أكد وزير التعليم لـ «عكاظ» أن الوزارة لا تتدخل في زي الطالبات في الجامعات، فمن غير المناسب أن يفرض لبس معين على الطالبة وأن الأمر متروك لكل جامعة بما تراه مناسباً. ولا يعني الترك أن يكون لكل جامعة أن تفرض زياً معيناً أو شكلاً محدداً أو لوناً دون غيره فالمسألة حسمها الشرع الحنيف، وقد أصاب الدكتور العيسى القول في ما ذهب إليه، اعتماداً على قاعدة فقهية إسلامية عريضة أن الأصل في كافة العبادات (الوقف) بمعنى أنه لا يصح أداء أي عبادة الا بمستند شرعي ونص واضح صريح فكل عبادة يؤديها الإنسان يكون لها أصل في شرع الله. بعكس العادات فالأصل فيها الإباحة لا يحرم منها إلا ما حرمه الله، فالأصل فيها كما يقول (ابن تيمية) هو العفو أي الإباحة فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله فالناس يأكلون ويشربون ويلبسون كيف شاؤوا ما لم تحرمه الشريعة، فالأصل عدم التحريم ومن ادعاه احتاج إلى دليل، مؤكداً أن الأصل في جميع العادات أن تكون حلالاً مطلقاً يقول تعالى «وقد فصل ما حرم عليكم»، بداية كل عام دراسي يدور النقاش والأخذ والرد في ما تلبسه المرأة في الجامعة والمدرسة ونقرأ أن بعض الجامعات والمدارس تلزم طالباتها ومنسوباتها بملابس وعباءات لها نوع ولون وشكل محدد لا يجب تجاوزه. فجامعة القصيم مثلاً فرضت زياً مخصصاً ترتديه الطالبة والمعلمة في الجامعة، وقد فوجئت طالبة تدرس في هذه الجامعة بقرار يقضي بمحاسبتها بتهمة ارتداء ملابس ذات أكمام قصيرة أفضت إلى ظهور (كوعها) مما اعتبرته الجامعة تبرجاً تحاسب عليه، وقالت الفتاة «أنا داخل الحرم الجامعي بين زميلاتي، لا وجود لأي اختلاط، وارتداء ملابس ذات أكمام قصيرة في ظل الأجواء الحارة لا يعتبر مخالفة يعاقب عليها»، والسؤال الذي يطرح نفسه ما المقصود (بالتبرج) وهل جاء النهي عنه على إطلاقه من غير قيود ولا ضوابط ولا حتى اعتبار لمقاصد الشريعة منه. إن الذي عليه أهل العلم أن التبرج لا يتحقق إلا في حضرة رجال أجانب والمقصود بالأجنبية عن الرجل هي كل امرأة يحل له نكاحها حالاً أو مستقبلاً بعد زوال المانع المؤقت. فيحظر على المرأة ابداء بدنها للأجنبي، وعلى مذهب الجمهور أن بدن المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها. فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر (الوجه عورة) فالعورة أمر مستقبح في شرع الله (فالعورة) في اللغة تعني النقصان والشيء المستقبح وهي سوأة الإنسان أي قبله ودبره وكل ما يستحي منه فالصورة إذا ذكرت انطلق المعنى تلقائياً إلى القبل والدبر كما في قوله تعالى «ليواري سوءاتهما»، فإطلاق لفظ العورة على الوجه فيه معانٍ مستقبحة لا تستقيم مع العقل لذا يجب أن تختفي من أدبياتنا وتحذف من نصوصنا ولغة خطابنا التي سادت في فترة الصحوة وحوت كلمات تنقص من قيمة المرأة ومكانتها في المجتمع، فكشف العورة من المنكرات التي عرفها آدم وحواء بالفطرة فبادرا إلى سترها بورق الجنة، فوجه الإنسان مما كرمه الله وعظمة فلا يصح أن نطلق عليه عورة وقد منع الله المرأة أن تغطي وجهها في عباداتها فكيف يتعبد الله عبادة بكشف عوراتهم! أما الأصل في لون اللباس الذي تلبسه المرأة فهو الإباحة على إطلاقها؛ لذا لا يجوز أن نلزم المرأة بلون معين لعباءتها وما ترتديه ونقول إن هذا اللون هو لون شرعي وغيره محرم، فقد أباح عليه الصلاة والسلام للمرأة أن تلبس الأسود والأخضر والأحمر والأبيض والأصفر. كما في حديث أم خالد التي كساها الرسول بثوب أسود وقال لها «أبلي وأخلقي»، وكان فيه اللون الأخضر والأصفر أيضاً. وكما في حديث زوجة رفاعة التي رأتها عائشة وعليها خمار أخضر مما دل على جواز لبسه. حتى اللون الأحمر مباح لبسه للنساء كما في حديث ابن عمر وكما قال نبي الرحمة لعمرو بن شعيب اكسِ بها أهلك وكان لونه أحمر، وحتى اللون الأصفر أجازه نبي الرحمة للمرأة، وكل هذه المرويات وردت في صحيح البخاري ومسلم. فمن أين يأتي البعض ويتشدد بالزام النساء بلون معين ويجعل من العادة عبادة. أن الإسلام قد حدد العورات وأبان الحلال من الحرام والعادة من العبادة، وللألباني كتاب اسمه «جلباب المرأة المسلمة» فيه البيان الشافي والشرعي لما يهم المرأة وقد ارتضيناه كميزان لصحة الحديث فنقول رواه البخاري وصححه الألباني. الشرع الحنيف حسم مثل هذه الأمور فلا نضيع الوقت والجهد فيها ونحن نحتاج كل دقيقة لتطوير العملية التعليمية لمقابلة رؤية 2030.
* كاتب سعودي
* كاتب سعودي