الحمد لله الحنان المنان، ذي المنعة والسلطان وأصلي وأسلم على نبينا محمد النبي الإنسان، سيد الثقلين من إنس وجان وعلى آله وصحبه في كل حين وآن.
نحمده تعالى الذي جعل الموت آية وجعل الحياة رحلة. جعل الموت عظة وجعل الحياة فتنة وابتلاء.
«الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور».
ما إن نفيق من صدمة حتى ندخل في أخرى، وما إن نحمد الله ونسترجع لفقد عزيز إلا ونعى الناعي رحيل حبيب آخر. هكذا هو قطار الموت الذي لا يكف عن الرحيل بلا توقف فهو يسير وعلى ضده الحياة تسير.
إن كنا ننعى أناسا قد سبقونا إلى الملكوت، فإننا ننعى فيهم أنفسنا الحزينة لفقدهم المشتاقة إليهم، وننعى فيهم كريم الخصال وحسن المعاشر ونفوسا عالية تدثرت بالتراب.
ونستقي من رحيلهم المر العبر تلو العبر بأن لا كبير على الموت.
اليوم تماوجت في خاطري الحروف وتخاذلت عني الكلمات وفاضت عيناي دمعا هتونا وانهالت علينا التعازي في البعثة السودانية بجنيف من السفراء والسياسيين والجالية السودانية بجنيف، على فقد رجل إنسان نبيل بكل ما تعني الكلمة من معان. الراحل المشير عبدالرحمن سوار الذهب رحل كما عاش في هدوء وتواضع بلا ضجيج كغيمة خفيفة مسافرة ماؤها طيب وريحان طيب.
رحل سيد الزهاد والعباد في بلادي، مرسي دعائم الانتقال السلمي للسلطة والنسخة الأصلية في النقاء والصدق والالتزام. صديق الجميع كبارا وصغارا، نساء ورجالا حكومة ومعارضة. فأحبه الجميع، العوام والخواص. برحيله رحلت قامة وطنية عالية كانت محل احترام الجميع. رحلت شخصية إسلامية مرموقة تجد الاحترام. وستفقده الكثير من المحافل التي طالما تجملت بإطلالته السمحة وبكلماته الرصينة وبصوته الهادئ الرزين. فقد كان رحمه الله ذا رأي سديد وصوت مسموع وكلمة موثوقة.
واخفض جناحك للمؤمنين: هذه كانت أهم صفاته، تواضع لله فرفعه الله مكانا عليّا فلم يزده إلا مزيدا من التواضع. لم تمنعه السلطة أن يجمع بينها وبين مكارم الأخلاق والطيبة والحكمة والشهامة. وعندما تركها انصرف عنها إلى عمل الخير والدعوة ونشر قيم التسامح والتعايش ودعم المحتاجين وإغاثة المتضررين وضرب أفضل الأمثال في التواضع.
عرفته منابر الدعوة وعمل الخير في منظمة الدعوة الإسلامية، في جامعة أفريقيا العالمية، في باقة قنوات أفريقيا في منظمة الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في رابطة العالم الإسلامي، في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، في الهيئة العالمية وغيرها كثير. فقد كانت له مكانة عالية ومرموقة واحترام كبير لدى مختلف الملوك والرؤساء والمنظمات والحكومات والهيئات الدولية والإقليمية.
ما من دعوة للحوار والسلام ولمّ الشمل في داخل السودان إلا وكان المشير سوار الذهب على رأسها. وما من تكليف كلفه به فخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير إلا أداه على أفضل ما يكون. وذلك للمقبولية العالية التي يجدها من كل أبناء وبنات السودان.
بدأت معرفتي به عندما كان رئيساً للسودان وذلك في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وكنت وقتها في بعثة دراسية خارجية في المملكة المتحدة (بريطانيا) مبعوثاً من جامعة الخرطوم، كنت رئيساً لاتحاد الطلاب السودانيين بالمملكة المتحدة وأيرلندا ثم استمرت علاقتي معه في معظم المنظمات الإسلامية من بينها منظمة الدعوة الإسلامية وجامعة أفريقيا العالمية بالسودان، رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، الهيئة الخيرية العالمية وعدد من المنظمات الخيرية بالكويت، المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة بجمهورية مصر العربية (الأزهر الشريف) وغيرها.
زارنا مؤخراً في سويسرا بصحبة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في برنامج مع مجمع الكنائس العالمي فكان مصدر إعجاب الجميع لتواضعه ورزانته وحكمته، فقد تجسدت فيه قيم الدبلوماسية الراقية والدعوة الواعية، كان رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
رحم الله الراحل عبدالرحمن سوار الذهب، العابد الزاهد. رحل ولكن ستذكره أعمال الخير في كل مكان، سيذكره زملاؤه وأبناؤه في القوات المسلحة بأنه كان نعم القائد الصادق الوفي لشرف الجندية وخدمة القوات المسلحة السودانية. ستذكره دول الخليج لخدماته التي قدمها في تأسيس وتدريب جيوشها وشرطتها. سيذكره أبناء وبنات أفريقيا للمدارس التي أشرف على قيامها وتعلموا فيها. ستذكره أفريقيا للمستشفيات وآبار المياه والمؤسسات الخيرية التي أشرف على بنائها. ستذكره منابر الدعوة في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
كل هذه الصفات جعلتني واَخرين نؤسس منظمة سوار الذهب للديمقراطية والسلام وقمنا بترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام.
إني لا أزكيه على الله فإن لله في عباده شؤونا يأوي إليه من يشاء بميعاد ولكل أجل كتاب.
يا عين جودي بفيض غير إبساس
على كريم من الرجال لباس
حسن البديهة ميمون نقيبته
حمال ألوية ركاب أفراس
أقول لما أتى الناعي له جزعاً
أودى الجواد وأودى الملهم الكاسي
وقلت لما خلت منه مجالسه
لا يبعد الله منا قرب شمّاس
نسألك اللهم يا حميد يا ذا الركن الشديد أن تكرم منزله وتوسع مدخله وأن تغسله بالماء والثلج والبرد واجعل البركة في ذريته. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر اللهم لنا وله، واحشره مع زمرة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
* مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف
نحمده تعالى الذي جعل الموت آية وجعل الحياة رحلة. جعل الموت عظة وجعل الحياة فتنة وابتلاء.
«الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور».
ما إن نفيق من صدمة حتى ندخل في أخرى، وما إن نحمد الله ونسترجع لفقد عزيز إلا ونعى الناعي رحيل حبيب آخر. هكذا هو قطار الموت الذي لا يكف عن الرحيل بلا توقف فهو يسير وعلى ضده الحياة تسير.
إن كنا ننعى أناسا قد سبقونا إلى الملكوت، فإننا ننعى فيهم أنفسنا الحزينة لفقدهم المشتاقة إليهم، وننعى فيهم كريم الخصال وحسن المعاشر ونفوسا عالية تدثرت بالتراب.
ونستقي من رحيلهم المر العبر تلو العبر بأن لا كبير على الموت.
اليوم تماوجت في خاطري الحروف وتخاذلت عني الكلمات وفاضت عيناي دمعا هتونا وانهالت علينا التعازي في البعثة السودانية بجنيف من السفراء والسياسيين والجالية السودانية بجنيف، على فقد رجل إنسان نبيل بكل ما تعني الكلمة من معان. الراحل المشير عبدالرحمن سوار الذهب رحل كما عاش في هدوء وتواضع بلا ضجيج كغيمة خفيفة مسافرة ماؤها طيب وريحان طيب.
رحل سيد الزهاد والعباد في بلادي، مرسي دعائم الانتقال السلمي للسلطة والنسخة الأصلية في النقاء والصدق والالتزام. صديق الجميع كبارا وصغارا، نساء ورجالا حكومة ومعارضة. فأحبه الجميع، العوام والخواص. برحيله رحلت قامة وطنية عالية كانت محل احترام الجميع. رحلت شخصية إسلامية مرموقة تجد الاحترام. وستفقده الكثير من المحافل التي طالما تجملت بإطلالته السمحة وبكلماته الرصينة وبصوته الهادئ الرزين. فقد كان رحمه الله ذا رأي سديد وصوت مسموع وكلمة موثوقة.
واخفض جناحك للمؤمنين: هذه كانت أهم صفاته، تواضع لله فرفعه الله مكانا عليّا فلم يزده إلا مزيدا من التواضع. لم تمنعه السلطة أن يجمع بينها وبين مكارم الأخلاق والطيبة والحكمة والشهامة. وعندما تركها انصرف عنها إلى عمل الخير والدعوة ونشر قيم التسامح والتعايش ودعم المحتاجين وإغاثة المتضررين وضرب أفضل الأمثال في التواضع.
عرفته منابر الدعوة وعمل الخير في منظمة الدعوة الإسلامية، في جامعة أفريقيا العالمية، في باقة قنوات أفريقيا في منظمة الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في رابطة العالم الإسلامي، في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، في الهيئة العالمية وغيرها كثير. فقد كانت له مكانة عالية ومرموقة واحترام كبير لدى مختلف الملوك والرؤساء والمنظمات والحكومات والهيئات الدولية والإقليمية.
ما من دعوة للحوار والسلام ولمّ الشمل في داخل السودان إلا وكان المشير سوار الذهب على رأسها. وما من تكليف كلفه به فخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير إلا أداه على أفضل ما يكون. وذلك للمقبولية العالية التي يجدها من كل أبناء وبنات السودان.
بدأت معرفتي به عندما كان رئيساً للسودان وذلك في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وكنت وقتها في بعثة دراسية خارجية في المملكة المتحدة (بريطانيا) مبعوثاً من جامعة الخرطوم، كنت رئيساً لاتحاد الطلاب السودانيين بالمملكة المتحدة وأيرلندا ثم استمرت علاقتي معه في معظم المنظمات الإسلامية من بينها منظمة الدعوة الإسلامية وجامعة أفريقيا العالمية بالسودان، رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، الهيئة الخيرية العالمية وعدد من المنظمات الخيرية بالكويت، المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة بجمهورية مصر العربية (الأزهر الشريف) وغيرها.
زارنا مؤخراً في سويسرا بصحبة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في برنامج مع مجمع الكنائس العالمي فكان مصدر إعجاب الجميع لتواضعه ورزانته وحكمته، فقد تجسدت فيه قيم الدبلوماسية الراقية والدعوة الواعية، كان رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
رحم الله الراحل عبدالرحمن سوار الذهب، العابد الزاهد. رحل ولكن ستذكره أعمال الخير في كل مكان، سيذكره زملاؤه وأبناؤه في القوات المسلحة بأنه كان نعم القائد الصادق الوفي لشرف الجندية وخدمة القوات المسلحة السودانية. ستذكره دول الخليج لخدماته التي قدمها في تأسيس وتدريب جيوشها وشرطتها. سيذكره أبناء وبنات أفريقيا للمدارس التي أشرف على قيامها وتعلموا فيها. ستذكره أفريقيا للمستشفيات وآبار المياه والمؤسسات الخيرية التي أشرف على بنائها. ستذكره منابر الدعوة في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
كل هذه الصفات جعلتني واَخرين نؤسس منظمة سوار الذهب للديمقراطية والسلام وقمنا بترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام.
إني لا أزكيه على الله فإن لله في عباده شؤونا يأوي إليه من يشاء بميعاد ولكل أجل كتاب.
يا عين جودي بفيض غير إبساس
على كريم من الرجال لباس
حسن البديهة ميمون نقيبته
حمال ألوية ركاب أفراس
أقول لما أتى الناعي له جزعاً
أودى الجواد وأودى الملهم الكاسي
وقلت لما خلت منه مجالسه
لا يبعد الله منا قرب شمّاس
نسألك اللهم يا حميد يا ذا الركن الشديد أن تكرم منزله وتوسع مدخله وأن تغسله بالماء والثلج والبرد واجعل البركة في ذريته. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر اللهم لنا وله، واحشره مع زمرة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
* مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف