عشية الخامس والعشرين من يناير 2011 اتصل رجل أعمال مصري شاب بعلاء مبارك ابن الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، الاتصال جاء في حدود الساعة الحادية عشرة تقريبا يبدي فيه رجل الأعمال قلقه مما بدا أنها حملة ممنهجة ومنظمة على وسائل التواصل الاجتماعي - الفيس بوك - خصوصاً، وفي قنوات إخبارية كالجزيرة وبي بي سي تدعو الناس للخروج في اليوم التالي للاحتجاج ضد النظام المصري، وتحظى بقبول وتأييد متصاعد.
يقول رجل الأعمال أن لا أحد في بيت الرئيس ولا جهاز الأمن كان يتخيل ما سيقع من أحداث جسام في الساعات والأيام التي تلت، فالجميع استخف بها ووضعها في نطاق متواضع، هم لم يكونوا قد عرفوا أنها احتجاجات مصنوعة ومنسق لها، تم تعلمها على مدى سنوات في معسكرات ومنتديات ومؤتمرات، ويتم دعمها بما يسمى الضخ الإعلامي عالي الكثافة وواسع النطاق، الذي يتمكن من قيادة الجماهير دون وعي منها لتنفيذ أجندة مشروع معين يؤيده ذلك الإعلام.
بالطبع كانت الدعوات مزورة، ترفع قميص الشاب المصري «خالد سعيد» وتطلب من الناس الخروج في مظاهرات احتجاجاً على قتله، وهو لمن لا يعرفه شاب كان قد قضى قبل سنوات من تلك المظاهرات نتيجة لتناوله كمية كبيرة من المخدرات وهو في قبضة الأمن المصري، إلا أن تنظيم الإخوان هدف لتحويله إلى أيقونة للثورة كما البوعزيزي في تونس.
اندفعت الجماهير المصرية في غير وعي منها وكأنها تذهب لانتحار جماعي كاد يودي بمصر إلى حرب أهلية لولا عناية الله واسترداد الشارع المصري لوعيه في 30/6/2013، لقد تحولت مطالب الجماهير من خالد سعيد إلى لقمة العيش ثم رحيل الرئيس وانتهت بتمكن الإخوان من الانقلاب على المشهد والاستيلاء على السلطة إثر انتخابات هزلية فاز فيها شفيق وأجبرتهم إدارة أوباما على تغيير النتائج لصالح مرسي العياط.
السؤال الكبير ماذا لون أن السعوديين استجابوا كما الليبيين والسوريين واليمنيين والمصريين لتلك الدعوات المخطط لها بعناية وخرجوا فيما يسمى ثورة حنين، أو ما تلاها من مواعيد فاشلة وحوادث مصنوعة؟
انظروا فقط للحملات الإعلامية غير المسبوقة التي تلت اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي عن الأنظار قبل أسبوعين، وهي حملة «إعصارية» لم يمر في تاريخ الإنسانية الحديث شبيه لها، لا في حجمها ولا في إتقانها ولا في زخمها ولا في تزوير صناعة المحتوى الذي أغرق المتلقين بمعلومات مضللة وأجبر العديد منهم على الاستسلام لها.
قصة مخابراتية بامتياز أشعلت الإعلام وغذته ليتحول من متابع للخبر إلى صانع منحاز لقصص وهمية غير حقيقية الهدف النهائي منها تجريم السعودية وابتزازها واستسلامها إن أمكن.
الموجة الثانية مما يسمى بالربيع العربي التي بشر بها جمال خاشقجي نفسه على شاشة الجزيرة وفي كتاباته وعبر قنوات غربية عديدة، استخدمت وفي مفارقة غريبة قضية «جمال» لتحويلها إلى رافعة وشرارة تخرج الجماهير السعودية من مدنها وبيوتها الآمنة إلى الشوارع، ومع ذلك فشلوا كما كل مرة.
إخراج السعوديين كان يهدف - لو نجحوا - إلى نتائج عدة..
أولها.. الانتقام من القيادة السعودية التي تتهم بأنها أفشلت الموجة الأولى من «الربيع العربي» في البحرين ومصر واليمن وليبيا وسوريا والأردن، قناعة منها بأن تلك الاحتجاجات ليست سوى مشروع مخابراتي للقضاء على العالم العربي.
ثانياً.. استكمال مشروع تقسيم الدول العربية الباقية وتحويلها الى عالم مختلط من بلدان متعددة الأعراق والديانات.
ثالثا.. الانتهاء من الجائزة الكبرى وهي السعودية هنا، التي لطالما كانت عقبة أمام تنفيذ مخططاتهم وأجنداتهم، ولم تنخرط أبداً في مشاريعهم، وتحويلها لدولة فاشلة ممزقة مقسمة، وشعبها إلى مشردين ولاجئين يتسولون على أبواب العالم.
المثير أن صانعي المؤامرات في الدوحة وطهران والتنظيم العالمي للإخوان وشركاءهم في بعض أجهزة المخابرات الدولية عجزوا عن الإجابة على سؤال كبير يقول: لماذا تفشل تلك الخطط وتنهزم أمام أبواب السعوديين وصلابة وطنيتهم، ما أجبرهم على بناء سيناريو آخر يقوم على تحويل الهجوم إلى الشعب وتشويهه والانتقاص منه ودفعه للخجل من نفسه أمام العالم لإحداث انهيار أو خلخلة في بنيته.
هذه الخطة تقودها قطر بالذات، كونها أكثر الدول استثماراً في الشارع السعودي الذي فاجأها أنها خرجت لوحدها للاحتجاج عبر قنواتها ومنصاتها الإعلامية المزورة، بينما بقي مؤمناً بشرعية نظامه مقتنعاً بالحفاظ عليه.
* كاتب سعودي
يقول رجل الأعمال أن لا أحد في بيت الرئيس ولا جهاز الأمن كان يتخيل ما سيقع من أحداث جسام في الساعات والأيام التي تلت، فالجميع استخف بها ووضعها في نطاق متواضع، هم لم يكونوا قد عرفوا أنها احتجاجات مصنوعة ومنسق لها، تم تعلمها على مدى سنوات في معسكرات ومنتديات ومؤتمرات، ويتم دعمها بما يسمى الضخ الإعلامي عالي الكثافة وواسع النطاق، الذي يتمكن من قيادة الجماهير دون وعي منها لتنفيذ أجندة مشروع معين يؤيده ذلك الإعلام.
بالطبع كانت الدعوات مزورة، ترفع قميص الشاب المصري «خالد سعيد» وتطلب من الناس الخروج في مظاهرات احتجاجاً على قتله، وهو لمن لا يعرفه شاب كان قد قضى قبل سنوات من تلك المظاهرات نتيجة لتناوله كمية كبيرة من المخدرات وهو في قبضة الأمن المصري، إلا أن تنظيم الإخوان هدف لتحويله إلى أيقونة للثورة كما البوعزيزي في تونس.
اندفعت الجماهير المصرية في غير وعي منها وكأنها تذهب لانتحار جماعي كاد يودي بمصر إلى حرب أهلية لولا عناية الله واسترداد الشارع المصري لوعيه في 30/6/2013، لقد تحولت مطالب الجماهير من خالد سعيد إلى لقمة العيش ثم رحيل الرئيس وانتهت بتمكن الإخوان من الانقلاب على المشهد والاستيلاء على السلطة إثر انتخابات هزلية فاز فيها شفيق وأجبرتهم إدارة أوباما على تغيير النتائج لصالح مرسي العياط.
السؤال الكبير ماذا لون أن السعوديين استجابوا كما الليبيين والسوريين واليمنيين والمصريين لتلك الدعوات المخطط لها بعناية وخرجوا فيما يسمى ثورة حنين، أو ما تلاها من مواعيد فاشلة وحوادث مصنوعة؟
انظروا فقط للحملات الإعلامية غير المسبوقة التي تلت اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي عن الأنظار قبل أسبوعين، وهي حملة «إعصارية» لم يمر في تاريخ الإنسانية الحديث شبيه لها، لا في حجمها ولا في إتقانها ولا في زخمها ولا في تزوير صناعة المحتوى الذي أغرق المتلقين بمعلومات مضللة وأجبر العديد منهم على الاستسلام لها.
قصة مخابراتية بامتياز أشعلت الإعلام وغذته ليتحول من متابع للخبر إلى صانع منحاز لقصص وهمية غير حقيقية الهدف النهائي منها تجريم السعودية وابتزازها واستسلامها إن أمكن.
الموجة الثانية مما يسمى بالربيع العربي التي بشر بها جمال خاشقجي نفسه على شاشة الجزيرة وفي كتاباته وعبر قنوات غربية عديدة، استخدمت وفي مفارقة غريبة قضية «جمال» لتحويلها إلى رافعة وشرارة تخرج الجماهير السعودية من مدنها وبيوتها الآمنة إلى الشوارع، ومع ذلك فشلوا كما كل مرة.
إخراج السعوديين كان يهدف - لو نجحوا - إلى نتائج عدة..
أولها.. الانتقام من القيادة السعودية التي تتهم بأنها أفشلت الموجة الأولى من «الربيع العربي» في البحرين ومصر واليمن وليبيا وسوريا والأردن، قناعة منها بأن تلك الاحتجاجات ليست سوى مشروع مخابراتي للقضاء على العالم العربي.
ثانياً.. استكمال مشروع تقسيم الدول العربية الباقية وتحويلها الى عالم مختلط من بلدان متعددة الأعراق والديانات.
ثالثا.. الانتهاء من الجائزة الكبرى وهي السعودية هنا، التي لطالما كانت عقبة أمام تنفيذ مخططاتهم وأجنداتهم، ولم تنخرط أبداً في مشاريعهم، وتحويلها لدولة فاشلة ممزقة مقسمة، وشعبها إلى مشردين ولاجئين يتسولون على أبواب العالم.
المثير أن صانعي المؤامرات في الدوحة وطهران والتنظيم العالمي للإخوان وشركاءهم في بعض أجهزة المخابرات الدولية عجزوا عن الإجابة على سؤال كبير يقول: لماذا تفشل تلك الخطط وتنهزم أمام أبواب السعوديين وصلابة وطنيتهم، ما أجبرهم على بناء سيناريو آخر يقوم على تحويل الهجوم إلى الشعب وتشويهه والانتقاص منه ودفعه للخجل من نفسه أمام العالم لإحداث انهيار أو خلخلة في بنيته.
هذه الخطة تقودها قطر بالذات، كونها أكثر الدول استثماراً في الشارع السعودي الذي فاجأها أنها خرجت لوحدها للاحتجاج عبر قنواتها ومنصاتها الإعلامية المزورة، بينما بقي مؤمناً بشرعية نظامه مقتنعاً بالحفاظ عليه.
* كاتب سعودي