إلى وقت قريب من البدايات الأولى للقرن الواحد والعشرين، كانت المكتبات المنزلية الخاصة بالأفراد تدخل ضمن بقية الإرث بعد وفاة صاحب المكتبة، فيتوازعها الورثة أو يجمعونها في مكان واحد ليقرؤوا منها وفيها. وبعض الورثة يرغبون في أن تكون المكتبة صدقة جارية لصاحبها، فيتبرعون بها للمكتبة العامة في المدينة أو مكتبة الجامعة التي تقع ضمن نطاقهم الجغرافي.
وعلى مدار ما يزيد قليلا على عقد من الزمن، ونحن الآن في نهاية العُشر الثاني من الألفية، أصبح مفهوم المكتبة المنزلية غير وارد أساسا.. والقطيعة بين الثقافة الورقية والجيل الجديد - أو حتى بمنظور أشمل بين الثقافة الورقية والعصر الحديث - أصبحت أكثر جفافا.
بعض مجتمعات العصر الحديث أصبحت تنظر للمعارف خارج دائرة الورق.. وسلكت طريقا مغالى فيه حين أصبحت تبحث عن المعارف من خلال رسائل الواتساب أو التغريدات أو في أسوأ الأحوال في تعليقات المشاركين في التطبيق المتعددة. وانحسرت المعارف – بخجل - داخل الأروقة الأكاديمية على ألسنة الأساتذة والمعلمين.. حتى الكتاب الجامعي أصبح الطالب لا يطيق النظر إليه ولا يرغب في تملكه.. وفي بعض الأحيان لا يعرف كيف يقرؤه أو يستخرج منه المعرفة. ذهنية الطالب الحديث تبحث عن ملخصات سريعة أشبه بالتغريدات.. ولا مانع من تلخيص الدروس في رسائل قصيرة على الواتساب.. لو كان إلى ذلك سبيل.
إذا وقف المجتمع بمؤسساته التعليمية مكتوف اليدين أمام هذه الظاهرة، ستصل الأجيال اللاحقة إلى مرحلة الجهل المُقنّع؛ تسطيح المعلومات، وتسطيح الظواهر، وتسطيح الحلول.
عندما اتخذ الغرب - الولايات المتحدة تحديدا - في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فلسفة (العَمَلانية)؛ وهي فلسفة تعتمد على مبدأ: أن المعيار الوحيد للحقيقة هو (النجاح) في الأداء.. والنظرية يتم استخراجها من التطبيق. هذه الفلسفة لم تكن تهدف إلى الابتعاد عن الإرث المعرفي أو تهميشه، ولكن تحويله إلى تطبيق يفرز ما يصلح للمجتمع وما لا يصلح.. وبناء عليه يتم الأخذ بالعلوم التي تخدم المجتمع والحضارة الإنسانية.
فلسفة العقل وعلم الأخلاق والمنطق.. وكل العلوم الإنسانية المشابهة - بما فيها علوم ما وراء الطبيعة - تؤخذ من الإرث المعرفي المكتوب.. وقد أثبتت (العَمَلانية) على مستوى العالم أن بعض المعارف يسهل فهمها بشكل أسرع وأفضل إذا أخِذت من الورق.
ليس المطلوب معاندة العصر.. ولكن المطلوب هو الإبقاء على ثقافة الورق كمصدر مهم من مصادر المعرفة الإنسانية.
* كاتب سعودي
وعلى مدار ما يزيد قليلا على عقد من الزمن، ونحن الآن في نهاية العُشر الثاني من الألفية، أصبح مفهوم المكتبة المنزلية غير وارد أساسا.. والقطيعة بين الثقافة الورقية والجيل الجديد - أو حتى بمنظور أشمل بين الثقافة الورقية والعصر الحديث - أصبحت أكثر جفافا.
بعض مجتمعات العصر الحديث أصبحت تنظر للمعارف خارج دائرة الورق.. وسلكت طريقا مغالى فيه حين أصبحت تبحث عن المعارف من خلال رسائل الواتساب أو التغريدات أو في أسوأ الأحوال في تعليقات المشاركين في التطبيق المتعددة. وانحسرت المعارف – بخجل - داخل الأروقة الأكاديمية على ألسنة الأساتذة والمعلمين.. حتى الكتاب الجامعي أصبح الطالب لا يطيق النظر إليه ولا يرغب في تملكه.. وفي بعض الأحيان لا يعرف كيف يقرؤه أو يستخرج منه المعرفة. ذهنية الطالب الحديث تبحث عن ملخصات سريعة أشبه بالتغريدات.. ولا مانع من تلخيص الدروس في رسائل قصيرة على الواتساب.. لو كان إلى ذلك سبيل.
إذا وقف المجتمع بمؤسساته التعليمية مكتوف اليدين أمام هذه الظاهرة، ستصل الأجيال اللاحقة إلى مرحلة الجهل المُقنّع؛ تسطيح المعلومات، وتسطيح الظواهر، وتسطيح الحلول.
عندما اتخذ الغرب - الولايات المتحدة تحديدا - في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فلسفة (العَمَلانية)؛ وهي فلسفة تعتمد على مبدأ: أن المعيار الوحيد للحقيقة هو (النجاح) في الأداء.. والنظرية يتم استخراجها من التطبيق. هذه الفلسفة لم تكن تهدف إلى الابتعاد عن الإرث المعرفي أو تهميشه، ولكن تحويله إلى تطبيق يفرز ما يصلح للمجتمع وما لا يصلح.. وبناء عليه يتم الأخذ بالعلوم التي تخدم المجتمع والحضارة الإنسانية.
فلسفة العقل وعلم الأخلاق والمنطق.. وكل العلوم الإنسانية المشابهة - بما فيها علوم ما وراء الطبيعة - تؤخذ من الإرث المعرفي المكتوب.. وقد أثبتت (العَمَلانية) على مستوى العالم أن بعض المعارف يسهل فهمها بشكل أسرع وأفضل إذا أخِذت من الورق.
ليس المطلوب معاندة العصر.. ولكن المطلوب هو الإبقاء على ثقافة الورق كمصدر مهم من مصادر المعرفة الإنسانية.
* كاتب سعودي