منذ فترة وجيزة، أعلنت وزيرة الدفاع الأمريكية «هيثر ويلسون» عن بلورة النوايا لإنشاء قوة سادسة عسكرية في الولايات المتحدة وهي القوات الفضائية الأمريكية. وللعلم فالقوات العسكرية النظامية الحالية هي الجيش، والقوات الجوية، والقوات البحرية، ومشاة البحرية، وخفر السواحل. وللعلم أيضاً فهناك قيادة للفضاء التابعة للقوات العسكرية الأمريكية. ولكن من خلال هذه الخطوة، سيتم إنشاء قوات منفصلة بقيادة مستقلة، ومنظومة خاصة لترسيخ المبدأ أن الفضاء هو أحد ميادين القتال التي لا تقل أهمية عن البر، والبحر، والجو. ولا عجب في ذلك لأن ميلاد ونشأة استكشاف الفضاء في الولايات المتحدة، وفي العالم بشكل عام كان دائماً تحت مظلة عسكرية بشكل أو آخر. تم وضع تعريف الفضاء الخارجي ليكون عند ما يسمى خط «كرمان» وهو على ارتفاع مائة كيلومتر عن سطح الأرض. ولكن حتى ما هو دون ذلك من طبقات الجو تم تطويعه لحركة الصواريخ منذ أيام الحرب العالمية الثانية عندما قامت القوات النازية بدك المدن الإنجليزية بشكل خاص باستخدام صواريخ «في 2» V2 وهو اختصار لكلمة Vergeltungswaffe على وزن «فرجلة... الطن... والوفاء»؛ ومعنى الكلمة الألمانية هو «سلاح الانتقام». وكان من أكثر الصواريخ نجاحاً ويعتبر كأنه «كريسيدا» عالم الصواريخ، فقد كان من رموز التصاميم البسيطة التي يمكن الاعتماد عليها. وهو من «أجداد» بعض الصواريخ التي تستخدم إلى اليوم ومنها الخبيث «سكود». وللعلم أيضاً أن جميع المركبات الفضائية الأمريكية والسوفيتية بحمولاتها المختلفة امتطت صواريخ كانت تصاميمها عسكرية، وكانت مصممة أصلاً لحمل الرؤوس النووية. وفي كل مهمة فضائية كانت الرسالة الموجهة إلى العالم تحمل رسائل رعب للقوات العسكرية للأطراف المعنية؛ لأن مضمونها كان «شوفوا صواريخنا.. وتخيلوا الرؤوس النووية التي ممكن أن تحملها». وحتى عندما بدأت مرحلة المكوك الفضائي في الثمانينات الميلادية خلال القرن الماضي، كان التصميم الأساس للمركبة هي قدراتها على نقل حمولات ضخمة نسبياً إلى الفضاء الخارجي، وكأنها «هايلوكس» فضائية ضخمة لنقل المعدات والبشر للفضاء.. والكثير منها كانت عسكرية.. من أقمار صناعية، ومراصد، وقواعد إطلاق أسلحة مختلفة. ومن المصطلحات الجديدة هي «عسكرة» الفضاء، أي جعله من الميادين القتالية. والحق يقال إن المصلح يفتقد إلى الدقةح لأن الفضاء الخارجي «تعسكر» من «يومه» أي منذ فترة طويلة، ولكن الآن أصبح على المكشوف. هناك منظومات عسكرية مدروسة تحوم في الفضاء الخارجي ومنها: «دبابيس» فضائية للتجسس، وصواريخ جاهزة للانطلاق، وأجهزة ليزر دقيقة، ومدافع مضادة للأقمار الصناعية، وأجهزة تخريب وغلاسة، وأجهزة «سلتحة» فضائية. وكلها مصممة للتخريب أو الدمار الكامل.
أمنيــــة:
من الغرائب أن القوانين والأنظمة التي تحكم «عسكرة» الفضاء قديمة جداً، وعقيمة جداً، بل إن لغتها تكاد تكون مكتوبة ضمن مقررات المدارس الابتدائية. والمزعج في الموضوع أن العالم بأكمله أصبح يعتمد على الأقمار الصناعية التي تنقل لنا نعم الاتصالات، وتحديد المواقع، والصور الجوية، والإعلام، وعشرات التطبيقات التي أصبحنا لا نستغني عنها يومياً. و«القبضايات» الأساسية للاستخدامات العسكرية في الفضاء هم ثلاثة فقط: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين. أتمنى أن «يهدوا اللعب» لأن مكاسب الفضاء التي تحققت خلال العقدين الأخيرين عزيزة علينا جميعاً، ومن المؤسف أن تضيع من أجل صراعات سياسية، والله الهادي
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
أمنيــــة:
من الغرائب أن القوانين والأنظمة التي تحكم «عسكرة» الفضاء قديمة جداً، وعقيمة جداً، بل إن لغتها تكاد تكون مكتوبة ضمن مقررات المدارس الابتدائية. والمزعج في الموضوع أن العالم بأكمله أصبح يعتمد على الأقمار الصناعية التي تنقل لنا نعم الاتصالات، وتحديد المواقع، والصور الجوية، والإعلام، وعشرات التطبيقات التي أصبحنا لا نستغني عنها يومياً. و«القبضايات» الأساسية للاستخدامات العسكرية في الفضاء هم ثلاثة فقط: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين. أتمنى أن «يهدوا اللعب» لأن مكاسب الفضاء التي تحققت خلال العقدين الأخيرين عزيزة علينا جميعاً، ومن المؤسف أن تضيع من أجل صراعات سياسية، والله الهادي
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي