لطالما اعتمدت مدينة «دونجوان» الصينية على صناعة وتصدير الأحذية وألعاب الأطفال والإلكترونيات قبل اندلاع الأزمة المالية عام 2008، وتضررت منها هذه المدينة أكثر من غيرها، قبل أن تهب الحكومة لإنقاذها عندما أطلق عمدة المدينة مبادرة لاستبدال البشر بالماكينات التي مولتها الحكومة آنذاك بـ30 مليون دولار (سنويا)، عندها برهنت شركاتها الناشئة على مدى الاستجابة لهذه التحديات من خلال مشاريع ومبادرات جديرة بالاستثمار في قطاع الروبوتات الصناعية والبرامج الإلكترونية والآلات الدقيقة، وتعهدت الحكومة حينها بالمساهمة بـ20% من الفاتورة وبشكل سنوي أيضا، وفي حين كان لدى شركة «مينتك» على سبيل المثال الآلاف من العمال الذين يعملون بطريقه تقليدية، وبما يزيد عن حاجة الشركة، أصبحت هذه الشركة بعد تحقيق هذه التحولات الإلكترونية الكبرى تضع إعلانا على مدخل المصنع تقول فيه: (نضمن لك راتباً يصل إلى 1100 دولار وإقامة مجانية وخدمة «واي فاي» وهدايا ثمينة في عيد الميلاد)، وذلك لجلب المزيد من العمال، كل ما في الأمر أن الشركة توصلت إلى حلول لأتمتة المصنع بالكامل بعد أن قضوا عامين يواصلون الليل بالنهار من أجل تعديل نظام الماكينات التقليدي، ومثل هذا التحول جرّ معه بقية الشركات، لدرجه أن المدينة أصبحت مقراً لصناعة الروبوتات الذكية بعد تأسيس معهد «جونجدونج» للروبوتات، وذلك للمساهمة في تحديث بقية المصانع التي اجتاحتها حمى التغيير، ومن هنا بدأت خطط التحول الكامل للصين التي سوف يتم استكمالها عام 2025. الشاهد أنه من تحت رماد هذه الأزمة تحققت المعجزة الاقتصادية لهذه المقاطعة، ومنها ارتفاع دخل الفرد إلى 4 أضعاف ما كان عليه خلال عقد واحد فقط، والثاني، وهو الأهم، أن هذه التجربة المناطقية كانت الشرارة نحو التحول المركزي للصين، وليس العكس، والذي من خلاله تسعى الصين لتحقيق 300 مليار دولار بعد استكمال أتمتة سلسلة من الصناعات المماثلة في بقية المقاطعات الأخرى، وهو ما سوف يلحق الصين بالثورة الصناعية الرابعة عام 2025.
المبادرات والتحولات الاقتصادية الناجحة لا يعني أن تكون دائما مركزية، وإنما يمكن أن تكون مبادرات مناطقية تشكل رأس الحربة في عمليات التغيير والتحول، تدعم من الحكومات وتتحول إلى مركزية في نهاية المطاف، مع إعطاء كل مقاطعة مساحة كافية للبحث عن ذاتها الاقتصادية وتكوين هويتها لبناء اقتصاد مناطقي رديف للاقتصاد المركزي من خلال نظام مرن يخلق التنافسية ويحقق الميزة النسبية للمساهمة في تحقيق التحول الوطني الكبير.
المبادرات والتحولات الاقتصادية الناجحة لا يعني أن تكون دائما مركزية، وإنما يمكن أن تكون مبادرات مناطقية تشكل رأس الحربة في عمليات التغيير والتحول، تدعم من الحكومات وتتحول إلى مركزية في نهاية المطاف، مع إعطاء كل مقاطعة مساحة كافية للبحث عن ذاتها الاقتصادية وتكوين هويتها لبناء اقتصاد مناطقي رديف للاقتصاد المركزي من خلال نظام مرن يخلق التنافسية ويحقق الميزة النسبية للمساهمة في تحقيق التحول الوطني الكبير.