لعل من مثالب الديموقراطية وقصورها، احتمالية استخدامها كوسيلة مناقضة لغايتها النبيلة: بأن تتحول إلى فاشية. هتلر جاء لحكم ألمانيا ديموقراطياً، إلا أنه سرعان ما تنكر ونكل بها.. وأنشأ واحداً من أعتى نظم الحكم الفاشية وأبشعها عنصرية (النازية). الحكم العنصري في جنوب أفريقيا كان يَقصر الممارسة الديموقراطية على الأقلية البيضاء، فكان حكماً فاشياً بامتياز يقوم على الفصل العنصري (الأبارتايد).
إسرائيل، من ناحية أخرى، لم تكن منذ إنشائها دولة ديموقراطية، وإن حرصت على التمسك ظاهرياً بطقوس الديموقراطية، بعيداً عن سمو ونبل قيمها. لقد قامت إسرائيل، على أساس عنصري بغيض، يستند إلى دعاوى تاريخية وأساطير توراتية، لا تربط اليهود بفلسطين، لا من قريب ولا من بعيد.
عندما بُدئ بتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين، جاء على حساب أصحاب الأرض الأصليين، الذين مورست ضدهم أبشع أساليب التطهير العرقي الممنهج، إما بالتصفية الجسدية أو الإبعاد القسري، حتى أخليت الأراضي، التي قامت عليها إسرائيل من الفلسطينيين، أو كادت. كان العربُ عند الانتداب البريطاني لفلسطين (١٩٢٢م) يشكلون ٩٠٪ من السكان، بينما اليهودُ ١٠٪ فقط. اليوم في إسرائيل يشكل اليهودُ ٨٠٪، بينما العربُ، ٢٠٪، فقط. من حينها العربُ يعانون في أرضهم، داخل ما يسمى بالخط الأخضر (خط الهدنة ١٩٤٨م)، كافة أشكال التمييز العنصري والاضطهاد العرقي. حتى في المشاركة السياسية: هناك فقط ١٦ عضو كنيست عربيا مقابل ١٠٤ أعضاء يهود، بينما يُفترض أن يكون الأعضاء العرب ممثلين بـ ٢٢ عضوا، وليس ١٦ عضواً فقط!
يوم الخميس الماضي، صوت الكنيست الإسرائيلي، بأغلبية ٦٢ صوتاً مقابل ٥٥ على ما سمي بقانون القومية الإسرائيلي، الذي يجعل من إسرائيل دولة يهودية خالصة لليهود. للمرة الأولى منذ إنشاء الدولة القومية الحديثة في منتصف القرن السابع عشر.. والأخذ بنموذجها في المنطقة، عقب الحرب الكونية الأولى، تُنشأ دولة على أسس دينية، وليست قومية... دعك من ظروف إنشائها القسرية، على حساب سكانها الأصليين.
في حركة رجعية لمسيرة التاريخ، تؤسس إسرائيل لدولتها المزعومة، على دعاوى دينية عنصرية، تجافي كافة صور الشرعية السياسية والأخلاقية، التي تقوم عليها الدولة القومية الحديثة، وتشكل في مجموع كياناتها القومية ما يعرف اليوم بمجتمع الدول المتحضرة. لقد ناضل العالم طويلاً وتكبدت الإنسانية تكلفة باهظة في سبيل التخلص من أنظمة فاشية قامت على مزاعم عنصرية بغيضة.. أو أساطير دينية محرّفة وغير أخلاقية، من أجل إنشاء مجتمعات عصرية متحضرة، تقوم على التعددية العرقية والثقافية والتسامح الديني، لتسفر إسرائيل، بلا خجل أو خشية، عن وجهها القبيح العنصري، بصورة عنيفة، ممنهجة وعلنية.
ما كانت إسرائيل لتقدم على هذه الخطوة، التي هي بمثابة «ردة» رجعية عن مسيرة التاريخ الخيرة التقدمية، لولا إن هناك قوىً كبرى وكيانات إقليمية، لا تقل رجعية منها تدعمها أو تتغاضى عنها. لا يمكن إخراج تمرير قانون القومية الإسرائيلي هذا، في هذا الوقت، عن سياق أحداث حصلت وتتطور، في ما يسمى بأزمة الشرق الأوسط. منذ أشهر قليلة اعترفت الولايات المتحدة، بأهم ما جاء في القانون، بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل! وجرى بالفعل الشهر الماضي، افتتاح السفارة الأمريكية في القدس. ولا يمكن فصل صدور قانون القومية الإسرائيلي الجديد هذا عن سياق ترتيبات وخطط تُجرى دولياً وإقليمياً، وإن لم يعلن عنها صراحةً، لتصفية القضية الفلسطينية.
في الوقت الذي تستمر إسرائيل في ممارساتها القمعية العنيفة، في الأراضي المحتلة، التي لم ينس القانون الجديد، تكريس عملية الاستيطان الممنهجة فيها، باعتبار المستوطنات جزءا من الدولة اليهودية المزعومة، تُصادر حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، في قيام دولته وعاصمتها القدس، بل وحتى حرمانه الاعتراف بلغته (العربية)! بينما توصم مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال بالإرهاب، في خلط متعمد وغير أخلاقي بين الإرهاب والنضال المشروع من أجل تحقيق الشعب الفلسطيني تطلعاته المشروعة غير القابلة للتصرف، لبلوغ حقه المصيري بقيام دولته المستقلة على أرضه المحتلة من قبل إسرائيل.. وعاصمتها القدس.
لكن مهما كانت الصعاب، التي يواجهها الشعب الفلسطيني.. وبلغ جبروت بطش القوى الغاشمة، التي تحول بينه وحقه في تقرير مصيره، فإن مسيرة التاريخ، لن ترجع إلى الوراء. قد يتوقف قطار مسيرة التاريخ في بعض المحطات.. وقد يتباطأ في سيره على قضبان غير صلبة، إلا أن مسيرة التاريخ ماضية في طريقها لبلوغ غايتها النبيلة الخيرة، التي تكلؤها العناية الإلهية.
كيان قام على اغتصاب الأرض وهضم حقوق الشعوب الحرة، صائر إلى زوال، قصر الزمن أم طال. فلسطين عربية وستظل عربية.. وسيقاوم إسرائيل ويحول بينها وبين مشروعها الفاشي غير الإنساني البغيض، الحجر والشجر، مع البشر. هذا وعد إلهي، بأن ينصر الله أهل الرباط.
إسرائيل، التي قامت على أسس فاشية، لم تكن ولن تصبح ديموقراطية، أبداً.
* كاتب سعودي
إسرائيل، من ناحية أخرى، لم تكن منذ إنشائها دولة ديموقراطية، وإن حرصت على التمسك ظاهرياً بطقوس الديموقراطية، بعيداً عن سمو ونبل قيمها. لقد قامت إسرائيل، على أساس عنصري بغيض، يستند إلى دعاوى تاريخية وأساطير توراتية، لا تربط اليهود بفلسطين، لا من قريب ولا من بعيد.
عندما بُدئ بتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين، جاء على حساب أصحاب الأرض الأصليين، الذين مورست ضدهم أبشع أساليب التطهير العرقي الممنهج، إما بالتصفية الجسدية أو الإبعاد القسري، حتى أخليت الأراضي، التي قامت عليها إسرائيل من الفلسطينيين، أو كادت. كان العربُ عند الانتداب البريطاني لفلسطين (١٩٢٢م) يشكلون ٩٠٪ من السكان، بينما اليهودُ ١٠٪ فقط. اليوم في إسرائيل يشكل اليهودُ ٨٠٪، بينما العربُ، ٢٠٪، فقط. من حينها العربُ يعانون في أرضهم، داخل ما يسمى بالخط الأخضر (خط الهدنة ١٩٤٨م)، كافة أشكال التمييز العنصري والاضطهاد العرقي. حتى في المشاركة السياسية: هناك فقط ١٦ عضو كنيست عربيا مقابل ١٠٤ أعضاء يهود، بينما يُفترض أن يكون الأعضاء العرب ممثلين بـ ٢٢ عضوا، وليس ١٦ عضواً فقط!
يوم الخميس الماضي، صوت الكنيست الإسرائيلي، بأغلبية ٦٢ صوتاً مقابل ٥٥ على ما سمي بقانون القومية الإسرائيلي، الذي يجعل من إسرائيل دولة يهودية خالصة لليهود. للمرة الأولى منذ إنشاء الدولة القومية الحديثة في منتصف القرن السابع عشر.. والأخذ بنموذجها في المنطقة، عقب الحرب الكونية الأولى، تُنشأ دولة على أسس دينية، وليست قومية... دعك من ظروف إنشائها القسرية، على حساب سكانها الأصليين.
في حركة رجعية لمسيرة التاريخ، تؤسس إسرائيل لدولتها المزعومة، على دعاوى دينية عنصرية، تجافي كافة صور الشرعية السياسية والأخلاقية، التي تقوم عليها الدولة القومية الحديثة، وتشكل في مجموع كياناتها القومية ما يعرف اليوم بمجتمع الدول المتحضرة. لقد ناضل العالم طويلاً وتكبدت الإنسانية تكلفة باهظة في سبيل التخلص من أنظمة فاشية قامت على مزاعم عنصرية بغيضة.. أو أساطير دينية محرّفة وغير أخلاقية، من أجل إنشاء مجتمعات عصرية متحضرة، تقوم على التعددية العرقية والثقافية والتسامح الديني، لتسفر إسرائيل، بلا خجل أو خشية، عن وجهها القبيح العنصري، بصورة عنيفة، ممنهجة وعلنية.
ما كانت إسرائيل لتقدم على هذه الخطوة، التي هي بمثابة «ردة» رجعية عن مسيرة التاريخ الخيرة التقدمية، لولا إن هناك قوىً كبرى وكيانات إقليمية، لا تقل رجعية منها تدعمها أو تتغاضى عنها. لا يمكن إخراج تمرير قانون القومية الإسرائيلي هذا، في هذا الوقت، عن سياق أحداث حصلت وتتطور، في ما يسمى بأزمة الشرق الأوسط. منذ أشهر قليلة اعترفت الولايات المتحدة، بأهم ما جاء في القانون، بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل! وجرى بالفعل الشهر الماضي، افتتاح السفارة الأمريكية في القدس. ولا يمكن فصل صدور قانون القومية الإسرائيلي الجديد هذا عن سياق ترتيبات وخطط تُجرى دولياً وإقليمياً، وإن لم يعلن عنها صراحةً، لتصفية القضية الفلسطينية.
في الوقت الذي تستمر إسرائيل في ممارساتها القمعية العنيفة، في الأراضي المحتلة، التي لم ينس القانون الجديد، تكريس عملية الاستيطان الممنهجة فيها، باعتبار المستوطنات جزءا من الدولة اليهودية المزعومة، تُصادر حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، في قيام دولته وعاصمتها القدس، بل وحتى حرمانه الاعتراف بلغته (العربية)! بينما توصم مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال بالإرهاب، في خلط متعمد وغير أخلاقي بين الإرهاب والنضال المشروع من أجل تحقيق الشعب الفلسطيني تطلعاته المشروعة غير القابلة للتصرف، لبلوغ حقه المصيري بقيام دولته المستقلة على أرضه المحتلة من قبل إسرائيل.. وعاصمتها القدس.
لكن مهما كانت الصعاب، التي يواجهها الشعب الفلسطيني.. وبلغ جبروت بطش القوى الغاشمة، التي تحول بينه وحقه في تقرير مصيره، فإن مسيرة التاريخ، لن ترجع إلى الوراء. قد يتوقف قطار مسيرة التاريخ في بعض المحطات.. وقد يتباطأ في سيره على قضبان غير صلبة، إلا أن مسيرة التاريخ ماضية في طريقها لبلوغ غايتها النبيلة الخيرة، التي تكلؤها العناية الإلهية.
كيان قام على اغتصاب الأرض وهضم حقوق الشعوب الحرة، صائر إلى زوال، قصر الزمن أم طال. فلسطين عربية وستظل عربية.. وسيقاوم إسرائيل ويحول بينها وبين مشروعها الفاشي غير الإنساني البغيض، الحجر والشجر، مع البشر. هذا وعد إلهي، بأن ينصر الله أهل الرباط.
إسرائيل، التي قامت على أسس فاشية، لم تكن ولن تصبح ديموقراطية، أبداً.
* كاتب سعودي