برز مع تكاثر القنوات الفضائية العربية لاسيما التجارية منها أو التي ترتبط بأحزاب سياسية أو طائفية، نوع من المحللين السياسيين الذين يستضافون في بعض تلك القنوات وقد تقدمت أسماءهم ألقابٌ فخمة حتى ليظن من يسمع تلك الألقاب أنه أمام جهابذة في السياسة الإقليمية أو العالمية، حيث يزعم كل واحد منهم أنه يملك مؤسسة عالمية للدراسات والبحوث أو مركزا عالميا أو إقليميا للتحليلات السياسية أو أنه ينتمي إلى مجموعة عمل في مجال من مجالات قياس الرأي واستنباط النتائج وتقديم حلول لجميع ما تمر به المجتمعات المضطربة أو المتخلفة أو حتى الساعية للنهوض، من أزمات وتحولات واضطرابات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية.
فإذا طلع الواحد من «محللي الغفلة» على شاشة قناة فضائية وقدم اسمه وألقابه الفخمة وبدأ يجيب عن أسئلة المذيع فإن المشاهد قد يكتشف من أول وهلة أنه أمام «طبل أجوف» يجيد رفع الصوت والتشنج ولكنه لا يستطيع تقديم أي تحليل منطقي أو جواب مسدد على ما طرح عليه من أسئلة.
بل إن بعض أولئك المحللين السياسيين أو الاقتصاديين قد يسأل سؤالٌ معين فيقدم إجابات لا علاقة لها بالسؤال من قريب أو بعيد وكأنه قد حفظ قبل اللقاء بعض الجُمل والعبارات التي أخذها من كتاب أو حفظها بعد سماعه من محللين آخرين ليرددها في لقائه الفضائي حتى لو لم يكن لها علاقة بالسؤال الموجه إليه فإذا عاد المذيع لطرح السؤال بصيغة أخرى فإنه يسمع من ضيفه «المهيب» عبارات يحفظها عن ظهر قلب فلا يجد المذيع بداً من إنهاء اللقاء مع المحلل «المقلب» معتذراً بأن وقت اللقاء قد انتهى لارتباطه بالأقمار الصناعية، وببقية مواد النشرة أو البرنامج الذي استضاف ذلك «العلة»!
وأعجب ما في هذا الأمر.. والعجائب جمة أن هذا النوع من المحللين السياسيين والاقتصاديين يجدون من يستضيفهم على الرغم من تأكد الفضائيات ومشاهديها أنهم أمام طبول فارغة وأن ما يدعونه من امتلاك لمراكز بحوث أو مؤسسات إعلامية أو سياسية متخصصة في مجالات الدراسة والتحليل، لا يعدو كونها غرفة مستأجرة في بناية أو دكان في شارع فرعي أو زاوية من سكنه الخاص ولكنه لجذب الانتباه نحوه فإنه يسمي تلك «العزبة» الصغيرة الحقيرة باسم فخم ضخم ليشتق من ذلك الاسم لقباً كبيراً يتقدم اسمه، فإذا استضيف في فضائية فإن اسمه ولقبه العريض يملأ شاشة الفضائية قبل أن يكتشف المذيع والمشاهد أنه أمام شخص ضحل الثقافة يردد الكلمات والعبارات مثل الببغاء فلا يخرج من يستمع إليه بجملة مفيدة واحدة.
ومن التجارب التي مرت عليّ شخصياً خلال عملي برابطة العالم الإسلامي أن أحد عرب المهجر أقنع مدير مكتب إحدى المنظمات وهو من وطنه بإعطائه غرفة صغيرة في المكتب فأعطاه الغرفة فكتب عليها عبارة تدل على أنه المسؤول عن جميع المسلمين في ذلك البلد الأوروبي وعددهم نحو ستة ملايين وأن تلك الغرفة «منظمة فيدرالية» لأولئك المسلمين وأعطى نفسه لقب الأمين العام للفيدرالية وطبع أبواكاً باسم الفيدرالية المزعومة فأصبح يتلقى دعوات لحضور المؤتمرات الإسلامية على نطاق واسع في القارات الخمس ويستضاف في الفنادق الفخمة مع أنه الوحيد في ذلك المكتب وعندما علم المسؤولون في المنظمة الأم بالأمر أمروا بإخراجه من المكتب، فخرج ولكن بعد أن أصبح يملك من الأموال ما يكفي لاستئجار غرفة أو غرفتين في مبنى آخر مستمراً في تقديم نفسه للصحف والفضائيات والمنظمات المستضيفة بأنه المسؤول الأول عن ملايين المسلمين.. ولله في خلقه شؤون!
* كاتب سعودي
فإذا طلع الواحد من «محللي الغفلة» على شاشة قناة فضائية وقدم اسمه وألقابه الفخمة وبدأ يجيب عن أسئلة المذيع فإن المشاهد قد يكتشف من أول وهلة أنه أمام «طبل أجوف» يجيد رفع الصوت والتشنج ولكنه لا يستطيع تقديم أي تحليل منطقي أو جواب مسدد على ما طرح عليه من أسئلة.
بل إن بعض أولئك المحللين السياسيين أو الاقتصاديين قد يسأل سؤالٌ معين فيقدم إجابات لا علاقة لها بالسؤال من قريب أو بعيد وكأنه قد حفظ قبل اللقاء بعض الجُمل والعبارات التي أخذها من كتاب أو حفظها بعد سماعه من محللين آخرين ليرددها في لقائه الفضائي حتى لو لم يكن لها علاقة بالسؤال الموجه إليه فإذا عاد المذيع لطرح السؤال بصيغة أخرى فإنه يسمع من ضيفه «المهيب» عبارات يحفظها عن ظهر قلب فلا يجد المذيع بداً من إنهاء اللقاء مع المحلل «المقلب» معتذراً بأن وقت اللقاء قد انتهى لارتباطه بالأقمار الصناعية، وببقية مواد النشرة أو البرنامج الذي استضاف ذلك «العلة»!
وأعجب ما في هذا الأمر.. والعجائب جمة أن هذا النوع من المحللين السياسيين والاقتصاديين يجدون من يستضيفهم على الرغم من تأكد الفضائيات ومشاهديها أنهم أمام طبول فارغة وأن ما يدعونه من امتلاك لمراكز بحوث أو مؤسسات إعلامية أو سياسية متخصصة في مجالات الدراسة والتحليل، لا يعدو كونها غرفة مستأجرة في بناية أو دكان في شارع فرعي أو زاوية من سكنه الخاص ولكنه لجذب الانتباه نحوه فإنه يسمي تلك «العزبة» الصغيرة الحقيرة باسم فخم ضخم ليشتق من ذلك الاسم لقباً كبيراً يتقدم اسمه، فإذا استضيف في فضائية فإن اسمه ولقبه العريض يملأ شاشة الفضائية قبل أن يكتشف المذيع والمشاهد أنه أمام شخص ضحل الثقافة يردد الكلمات والعبارات مثل الببغاء فلا يخرج من يستمع إليه بجملة مفيدة واحدة.
ومن التجارب التي مرت عليّ شخصياً خلال عملي برابطة العالم الإسلامي أن أحد عرب المهجر أقنع مدير مكتب إحدى المنظمات وهو من وطنه بإعطائه غرفة صغيرة في المكتب فأعطاه الغرفة فكتب عليها عبارة تدل على أنه المسؤول عن جميع المسلمين في ذلك البلد الأوروبي وعددهم نحو ستة ملايين وأن تلك الغرفة «منظمة فيدرالية» لأولئك المسلمين وأعطى نفسه لقب الأمين العام للفيدرالية وطبع أبواكاً باسم الفيدرالية المزعومة فأصبح يتلقى دعوات لحضور المؤتمرات الإسلامية على نطاق واسع في القارات الخمس ويستضاف في الفنادق الفخمة مع أنه الوحيد في ذلك المكتب وعندما علم المسؤولون في المنظمة الأم بالأمر أمروا بإخراجه من المكتب، فخرج ولكن بعد أن أصبح يملك من الأموال ما يكفي لاستئجار غرفة أو غرفتين في مبنى آخر مستمراً في تقديم نفسه للصحف والفضائيات والمنظمات المستضيفة بأنه المسؤول الأول عن ملايين المسلمين.. ولله في خلقه شؤون!
* كاتب سعودي