي... فأمسى لديها ترسانة نووية ضاربة منذ العام 2006م. ومن أهم ما تمتلكه كوريا الشمالية من أسلحة: 1.2 مليون جندي (و5.5 مليون قوات احتياطية)، 5025 دبابة، 4100 عربة قتالية، حوالى 2500 صاروخ باليستى، 1030 طائرة مقاتلة واعتراضية، 76 غواصة حربية صغيرة، 25 كاسحة ألغام، 11 فرقاطة. هذا، إضافة إلى حوالى 30 رأساً نووياً.
بينما يعانى اقتصاد كوريا الشمالية من ضعف وتدهور خطيرين، بسبب سياساتها الاقتصادية وضعف مواردها، والمقاطعة الاقتصادية المفروضة عليها التي أسهمت في عزلتها. توجهها الشيوعي، ومطالبتها بكوريا الجنوبية، أدى إلى عدائها الشديد مع الولايات المتحدة، وحلفائها، وخاصة كوريا الجنوبية واليابان. وما زالت، رسمياً، في حالة حرب مع كوريا الجنوبية. ولكنها تحتفظ بعلاقات صداقة وثيقة مع الصين، حليفتها الرئيسة، وجارتها في الشمال.
***
لم تشهد العلاقات الأمريكية - الكورية الشمالية إلا العداء، والتوتر الحاد، خاصة بعد أن أصبحت كوريا الشمالية دولة نووية. وكم قرعت طبول الحرب بينهما. وفجأة، وبعد لقاءات تمهيدية مكثفة بين رئيسي الكوريتين والمسؤولين المعنيين في أمريكا والكوريتين، أعلن عن العزم على عقد قمة، لأول مرة منذ قيام كوريا الشمالية، بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والكوري الشمالي كيم جونج أون. وحدد موعدها يوم 12 يونيو 2018م في سنغافورة. وبالفعل، عقدت هذه القمة التاريخية في موعدها، فكانت أحد أبرز التطورات السياسية في هذا العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. فهي قد عقدت بين لاعبين سياسيين هامين، بل خصمين نوويين لدودين، استمر عداؤهما لأكثر من نصف قرن. وأوشك هذا العداء أن تتمخض عنه حرب نووية شعواء.
***
كان العنوان العريض لهذه القمة هو: نزع أسلحة كوريا الشمالية النووية. وحاول الرئيس الأمريكي ترمب تضخيم نتائج هذه القمة لأغراض انتخابية واضحة. وبالطبع، كان موضوع القمة في خطوطه العامة هو مناقشة:
- العلاقات الثنائية الأمريكية - الكورية الشمالية، وسبل تطبيعها، وأيضا العلاقات الكورية الشمالية مع حلفاء أمريكا، وخاصة كوريا الجنوبية واليابان.
- نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية.
- قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك.
ويمكن القول إن أهم ما تريده أمريكا من كوريا الشمالية هو: نزع كل سلاح كوريا الشمالية النووي، ومن ثم تطبيع العلاقات الأمريكية - الكورية الشمالية، وإلغاء كل العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. أما ما تريده كوريا الشمالية فيبدو أنه: إبرام معاهدة سلام وعدم اعتداء مع أمريكا وحلفائها، مع رفع المقاطعة الاقتصادية وتطبيع العلاقات، وغالبا - كما يبدو - مع احتفاظ كوريا الشمالية بسلاحها النووي، أو بجزء منه.
وما وقع عقب قمة ترمب - أون، وذكرت خطوطه العامة في البيان الختامي لتلك القمة، كان عبارة عن اتفاق مبدئي بين الطرفين، بضرورة تسوية خلافاتهما بالطرق السلمية... كما سجل موافقة كوريا الشمالية (المبدئية جداً) على نزع سلاحها النووي... أما الوصول إلى اتفاق نهائي فالطريق إليه ما زال طويلاً، وشاقاً. ونواصل هذا الحديث في المقال القادم.
* كاتب سعودي
أما كوريا الشمالية، أو جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، فمساحتها 120538كم2، وعدد سكانها حوالى 25 مليون نسمة، وعاصمتها مدينة «بيونغ يانغ». ويحكمها، منذ 9/ 9/ 1948م، حزب واحد هو حزب العمال الكوري، المؤتلف مع عدة أحزاب اشتراكية كورية شمالية أصغر.
ابتداء من العام 1948م، وفى حموة «الحرب الباردة» بين الدولتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، اندلعت حرب كوريا، وحصل هذا الانقسام الكوري الشهير، الذى اعتبر من أكبر مؤشرات الصراع بين القطبين السابقين، وأحد أهم تداعيات الحروب بينهما. وحتى بعد انهيار المعسكر الشرقي وزوال الاتحاد السوفيتي سنة 1991م، بقيت هناك عدة دول «شيوعية» التوجه الاقتصادي - السياسي... تتبع الفكر الاشتراكي المتطرف، ويحكمها نظام الحزب الواحد «الشيوعي» أبرزها الآن: الصين، كوريا الشمالية، فيتنام، كوبا. فهذه الدول ما زالت تدار من قبل نظام الحزب الشيوعي (الواحد) في كل منها، رغم وجود مطالب محلية ودولية متزايدة في أغلبها، تطالب بالانفتاح، وبضرورة السماح بوجود أحزاب أخرى... تتنافس - مع الحزب الشيوعي - للحصول على قدر من «السلطة»، يحدده الناخبون في البلاد المعنية. ومعروف أن هناك تياراً قومياً كورياً يسعى لإعادة توحيد الكوريتين، ويتواجد أنصاره في كل أرجاء شبه الجزيرة الكورية.
***
شقت كل من الدولتين الكوريتين طريقها بأسلوبها الخاص الذى اتبعته. حيث سارت كوريا الشمالية في طريق الاشتراكية ونظام الحزب الواحد، بينما سارت كوريا الجنوبية في ركاب الرأسمالية والديمقراطية، وأصبحت من أهم النمور الآسيوية. وحسب تقديرات عام 2014م، فإن نصيب الفرد من الدخل القومي في كوريا الجنوبية يصل إلى 34777 دولاراً أمريكياً، بينما نصيب الفرد المماثل في كوريا الشمالية يبلغ 1800 دولار فقط.
ركزت كوريا الشمالية على القوة العسكرية، فأصبحت أحد أكبر القوى العسكرية في العالم. واتجهت لتطوير سلاح نووي... فأمسى لديها ترسانة نووية ضاربة منذ العام 2006م. ومن أهم ما تمتلكه كوريا الشمالية من أسلحة: 1.2 مليون جندي (و5.5 مليون قوات احتياطية)، 5025 دبابة، 4100 عربة قتالية، حوالى 2500 صاروخ باليستى، 1030 طائرة مقاتلة واعتراضية، 76 غواصة حربية صغيرة، 25 كاسحة ألغام، 11 فرقاطة. هذا، إضافة إلى حوالى 30 رأساً نووياً.
بينما يعانى اقتصاد كوريا الشمالية من ضعف وتدهور خطيرين، بسبب سياساتها الاقتصادية وضعف مواردها، والمقاطعة الاقتصادية المفروضة عليها التي أسهمت في عزلتها. توجهها الشيوعي، ومطالبتها بكوريا الجنوبية، أدى إلى عدائها الشديد مع الولايات المتحدة، وحلفائها، وخاصة كوريا الجنوبية واليابان. وما زالت، رسمياً، في حالة حرب مع كوريا الجنوبية. ولكنها تحتفظ بعلاقات صداقة وثيقة مع الصين، حليفتها الرئيسة، وجارتها في الشمال.
***
لم تشهد العلاقات الأمريكية - الكورية الشمالية إلا العداء، والتوتر الحاد، خاصة بعد أن أصبحت كوريا الشمالية دولة نووية. وكم قرعت طبول الحرب بينهما. وفجأة، وبعد لقاءات تمهيدية مكثفة بين رئيسي الكوريتين والمسؤولين المعنيين في أمريكا والكوريتين، أعلن عن العزم على عقد قمة، لأول مرة منذ قيام كوريا الشمالية، بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والكوري الشمالي كيم جونج أون. وحدد موعدها يوم 12 يونيو 2018م في سنغافورة. وبالفعل، عقدت هذه القمة التاريخية في موعدها، فكانت أحد أبرز التطورات السياسية في هذا العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. فهي قد عقدت بين لاعبين سياسيين هامين، بل خصمين نوويين لدودين، استمر عداؤهما لأكثر من نصف قرن. وأوشك هذا العداء أن تتمخض عنه حرب نووية شعواء.
***
كان العنوان العريض لهذه القمة هو: نزع أسلحة كوريا الشمالية النووية. وحاول الرئيس الأمريكي ترمب تضخيم نتائج هذه القمة لأغراض انتخابية واضحة. وبالطبع، كان موضوع القمة في خطوطه العامة هو مناقشة:
- العلاقات الثنائية الأمريكية - الكورية الشمالية، وسبل تطبيعها، وأيضا العلاقات الكورية الشمالية مع حلفاء أمريكا، وخاصة كوريا الجنوبية واليابان.
- نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية.
- قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك.
ويمكن القول إن أهم ما تريده أمريكا من كوريا الشمالية هو: نزع كل سلاح كوريا الشمالية النووي، ومن ثم تطبيع العلاقات الأمريكية - الكورية الشمالية، وإلغاء كل العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. أما ما تريده كوريا الشمالية فيبدو أنه: إبرام معاهدة سلام وعدم اعتداء مع أمريكا وحلفائها، مع رفع المقاطعة الاقتصادية وتطبيع العلاقات، وغالبا - كما يبدو - مع احتفاظ كوريا الشمالية بسلاحها النووي، أو بجزء منه.
وما وقع عقب قمة ترمب - أون، وذكرت خطوطه العامة في البيان الختامي لتلك القمة، كان عبارة عن اتفاق مبدئي بين الطرفين، بضرورة تسوية خلافاتهما بالطرق السلمية... كما سجل موافقة كوريا الشمالية (المبدئية جداً) على نزع سلاحها النووي... أما الوصول إلى اتفاق نهائي فالطريق إليه ما زال طويلاً، وشاقاً. ونواصل هذا الحديث في المقال القادم.
* كاتب سعودي