يبدو أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دخل فعلياً في مرحلة العجز الكلي والاحتضار، فاستمراراً لمسيرة 12 عاماً من الفشل المتكرر، فشل المجلس الجمعة الماضية في اعتماد مشروع قرار موحد بشأن الأوضاع في اليمن، وقرر أن يخرج بقرار معاق لا فائدة منه، صوت عليه عدد أقل من نصف الأعضاء نتيجة لإصرار كل من هولندا وبلجيكا ولوكسمبورج وإيرلندا وكندا على تجاهل قرارات الأمم المتحدة بشأن اليمن، والاستناد إلى تقرير الخبراء المقدم في الدورة 39 للمجلس، وهو تقرير مشوب بالعيوب والملاحظات ومرفوض من قبل الحكومة الشرعية اليمنية ودول تحالف دعم الشرعية، ما يعني أن القرار المعتمد لا يُمكن أن يقدم أو يؤخر شيئاً على أرض الواقع، ويعني أيضاً أن ما يحدث في المجلس ليس سوى حفلات نفاق سياسية ومضيعة للوقت والجهد، والأسوأ أنه رقص غير إنساني على معاناة الشعب اليمني وحقوقه الشرعية المختطفة من قبل العصابة الحوثية المدعومة من إيران.
عندما أعلنت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي انسحاب بلادها من المجلس قبل 3 أشهر، واصفة إياه بأنه «مستنقع للتحيزات السياسية»، بدا واضحاً للجميع أن الانسحابات ستتوالى من قبل الدول الأخرى التي وصلت لذات القناعة الأمريكية من كون هذا المجلس، المؤسس عام 2006، ليس سوى منصة للنفاق السياسي والأنانية والبطولات الكلامية والتزين بالشعارات الحقوقية أمام عدسات المصورين ومراسلي وسائل الإعلام، دون أن يكون لديه أي دافع صادق وحقيقي لتعزيز حقوق الإنسان على أرض الواقع في أكثر البقع سخونة في العالم، وهو ما يؤكد وجاهة الموقف الأمريكي، ونجاح إدارة الرئيس دونالد ترمب في القفز من السفينة المثقوبة قبل غرقها.
البيان الغاضب الذي أصدرته دول تحالف دعم الشرعية في اليمن حيال قرار المجلس المعاق، يأتي بمثابة رش الملح على الجرح، إذ أشار إلى الانقسام الواضح في المجلس، والذي أدى لتمرير قرار لم يوافق عليه سوى أقل من نصف الأعضاء، وأن ذلك حدث لأن قرارا بهذا الحجم والأهمية لم يتأسس على موافقة الدولة المعنية ذاتها (اليمن)، ولم يحترم الحق السيادي لها في إبداء موافقتها على التعاون مع القرارات الدولية التي تتناول بشكل مباشر أوضاع حقوق الإنسان على أراضيها، وذلك على الرغم من الحرص والتعاون الذي أبداه وفد اليمن ووفود الدول المعنية للوصول إلى صيغة توافقية تعكس وحدة المجتمع الدولي تجاه الوضع في اليمن، وبما يضمن التعاون الكامل من الحكومة اليمنية الشرعية لتنفيذ ما يتضمنه القرار.
ما ينبغي فهمه أن اعتماد مجلس حقوق الإنسان قراراً غير قابل للتنفيذ يعني أن المجلس لا يرغب في إيجاد حل من الأساس للمشكلة، وإنما إطالة عمر الأزمة للاقتيات عليها، وهذا أمر لا بد أن يدفع الدول الصادقة والحريصة إلى عدم إضاعة جهدها ووقتها وإعلان انسحابها منه عاجلاً أو آجلاً، فالعبء الذي يشكله وجود مجلس صوري على أعضائه أثقل من عبء تفككه ووفاته، وهذا هو المتوقع كما أسلفت، والذي يذكرنا بمقولة هايلي لحظة انسحاب الأمريكيين: «نحن نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة، وتخدم مصالحها الخاصة وتحول حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية».
* كاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com
عندما أعلنت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي انسحاب بلادها من المجلس قبل 3 أشهر، واصفة إياه بأنه «مستنقع للتحيزات السياسية»، بدا واضحاً للجميع أن الانسحابات ستتوالى من قبل الدول الأخرى التي وصلت لذات القناعة الأمريكية من كون هذا المجلس، المؤسس عام 2006، ليس سوى منصة للنفاق السياسي والأنانية والبطولات الكلامية والتزين بالشعارات الحقوقية أمام عدسات المصورين ومراسلي وسائل الإعلام، دون أن يكون لديه أي دافع صادق وحقيقي لتعزيز حقوق الإنسان على أرض الواقع في أكثر البقع سخونة في العالم، وهو ما يؤكد وجاهة الموقف الأمريكي، ونجاح إدارة الرئيس دونالد ترمب في القفز من السفينة المثقوبة قبل غرقها.
البيان الغاضب الذي أصدرته دول تحالف دعم الشرعية في اليمن حيال قرار المجلس المعاق، يأتي بمثابة رش الملح على الجرح، إذ أشار إلى الانقسام الواضح في المجلس، والذي أدى لتمرير قرار لم يوافق عليه سوى أقل من نصف الأعضاء، وأن ذلك حدث لأن قرارا بهذا الحجم والأهمية لم يتأسس على موافقة الدولة المعنية ذاتها (اليمن)، ولم يحترم الحق السيادي لها في إبداء موافقتها على التعاون مع القرارات الدولية التي تتناول بشكل مباشر أوضاع حقوق الإنسان على أراضيها، وذلك على الرغم من الحرص والتعاون الذي أبداه وفد اليمن ووفود الدول المعنية للوصول إلى صيغة توافقية تعكس وحدة المجتمع الدولي تجاه الوضع في اليمن، وبما يضمن التعاون الكامل من الحكومة اليمنية الشرعية لتنفيذ ما يتضمنه القرار.
ما ينبغي فهمه أن اعتماد مجلس حقوق الإنسان قراراً غير قابل للتنفيذ يعني أن المجلس لا يرغب في إيجاد حل من الأساس للمشكلة، وإنما إطالة عمر الأزمة للاقتيات عليها، وهذا أمر لا بد أن يدفع الدول الصادقة والحريصة إلى عدم إضاعة جهدها ووقتها وإعلان انسحابها منه عاجلاً أو آجلاً، فالعبء الذي يشكله وجود مجلس صوري على أعضائه أثقل من عبء تفككه ووفاته، وهذا هو المتوقع كما أسلفت، والذي يذكرنا بمقولة هايلي لحظة انسحاب الأمريكيين: «نحن نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة، وتخدم مصالحها الخاصة وتحول حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية».
* كاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com