لسنوات طويلة كانت السعودية أرضاً للفرص ومنتهى أحلام وآمال ملايين من الشباب والعائلات من كل أصقاع العالم، تدفقوا منذ الخمسينات الميلادية وربما قبل ذلك إلى المملكة الناشئة، بدأت حياتهم من العمل في متاجرنا ومصانعنا وشركاتنا، بنوا مستقبلهم ورعوا عائلاتهم وازدهرت أوطانهم بسبب التحويلات المالية الكبرى التي أرسلوها.
كانت السعودية في حالة نمو متسارع وخلية عمل تكاد لا تهدأ، أرض مترامية الأطراف متباعدة المدن والقرى والهجر كل متر منها في حاجة للتنمية والتطوير، ومن محاسن الصدف أن خرج من باطنها الكنز الذي ساعدها في تمويل أحلام بنائها.
لعل أصعب ما واجه الخطط الهائلة التي قادتها الدولة، كان عدم توفر الأيدي العاملة المحلية القادرة على سد احتياجات مشاريع النمو السريعة والكبيرة، الصعوبة الأخرى كانت غياب أي بنية سابقة، فالأراضي قاحلة والمدن فقيرة والبلاد في حاجة لكل شيء من المياه الصالحة للشرب للطرقات والتعليم والزراعة والصناعة والبناء والتجارة والصحة، تقريبا كل شيء، فكانت التكلفة مضاعفة ومحاولة اختصار الزمن أكثر كلفة.
اضطرت الدولة لاستقدام عشرات الملايين من العمال والخبراء والفنيين لتحقيق إرادتها في تنفيذ تنمية مستدامة لشعبها، تنقلهم من فقر الحياة إلى غناها، كانت فرصة للشباب المغامر المتحمس القادم من الفلبين شرقا حتى أقصى المدن الأمريكية غربا، لم يكن الأمر يحتاج أكثر من تأشيرة وعقد عمل ليصلوا إلى أرض الأحلام الجديدة، يقضون فيها بضعة أعوام ويعودون بعدها محملين بمدخراتهم.
بل إن بعض من قدم للسعودية تحولوا من لا شيء إلى مليونيرات يشار إليهم في عالم المال والأعمال، وآخرين أصبحوا حكاما، ورؤساء وزراء، ووزراء، في بلدانهم الأصلية، كان ذلك بسبب الثروات الطائلة التي جمعوها من العمل في المملكة، ربما ساعدهم فيها أن الأنظمة لم تكن تمانع من تحول الطامحين إلى رجال أعمال.
لم يكن يستغرق القادمون للمملكة سوى بضعة أيام أو أسابيع على الأكثر حتى يجدوا فرصة عمل سواء كانوا عمالا يكدحون أو مديرين في أهم الشركات، أرض بكر خصبة كل ما كان عليهم العمل بجد واقتناص الفرصة تلو الفرصة، فلا ضرائب ولا رسوم، والأهم معيشة غير مكلفة.
لطالما دهشت من عدم خوف الأجنبي «الغريب» أن لا يجد عملا في السعودية، بل لم يكن يخشى أن يخرج من العمل الأول ليذهب لعمل آخر وثالث، لقد كانوا مقتنعين أن الفرص منثورة في أرض الأحلام لا يراها إلا كل من ينحني للعمل.
لا شك أن الأمور تغيرت الآن، فالسعوديون الذين كانوا يكتفون بمشاهدة الأموال تمر من أمامهم وتذهب لجيوب غيرهم، لم يعودوا قادرين على القبول بتفويتهم لها، إلا أن تلك الممانعة لا تكفي، بل يجب عليهم التقدم خطوات أكثر عملية للحصول على المال الذي يكاد يناديهم.
فالمشاريع القادمة فضلا عن هدفها بتحسين حياة الناس وتطبيق معايير الجودة الدولية عليها، ستكون قادرة على توليد ملايين الفرص المتوسطة والصغيرة، بالتأكيد هناك سياسة اقتصادية ومالية جديدة تنتهجها الدولة بدأت بهيكلة سوق العمل ومخرجاته من وظائف وفرص ريادية لإعادة تدوير المال بكثافة ولكن هذه المرة ستكون التحويلات لجيوب السعوديين بدلا من جيوب تنتظر خارج الوطن.
ربما السؤال المهم الآن هو: هل مازالت السعودية أرضا للفرص كما كانت طوال نصف قرن؟
بلا شك أن السعودية ستبقى أرض الأحلام والمستقبل الزاهر مع كل المقومات الهائلة التي حباها الله بها، وبمراجعة بسيطة لمشاريع القدية ونيوم وجزر البحر الأحمر و«جدة تاون» والعلا والدرعية وبرامج العمرة والسياحة، سنكتشف أنها محركات كبرى، المقصود منها فتح كنوز الأرض أمام السعوديين وإعطاؤهم الأولوية فيها.
* كاتب سعودي
كانت السعودية في حالة نمو متسارع وخلية عمل تكاد لا تهدأ، أرض مترامية الأطراف متباعدة المدن والقرى والهجر كل متر منها في حاجة للتنمية والتطوير، ومن محاسن الصدف أن خرج من باطنها الكنز الذي ساعدها في تمويل أحلام بنائها.
لعل أصعب ما واجه الخطط الهائلة التي قادتها الدولة، كان عدم توفر الأيدي العاملة المحلية القادرة على سد احتياجات مشاريع النمو السريعة والكبيرة، الصعوبة الأخرى كانت غياب أي بنية سابقة، فالأراضي قاحلة والمدن فقيرة والبلاد في حاجة لكل شيء من المياه الصالحة للشرب للطرقات والتعليم والزراعة والصناعة والبناء والتجارة والصحة، تقريبا كل شيء، فكانت التكلفة مضاعفة ومحاولة اختصار الزمن أكثر كلفة.
اضطرت الدولة لاستقدام عشرات الملايين من العمال والخبراء والفنيين لتحقيق إرادتها في تنفيذ تنمية مستدامة لشعبها، تنقلهم من فقر الحياة إلى غناها، كانت فرصة للشباب المغامر المتحمس القادم من الفلبين شرقا حتى أقصى المدن الأمريكية غربا، لم يكن الأمر يحتاج أكثر من تأشيرة وعقد عمل ليصلوا إلى أرض الأحلام الجديدة، يقضون فيها بضعة أعوام ويعودون بعدها محملين بمدخراتهم.
بل إن بعض من قدم للسعودية تحولوا من لا شيء إلى مليونيرات يشار إليهم في عالم المال والأعمال، وآخرين أصبحوا حكاما، ورؤساء وزراء، ووزراء، في بلدانهم الأصلية، كان ذلك بسبب الثروات الطائلة التي جمعوها من العمل في المملكة، ربما ساعدهم فيها أن الأنظمة لم تكن تمانع من تحول الطامحين إلى رجال أعمال.
لم يكن يستغرق القادمون للمملكة سوى بضعة أيام أو أسابيع على الأكثر حتى يجدوا فرصة عمل سواء كانوا عمالا يكدحون أو مديرين في أهم الشركات، أرض بكر خصبة كل ما كان عليهم العمل بجد واقتناص الفرصة تلو الفرصة، فلا ضرائب ولا رسوم، والأهم معيشة غير مكلفة.
لطالما دهشت من عدم خوف الأجنبي «الغريب» أن لا يجد عملا في السعودية، بل لم يكن يخشى أن يخرج من العمل الأول ليذهب لعمل آخر وثالث، لقد كانوا مقتنعين أن الفرص منثورة في أرض الأحلام لا يراها إلا كل من ينحني للعمل.
لا شك أن الأمور تغيرت الآن، فالسعوديون الذين كانوا يكتفون بمشاهدة الأموال تمر من أمامهم وتذهب لجيوب غيرهم، لم يعودوا قادرين على القبول بتفويتهم لها، إلا أن تلك الممانعة لا تكفي، بل يجب عليهم التقدم خطوات أكثر عملية للحصول على المال الذي يكاد يناديهم.
فالمشاريع القادمة فضلا عن هدفها بتحسين حياة الناس وتطبيق معايير الجودة الدولية عليها، ستكون قادرة على توليد ملايين الفرص المتوسطة والصغيرة، بالتأكيد هناك سياسة اقتصادية ومالية جديدة تنتهجها الدولة بدأت بهيكلة سوق العمل ومخرجاته من وظائف وفرص ريادية لإعادة تدوير المال بكثافة ولكن هذه المرة ستكون التحويلات لجيوب السعوديين بدلا من جيوب تنتظر خارج الوطن.
ربما السؤال المهم الآن هو: هل مازالت السعودية أرضا للفرص كما كانت طوال نصف قرن؟
بلا شك أن السعودية ستبقى أرض الأحلام والمستقبل الزاهر مع كل المقومات الهائلة التي حباها الله بها، وبمراجعة بسيطة لمشاريع القدية ونيوم وجزر البحر الأحمر و«جدة تاون» والعلا والدرعية وبرامج العمرة والسياحة، سنكتشف أنها محركات كبرى، المقصود منها فتح كنوز الأرض أمام السعوديين وإعطاؤهم الأولوية فيها.
* كاتب سعودي