يُبالغ بعض الناس في نظرتهم إلى الحسد ويربطونه بأدنى ما يحصل لهم أو أمامهم حتى تتحول مخاوفهم من الحسد والحساد إلى وسواس قهري ينغص عليهم حياتهم، وقد يحول ما هم فيه من نعمة إلى نقمة وتعاسة، لاسيما أنهم بمبالغتهم في التعامل مع الحسد وأهله يكونون قد فقدوا ثقتهم بالله عز وجل الذي لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلا بإذنه ووفق ما جرت به الأقدار المحتومة.
إن الحسد موجود وقد أشارت إليه آيات كريمة وأحاديث شريفة وله ضحايا على مدى أيام التاريخ، وهو خلق منهي عنه مذموم صاحبه، وله أدعية تقابله وتحصن منه بإذن الله عز وجل، ولكن ذلك لا يعني أن يتحول الإنسان إلى موسوس يفسر كل كلمة تقال له أو نظرة ترسل نحوه أنها الحسد «بعينه» حتى إن صديقاً لموسوس كان إذا رأى في مجلسه ذبابة زرقاء كبيرة الحجم قال ذلك الصديق وهو يرى الذبابة تتجول في جو الغرفة: ذُبَّانة كبيرة.. ما شاء الله!!
ولما سمع هذه العبارة صديق مشترك لهما ليس على دراية بأحوال الموسوس قال لصديقه: خايف عليها تفطس يا حبيبي.. وهل يحسد أحد أحداً على وجود ذباب في مجلسه؟!
وحضرت ذات يوم وليمة وكان صاحبها كريماً إلى حد الإسراف لأنه صنع طعاماً يزيد على حاجة «المعازيم» ولما بدأ الضيوف يتناولون طعام العشاء أخذ أحدهم يسعل بشدة إما لأنه «زلط» لقمة كبيرة أو لأن موجة سعال قد حضرته، ولكنه فسر الأمر بأنه أصيب بالعين فأخذ يصيح: يا جماعة سموا الله.. قولوا ما شاء الله! فلم يلتفت إليه أحد لأنهم كانوا مشغولين عن ندائه بتناول الطعام، إلا أن بعضهم فسر ما سمعه بأنه وساوس موسوس، لأن دواعي الحسد غير حاضرة في المناسبة، فالطعام كاف وزائد عن الحاجة ولكنه الوسواس!
وآخر ما سمعته في هذا المجال أن أحد الإخوة فتح جواله على أغنية قديمة لأم كلثوم، وهي موجودة وتنزل بلا طلب عن طريق «القروبات» وغيرها فلما أبدى صديق له إعجابه بوجود الأغنية في جواله: قال له: قل ما شاء الله، فأسمعه من جواله مقدمات لخمس أغانٍ لكوكب الشرق وقال له: اسمعها واحسدها إن شئت!
وخلاصة القول هو أن الحسد مرض وخلق ذميم ووجوده مؤكد، ولكن التعامل معه قد يصل إلى حد المرض، وفي جميع الأحوال فإن ما هو مكتوب سوف يحصل وما الأخذ بالأسباب الشرعية لتوقيه إلا جزء من التوكل، أما الوسواس فلا هو وقاية ولا توكل، بل مرض عضال.
* كاتب سعودي
إن الحسد موجود وقد أشارت إليه آيات كريمة وأحاديث شريفة وله ضحايا على مدى أيام التاريخ، وهو خلق منهي عنه مذموم صاحبه، وله أدعية تقابله وتحصن منه بإذن الله عز وجل، ولكن ذلك لا يعني أن يتحول الإنسان إلى موسوس يفسر كل كلمة تقال له أو نظرة ترسل نحوه أنها الحسد «بعينه» حتى إن صديقاً لموسوس كان إذا رأى في مجلسه ذبابة زرقاء كبيرة الحجم قال ذلك الصديق وهو يرى الذبابة تتجول في جو الغرفة: ذُبَّانة كبيرة.. ما شاء الله!!
ولما سمع هذه العبارة صديق مشترك لهما ليس على دراية بأحوال الموسوس قال لصديقه: خايف عليها تفطس يا حبيبي.. وهل يحسد أحد أحداً على وجود ذباب في مجلسه؟!
وحضرت ذات يوم وليمة وكان صاحبها كريماً إلى حد الإسراف لأنه صنع طعاماً يزيد على حاجة «المعازيم» ولما بدأ الضيوف يتناولون طعام العشاء أخذ أحدهم يسعل بشدة إما لأنه «زلط» لقمة كبيرة أو لأن موجة سعال قد حضرته، ولكنه فسر الأمر بأنه أصيب بالعين فأخذ يصيح: يا جماعة سموا الله.. قولوا ما شاء الله! فلم يلتفت إليه أحد لأنهم كانوا مشغولين عن ندائه بتناول الطعام، إلا أن بعضهم فسر ما سمعه بأنه وساوس موسوس، لأن دواعي الحسد غير حاضرة في المناسبة، فالطعام كاف وزائد عن الحاجة ولكنه الوسواس!
وآخر ما سمعته في هذا المجال أن أحد الإخوة فتح جواله على أغنية قديمة لأم كلثوم، وهي موجودة وتنزل بلا طلب عن طريق «القروبات» وغيرها فلما أبدى صديق له إعجابه بوجود الأغنية في جواله: قال له: قل ما شاء الله، فأسمعه من جواله مقدمات لخمس أغانٍ لكوكب الشرق وقال له: اسمعها واحسدها إن شئت!
وخلاصة القول هو أن الحسد مرض وخلق ذميم ووجوده مؤكد، ولكن التعامل معه قد يصل إلى حد المرض، وفي جميع الأحوال فإن ما هو مكتوب سوف يحصل وما الأخذ بالأسباب الشرعية لتوقيه إلا جزء من التوكل، أما الوسواس فلا هو وقاية ولا توكل، بل مرض عضال.
* كاتب سعودي