-A +A
حمد بن عبدالله القاضي
وطننا یعیش حراكاً على كافة الأصعدة، داخلیاً: حراكاً تنمویاً مشهوداً وشاملاً وفق رؤیتنا الطموحة من أجل تنمیة مستدامة لنا وللأجیال من بعدنا بحیث لا یكون النفط هو مصدر إیراداتنا الوحید.

وعلى المستوى الخارجي نواجه تحدیات كبرى تستهدف استقرارنا وأمننا وتحقق یوماً بعد آخر انتصارات متوالیة لبقاء الوطن آمناً مستقراً بإذن الله.


***

والصحافة السعودیة تنهض بفضائنا الوطني بدور كبیر مدافِعةً عن قضایا الوطن العادلة ومبلورة أبعاد التحدیات التي تجابهه لتستمر بأداء رسالتها، فضلاً عن تعزیز مسؤولیة المواطن وانتمائه ومساندته لدولته. كما تقوم بجلاء مواقف المملكة وقضایاها لدى الحكومات وصنّاع القرار.

***

لقد بدأ الناس عندنا وبالعالم من حولنا یفقدون الثقة بأغلب ما یطرح في منصات التواصل الاجتماعي بكافة أطیافها التي اختلطت فيها الحقائق بالافتراءات.. وأصبح المتلقي الآن لا يرتهن للخطاب الإعلامي الذي يبثّ فيها، فالمواطنون داخلیاً والآخرون خارجیاً لا یثقون بأغلب ما یتم نشره، وأضحى المتلقون وبخاصة الواعين منهم لا يبنون مواقفهم عليه، فضلا عن أن يشكّل وعيهم ورأيهم.

بینما بقیت الصحافة الورقية وستظل هي مرتكز المصداقیة؛ فهي لیست حمى مباحاً لكل من أراد أن یكتب، ثم هناك رئیس تحریر وجهاز تحریر فلا تخرج على صفحاتها أي مادة إلا بعد توفر القناعة بمصداقیتها وموضوعیتها.

***

والصحافة السعودیة منذ إنشائها نهضت بمسؤولیاتها تجاه الوطن وتعزيز وحدته وتقوية لحمته الوطنية، وحالیاً هو أحوج إلى المزید من عطائها لما تعیشه المملكة من سباق مع النماء، ومع ما یجابهها من تحدیات في عالم أضحت الكلمة الموضوعیة هي التي تشكل قناعة الآخر ومواقفه وعلاقاته.

***

اليوم واقع صحفنا المحلیة یترنح مالیاً، وقد أطلق عمید رؤساء التحریر لدینا ورئیس تحریر صحيفة الجزیرة أ/‏ خالد المالك صرخة مدویة قبل بضعة أشهر وهو الأدرى بأوضاعها وشعابها التحریریة والمالیة.

لقد جاءت معاناة الصحافة المالیة من نقص الإعلان سواء الحكومي الذي كان داعما، أو التجاري الذي تقلّص كثیراً، فضلاً عن تكالیف الأحبار والورق والطباعة والتوزیع مما أثر على انتشارها.. إلخ

والمؤلم أن الصحف بدأت مضطرة تستغني عن بعض كفاءاتها الصحفیة من أبناء الوطن التي طالما واصلت اللیل والنهار لنشر ما یدور بمفاصل التنمیة وطالما أسهمت بالدفاع عن قضایا الوطن بتحقیقاتها ومتابعاتها، والآن لجأت الصحف إلى الاستغناء عنها اضطراراً لا خیاراً بحكم أوضاعها المالیة بعد أن أسهمت بتوفیر فرص العمل لأبناء الوطن المتمیزین إعلامیاً ومهنیاً.

***

إننا نخشى أن یفقد وطننا صوت هذه المنابر الإعلامیة التي تتصدى للنهوض بالدور الإعلامي والاقتصادي والثقافي والتنموي تجاه ما يهم الوطن وأبناءه.

***

إن الوضع الذي تعیشه الصحافة الوطنیة صعب جداً، وهي الآن لا تتطلع إلى تحقیق أرباح، وأعضاء جمعیاتها المساهمون فیها یریدون في الوقت الراهن –«وأنا واحد منهم بوصفي عضوا بمجلس إدارة إحدى المؤسسات (مؤسسة عكاظ)».. يريدون في الوقت الراهن إنقاذ صحفنا الوطنية واستمرار صدورها وتأدیة مسؤولیاتها وهذا یتطلب بشكل سریع الدعم لها وإیقاف خسائرها والإنفاق على متطلباتها الضروریة من ورق وأحبار وخدمات ضروریة وصیانة لمبانیها التي تملكها، والأهم دفع رواتب الكفاءات الوطنیة فیها وعدم تسریحها.

***

وبعد:

الأمل معقود -بعد الله- على توجیه كریم من خادم الحرمین الشریفین الذي یعرف -حفظه الله- دور صحافتنا منذ بدایة صدورها، ثم الأمل معقود بتنفیذ توجیه قائدنا أمیر العطاء والرؤیة ولي العهد الأمیر محمد بن سلمان الذي یدرك وهو «دینمو التنمیة وعرّابها» أن الوطن وخططه وتنمیته ورؤیته بحاجة إلى صوت الصحافة وطرحها وآرائها والدفاع عن قضایا بلادنا العادلة، وإنه لیُحسب لأمیرنا الكریم إنقاذه أندیتنا الریاضیة بالدعم الذي نالته، والمنابر الوطنیة الصحفیة هي الأخرى تنتظر من سموه مثل هذا الدعم من أجل بقاء أشرعة الكلمة مبحرة بوصفها ذراعا إعلاميا وصوتا مدويا للقیادة والوطن والمواطن.

***

أخیراً یعزّ علینا بعد أن صارت الصحف السعودیة متربعة على عرش الصحافة العربیة: طرحاً ومستوى وحضوراً... یعز علینا وعلى الوطن أن تنزل عن موقعها على عرش الكلمة والصحافة.

حفظ الله الوطن: عقیدة وقیادة وأرضاً وإنسانا.

*عضو مجلس إدارة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر