-A +A
عيسى الحليان
على مدى ربع قرن تعاقب على هرم الإدارة في الخطوط السعودية جملة من المديرين العامين وكلهم كانوا يردون بعبارة واحدة كلما جاء الحديث عن التخصيص «وهو قرب انتهاء الدراسات الخاصة بالتخصيص» ولأن الدراسات لم تنته فكان من الطبيعي أن لا يتم التخصيص، والحقيقة أن تخصيص «السعودية» أو الشركات التي تندرج تحتها تمثل اختباراً لقدرة البلاد على التحول وتحقيق تقدم في هذا البرنامج الذي ورد في الرؤية كهدف رئيسي والذي بدأ طرحه منذ عام 1985 وثانياً على مدى القدرة على تحقيق اختراق في نمطية قطاع الطيران المدني وإمكانية التحول من العام الى الخاص على وجه العموم وهو تحد لا يقل أهمية عن الأول.

وفي اعتقادي أنه رغم كل هذه الوعود التي لم تتحقق، إلاّ أن عملية التخصيص تظل مسألة صعبة لجملة من الاعتبارات والتناقضات التي تكتنف هذا التحول والتعقيدات المصاحبة له والحسابات التي لايمكن أن تكون كلها على ما يرام، وبالتالي فهي مسألة تواجه مصاعب تنظيمية وإجرائية تتعلق بالجانب الهيكلي والتنظيمي للخطوط وتداخل دورها بين الخدمة الحكومية والمنافسة السوقية، وأتذكر على سبيل المثال أن إحدى الدراسات كانت تشير إلى أن إيقاف المعونة الخاصة بالوقود سوف يزيد التكلفة التشغيلية بما يقارب 5 مليارات ريال الأمر الذي يتطلب مضاعفة الأسعار على الرحلات الداخلية في ذلك الوقت، وليس ثمة تخصيص مع بقاء هذه المعونات بطبيعة الحال، والسبب في هذه النتيجة أن هناك تضخماً في بعض المصروفات والتزامات للخطوط الحكومية المدفوعة منها وغير المدفوعة من الجهات الحكومية ومن بينها التخفيضات على الطلبة والعسكريين وارتفاع تكاليف أجور المساحات ومكاتب السفر بالمطارات السعودية وتكاليف رسوم الهبوط والإيواء والتي تصل إلى أكثر من ضعف قيمة سعر المتر في الدول المجاورة وأتذكر هنا أن مطالب الخطوط قبل سنوات كانت تتضمن رفع أسعار التذاكر المحلية بنسبة تزيد على 60% لتصل إلى نقطة التعادل مع المصروفات، خلاف الدعم الذي يتم من خلال الوقود والذي لو تم رفعه فإن الخطوط السعودية قد تحتاج إلى رفع تذاكرها إلى 150% لتصل إلى نقطة التعادل.


مع مثل هذه التناقضات بين دورها كناقل حكومي ودورها كناقل سوقي وغيرها من الأسباب الاقتصادية والتنظيمية الأخرى يصعب إذن تطبيق مسطرة التخصيص المتعارف عليها.