لم ترتبط الحكمة بشيء قدر ارتباطها بضبط ميزان العقل ومواضع الكلم، وبهما ميّز الخالق عزّ في علاه الإنسان، مثلما يكمن نقيض الحكمة في انحرفهما عن مواضعهما فيصيب الإنسان من يصيب، وما أعظم التوجيه الرباني والنبوي بحسن الخلق وطيب الكلم. قال الحق تبارك وتعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما». وهكذا جعل الله سبحانه ضوابط الحسنات والسيئات إلى جانب الفعل والإرادة، وجعل عليها رقيباً «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد».
ليس أسعد من إنسان يمسك عليه لسانه كما أوصانا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما ورد في الحديث الشريف «وهل يُكب الناس على وجوههم إلا حصاد ألسنتهم». تقول الحكمة من شب على شيء شاب عليه، وهنا مكمن الخطر عندما ينشأ الإنسان على مثالب الكلمة منذ سن مبكرة بألفاظ معوجة المعنى والدلالة في فهمه للحياة، ومفاهيم جانحة لدور الإنسان وحدود حريته قولاً وعملاً، ومنها حريته في أن يقول ما يشاء دون سقف ولا لجام للسان، وكثيرون يعتقدون ذلك بكل أسف عندما جاءت صدمة التطور التقني في وسائل التواصل التي أزالت الحدود والضوابط عند البعض بقيمة الكلمة وخطورتها أيضاً.
المعرفة فضاء عظيم يشكل الثقافة للفرد والمجتمع، ولكن أي معرفة نرجوها للأجيال منذ سن مبكرة لنضمن تفاعلهم الإيجابي مع الأمم والتطور العالمي بمنعتهم في قادم الزمن بما يحفظ الوعي الديني الوسطي وحق الوطن ورفعته بالأخلاق والتماسك والبناء في عصر مفتوح باتت فيه الكلمة أخطر أسلحته.
التربية الأسرية وكذا المناهج الدراسية تراعي عبر الكلمة المكتوبة والمنطوقة، التدرج في تشكيل العقل والإدراك، وفي شرح العقيدة والفقه وفهم تعاليم الدين الحنيف، وغرس العلم والجميل من القيم الاجتماعية، وغير ذلك كثير مما يجب أن يشب عليه الفرد حتى يصبح مكلفاً به ويطبقه في حياته ومسؤولياته كأب وأم وكمواطن عليه واجبات تجاه المجتمع بحسن وصدق القول والعمل، وهنا تكمن مفاتيح التربية وأساسها الكلمة الطيبة، بل نذكر كيف كان البيع والتجارة بالكلمة الشفهية أو بورقة بسيطة للتذكير بحفظ الحقوق.
في العالم الافتراضي اليوم كل شيء متاح ومباح عبر دهاليزه العنكبوتية، ولا نتحدث هنا عن الإيجابيات العظيمة والمنافع اللامحدودة من المعرفة والخدمات، إنما عن مساوئ تصل إلى حد الجرائم والاحتيال والابتزاز والكذب والتضليل ومصائد للعقول وتدمير الأخلاق وتزيين المغشوش من السلع بكلمات خادعة. ولا نتحدث أيضا عن الإيجابيين ممن ينفعون البشر بالكلمة الطيبة والفكر النير، لكن نعني الحذر من الوجه الآخر الذي فيه نافخ الكير والنفوس المعتلة وعديم الضمائر الذين لم يبلغوا رشد العقل ويفتقدون صواب الكلمة، وما يحزن حقّاً أن نترك أطفالاً ومراهقين دون توعية بقيمة الكلمة، التي هي مفتاح مستقبل الأجيال.
ما أكثر المفلسين في عصر باتت فيه الكلمة من أخطر أسلحته، وهل نسينا ما بأيدينا وبأيدي أبنائنا من أجهزة وتقنيات معرفية حديثة هي وعاء لا ينتهي بالكلمات إما من طرف ألسنة البشر أو من عمق عقول راشدة، وصون ثقافة الحياة يبدأ بالكلمة الطيبة الصادقة التي تعززالقيم والأخلاقيات الإنسانية في النفس وفي التواصل الاجتماعي الواقعي والافتراضي، وهي عملية متداخلة وتحتاج إلى إرادة مجتمعية تنشر كلمات وقيم الحق والجمال في الحياة.
* كاتب سعودي
ليس أسعد من إنسان يمسك عليه لسانه كما أوصانا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما ورد في الحديث الشريف «وهل يُكب الناس على وجوههم إلا حصاد ألسنتهم». تقول الحكمة من شب على شيء شاب عليه، وهنا مكمن الخطر عندما ينشأ الإنسان على مثالب الكلمة منذ سن مبكرة بألفاظ معوجة المعنى والدلالة في فهمه للحياة، ومفاهيم جانحة لدور الإنسان وحدود حريته قولاً وعملاً، ومنها حريته في أن يقول ما يشاء دون سقف ولا لجام للسان، وكثيرون يعتقدون ذلك بكل أسف عندما جاءت صدمة التطور التقني في وسائل التواصل التي أزالت الحدود والضوابط عند البعض بقيمة الكلمة وخطورتها أيضاً.
المعرفة فضاء عظيم يشكل الثقافة للفرد والمجتمع، ولكن أي معرفة نرجوها للأجيال منذ سن مبكرة لنضمن تفاعلهم الإيجابي مع الأمم والتطور العالمي بمنعتهم في قادم الزمن بما يحفظ الوعي الديني الوسطي وحق الوطن ورفعته بالأخلاق والتماسك والبناء في عصر مفتوح باتت فيه الكلمة أخطر أسلحته.
التربية الأسرية وكذا المناهج الدراسية تراعي عبر الكلمة المكتوبة والمنطوقة، التدرج في تشكيل العقل والإدراك، وفي شرح العقيدة والفقه وفهم تعاليم الدين الحنيف، وغرس العلم والجميل من القيم الاجتماعية، وغير ذلك كثير مما يجب أن يشب عليه الفرد حتى يصبح مكلفاً به ويطبقه في حياته ومسؤولياته كأب وأم وكمواطن عليه واجبات تجاه المجتمع بحسن وصدق القول والعمل، وهنا تكمن مفاتيح التربية وأساسها الكلمة الطيبة، بل نذكر كيف كان البيع والتجارة بالكلمة الشفهية أو بورقة بسيطة للتذكير بحفظ الحقوق.
في العالم الافتراضي اليوم كل شيء متاح ومباح عبر دهاليزه العنكبوتية، ولا نتحدث هنا عن الإيجابيات العظيمة والمنافع اللامحدودة من المعرفة والخدمات، إنما عن مساوئ تصل إلى حد الجرائم والاحتيال والابتزاز والكذب والتضليل ومصائد للعقول وتدمير الأخلاق وتزيين المغشوش من السلع بكلمات خادعة. ولا نتحدث أيضا عن الإيجابيين ممن ينفعون البشر بالكلمة الطيبة والفكر النير، لكن نعني الحذر من الوجه الآخر الذي فيه نافخ الكير والنفوس المعتلة وعديم الضمائر الذين لم يبلغوا رشد العقل ويفتقدون صواب الكلمة، وما يحزن حقّاً أن نترك أطفالاً ومراهقين دون توعية بقيمة الكلمة، التي هي مفتاح مستقبل الأجيال.
ما أكثر المفلسين في عصر باتت فيه الكلمة من أخطر أسلحته، وهل نسينا ما بأيدينا وبأيدي أبنائنا من أجهزة وتقنيات معرفية حديثة هي وعاء لا ينتهي بالكلمات إما من طرف ألسنة البشر أو من عمق عقول راشدة، وصون ثقافة الحياة يبدأ بالكلمة الطيبة الصادقة التي تعززالقيم والأخلاقيات الإنسانية في النفس وفي التواصل الاجتماعي الواقعي والافتراضي، وهي عملية متداخلة وتحتاج إلى إرادة مجتمعية تنشر كلمات وقيم الحق والجمال في الحياة.
* كاتب سعودي