-A +A
عيسى الحليان
لا يمكن تحسين الموارد البشرية دون قياس الإنتاجية، وطالما ليس هناك مؤشرات أو معايير للإنتاجية (الجزئية أو الكلية) فاعلم أنه لا توجد موارد بشرية قادرة على العطاء والإنتاج وفقاً للمعدلات المتعارف عليها دوليا، ولأن منظمة العمل الدولية تعرّف الإنتاجية بأنها النسبة الحسابية بين مخرجات الثروة المنتجة ومدخلات الموارد التي استعملت في عمليات الإنتاج، إلا أن إنتاجية العمل تحديدا تحتل اليومَ حيزاً مميزاً بين تصنيفات الإنتاجية المختلفة بسبب الدور الأساسي والمحوري للعنصر البشري في الإنتاج، فليس ثمة إنتاجية بديلة أو موازية له حتى مع توافر الموارد الطبيعية. وهنا يختلف تعريف الاقتصاديين عن خبراء التنمية البشرية في تعريف الإنتاجية، لكنه ثمة مقاربة في التعريف الكلي للإنتاج، فحيث يرى خبراء التنمية البشرية بأنها تعني الحصول على أكبر قدر من الإنتاج بأبسط جهد وأقصر وقت وأقل تكاليف ممكنة، يراها الاقتصاديون بأنها مقياس لدرجة الكفاءة التي بموجبها تتحول الموارد إلى السلع والخدمات التي يحتاجها الإنسان في بلاده، لكن تتفق التعريفات لاحقا على مصطلح الكفاءة EFFICIENCY والفاعلية ETTECTIVENESS في قياس إنتاجية هذه الموارد، وفي هذا الصدد يقول «هارينجتون» (1991): «إذا لم تستطع قياس الإنتاجية فلن تستطيع مراقبتها، وإذا لم تستطع مراقبتها فلن تستطيع إدارتها، وإذا لم تستطع إدارتها فلن تستطيع تحسينها»، ولو كان الأمر بيدي لوضعت هذه المقولة تعويذة في كل مراكز تأهيل وتطوير الموارد البشرية في بلادنا وما أكثرها لكي لايضيعوا مزيدا من الوقت والمال في برامج لا تعتمد آلية القياس كما يجب في نهاية المطاف، والرجل (هارينجتون) جابها من الآخر ولخص كل ما رغبت الإشارة إليه في سطرين تغني عن كامل المقال.

ولأننا نصرف اليوم معظم مواردنا غير القابلة للتعويض على موارد أخرى قابلة للتعويض، هكذا يفترض (الموارد البشرية) فإنه ينبغي أن نتبنى ثقافة القياس المطبقة في العالم أجمع مثل مؤشر «فيشر» و«ناش» وغيرهما، وفيما يعد مؤشر «مالمكويست» أكثر المؤشرات استخداما لقياس التغيير في الإنتاجية لعوامل الإنتاج المختلفة، أجزم بأن الأغلبية منكم لم يسمعوا بهذه المؤشرات لغياب ثقافة القياس عموما في مخرجات التعليم والموارد البشرية والخدمات الاجتماعية والصحية وغيرها.