-A +A
عبده خال
وقف العالم دهشا من الرئيس ترمب حين أراد استرضاء الناخبين في بلاده من خلال التعريض بأكثر من دولة، وإقناعهم أنه جاء لاسترجاع ثمن استقرار بعض الدول، كون بلاده هي من تقف خلف ذلك الاستقرار..

وهذه النبرة الاستعلائية شابها شح في الفطنة، عندما تعرض لأمن السعودية بأنه لن يستقيم لأسبوعين ما لم تكن القوة الأمريكية هي السند لهذا الأمن.. والرئيس ترمب جاء من أسواق البورصات التي تبدأ وتنتهي بسؤال كم كان الربح اليوم، هذا إذا أردنا التأدب مع سلوكه البعيد تماما عن المفاهيم والمبادئ السياسية التي لم يسلكها يوما، وفي نتيجة غير متوقعة كسب رئاسة أكبر دولة، وكانت التحليلات تشير إلى أن الرجل سوف يؤدي إلى الإضرار بالمصالحة الوطنية لأمريكا.


وعندما تعرض أخيرا لأمن السعودية واستقرارها، كان الجميع (وأقصد بالجميع هنا وزارة الخارجية والإعلام والكتاب) في حالة هدوء، إذ إن ما حدث يعتبر سابقة لا تمت للسياسة ومبادئها بشيء..

وكان الصمت مطبقا، ولأن الحدث أو ما قيل يمس سيادة البلد، فكان لا بد من رد شجاع يضع النقاط على الحروف، وفي لقاء الأمير محمد بن سلمان في بلومبيرغ (أول أمس) وجدنا الرد الشجاع الذي يرى أن أمن بلاده واستقرارها لا يعتمد على أمريكا، فالدولة السعودية موجودة قبل وجود أمريكا، وفي أنفة عالية قال الأمير محمد بن سلمان: «لذلك فإن السعودية تحتاج إلى ما يقارب ألفي عام لكي -ربما- تواجه بعض المخاطر». معتبرا حديث ترمب عن أمن السعودية غير دقيق.

وبنفس الأنفة والتسامي كان رد الأمير محمد بن سلمان أن بلاده لن تدفع شيئا مقابل أمنها، وأن الأسلحة التي تمتلكها السعودية تم شراؤها بمالنا وليست هبة من أمريكا -أو أي دولة أخرى- وليست مجانية.. ولم يخف سموه مقدار المبالغ المالية التي توجهت لإنماء العلاقة بين البلدين في عملية تبادلية تصب في مصلحة البلدين من خلال العديد من المشاريع، لم تكن تلك الأموال سدادا لأن تحمينا أمريكا.

ما قاله ترمب كان بحاجة إلى عنفوان الشباب وفطنة الحكيم وقلب الشجاع.. وهذا ما حدث، فقد جاء الرد مزلزلاً قوياً.